كيف تنجو بنفسك..!
عندما تشتد العواصف وتتسارع وتيرة الأحداث، يصبح البحث عن السلام الداخلي أشبه برحلة نحو النجاة. إنه ملاذ الإنسان الأخير أمام تسونامي القلق والضغوط النفسية التي تحاصره من كل جانب.
لسنا بحاجة لأن نبحث بعيدًا عن هذا السلام، فهو قريب منا كقرب النفس من الجسد. لكنه، رغم قربه، صار مفقودًا في زحمة الانفعالات، حتى غدا الإنسان مستعدًا أن ينفق أغلى ما يملك ليسترجع لحظات السكينة والطمأنينة.
السلام الداخلي حق لكل فرد، لكنه لا يُمنح اعتباطًا بل يُنتزع بالوعي والمسؤولية. فكثيرون ممن أضاعوا سلامهم، فعلوا ذلك حين التصقوا بكل ما يعكر صفو حياتهم من غضب وأحقاد. إنها خيانات يومية للنفس، تتم غالبًا دون وعي.
العفو عن الآخرين في عالم متوتر كالذي نعيشه هذه الأيام، بات حاجة شخصية أكثر منها مكرمة اجتماعية. العفو ليس ضعفًا بل حماية للذات من سموم الغضب. في العفو شجاعة، وفي تجاهل الصغائر حكمة، وفي تجاوز الألم انتصار للنفس.
التصالح مع الذات ومع رواسب الماضي لم يعد أمرا من قبيل الرفاهية بل ضرورة. التشبث بجراح الأمس يكبل الحاضر ويعيق المستقبل. دع الماضي يمضي، وسلم للحاضر، وازرع يقينًا بأن الغد يحمل الخير لمن أعد قلبه لاستقباله.
الإيمان النظري بالسلام لا يكفي. لا بد أن نجعل من السكينة عادة يومية، في كلماتنا، في تعاملاتنا، في ردود أفعالنا. التحكم في الكلمات، واختيار الأنسب منها، يصنع بيئة نفسية محصنة ضد صخب العالم.
في زمن الفوضى، لا شيء يحميك أكثر من قدرتك على خلق مساحة داخلية آمنة. حين تصبح سيد نفسك وسيد مشاعرك، لن يهزمك أحد، مهما كانت رياح الحياة عاتية. التغيير يبدأ من الداخل، وسلامك الداخلي هو البداية الحقيقية.