آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 10:02 م

اقتلاع الجذور

كمال أحمد المزعل * صحيفة اليوم

قبل أسابيع رغبت في إعادة زراعة حديقة المنزل بالنجيلة، كان لا بد من اقتلاع النجيلة السيئة، وكلفت أحد العمال بذلك، بعد أيام ظهرت من جديد، العامل غير الخبير لم يقتلعها من جذورها فظهرت مجددا.

إن حادثة الحسينية الحيدرية بسيهات في محافظة القطيف الأسبوع الماضي، تشير إلى أن الإرهاب لن يتوقف إلا إذا اقتلع من جذوره. طبقت الدولة برنامجا للمناصحة غير مسبوق في التعامل مع الإرهابيين، كفكرة كان من أرقى الأفكار، تراجع بعض من تخرج منه، إلا أنه لا يمكن أن نبخس البرنامج حقه على الإطلاق، وإذا كان هناك خلل فهو في التطبيق فقط، البرنامج يتعامل مع الإرهاب بعد حدوثه، وما يهمنا هو التعامل معه قبل حدوثه، عبر اقتلاع جذوره كما يتم اقتلاع جذور النجيلة السيئة، فالوطن على المحك وأمنه وأمن ابنائه كذلك، ولا يوجد مبرر للتردد في اتخاذ قرار تجاه مسألة يُشمُ منها رائحة دعم الإرهاب، والفئة الضالة أعلنت بصراحة أنها ستستهدف رجال الأمن والشيعة تحديدا، من أجل إقامة دولتهم المزعومة - وأنى لهم ذلك - فرجال الأمن حصن حصين لم يستطيعوا استهدافهم إلا غيلة وفي حالات فردية محدودة جدا، إضافة إلى حادث واحد في أحد مساجد إحدى الجهات العسكرية، فالطريق أمامهم مسدود، بل إن رجال الامن اصبحوا يستهدفونهم ويصطادونهم بين يوم وآخر، فبقيت لهم الحلقة الأضعف وهي الثانية، فنراهم يستهدفونها بين فترة وأخرى، مسجد هنا وحسينية هناك في محاولة لايقاع اكبر قدر ممكن من الخسائر، وهو منفذ أولي يريدون من خلاله تقويض الأمن بالبلد، ومن ثم مواجهة كافة شرائح المجتمع، تماما كما نراهم يفعلون في دول قريبة منا، دون ان يستثنوا أحدا، حتى رفقاء سلاحهم، ناهيك عن عامة الناس، سعيا وراء اهدافهم الخبيثة. ومن أجل سد هذا المنفذ؛ علينا أن نتكاتف جميعا، ولا يعتبر البعض أن الأمر يخص مكونا دون آخر، ولعل من أبرز صور التكاتف الوقوف في وجه التحريض والمحرضين بكل شجاعة.

إننا نتعامل مع القضايا الاجتماعية في بلادنا مشيرين دائما إلى ضرورة تكاتف ثلاث جهات، المدرسة، البيت، والاعلام،، لذا علينا أن نفعل هذه الجهات الثلاث أيضا، في تعاملنا مع الإرهاب، ويمكن ان نشير الى نقاط في هذا الاطار. أولا: تنقية الكتب المدرسية مما تبقى منها من شبهة تسيء للوحدة الوطنية، وقد تكون منفذا للفئة الضالة يغررون بها شبابنا، مع الإشارة إلى أن الدولة قامت بدور كبير في هذا الإطار، ولعل هناك حاجة إلى تكملة هذا الدور وتنقية هذه الكتب مرة أخرى. ثانيا: هناك حاجة لتوفير العديد من المواد الدراسية التي تنمي حالة احترام الآخر ولغة الحوار والتسامح والعفو ونبذ العنف والتفرقة بين أبناء الوطن بمختلف أنواعها وأشكالها، إضافة إلى التأكيد على الوحدة الوطنية باعتبار الجميع شركاء في هذا الوطن. ثالثا: التنبه إلى دور المدرس حتى لا يتجاوز حدوده وحدود الكتب المدرسية إلى مواضيع تؤدي إلى التفرقة، ومحاسبة من يقوم بهذه التجاوزات. رابعا: ضرورة التنبه إلى إعلام الفتنة خاصة الإعلام المرئي، وغيرها من منابر الإعلام على أساس أن التجاوز ضد أبناء الوطن والمواطنين خط أحمر لا يجوز بأي حال من الأحوال. خامسا: المنزل ورب المنزل يتحمل مسئولية كبرى في هذا الإطار، فهو المراقب الأول لحركة ابنائه وهم تحت مسئوليته المباشرة. حفظ الله هذا البلد وقادته من كل مكروه، ورد كيد الأعداء إلى نحورهم.

سيهات - عضو مجلس بلدي سابق - راعي منتدى سيهات الثقافي