آخر تحديث: 1 / 7 / 2025م - 6:52 م

خطباؤنا ودورهم المحوري

جمال حسن المطوع

الخطباء لهم دور محوري في توصيل المعلومة، سواء كانت أحداثًا تاريخية أو ثقافية أو حديثية، حيث تشمل جوانب متعددة ومختلفة من التقاليد والأدبيات والأخلاقيات والسرديات التي تتطلب جهدًا واطلاعًا واسعًا، ينال بها ثقة المستمع الذي أتاحت له اليوم مواقع التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي الوصول إلى المراد معرفته والتحقق منه، وهل هذا يتطابق مع ما يطرحه الخطيب عندما يواجه به المستمعين؟ وهل تحقق من ذلك عند رجوعه إلى المصادر التي نقل عنها وتثبت منها، والتي لا يكون فيها مجالٌ للتصادم المعرفي والمعلوماتي؟ فهذا يعطي انطباعًا من التشويش وخلق جوٍّ من عدم الثقة والارتباك، خاصة في الأحداث والأمور التاريخية التي لها وجوهٌ متعددة في النقل وقوة صحتها، لأن الملاحظ أنّ بعض الرواة لا يدققون في صحة الحديث من عدمه، مما يخلق جوًّا من الضبابية عند المتلقي، فيبدأ التساؤل المنطقي في عدم الاستساغة لصعوبة تقبلها والإيمان بها، وهو يراها من الخوارق غيرِ الطبيعية والمنطقية، بينما تسلسل الأحداث التراكمي ينبئ بعكس كل ذلك.

فهناك من الرواة من يبالغون في نقل الحدث لإعطائه زخمًا غير اعتيادي، أو يشير إلى وقائع غير مبنية على أصول ثابتة ليخلط الحابل بالنابل، فيقع المتابع في حيرةٍ من أمره، ويسوده جوٌّ من عدم اليقين. ولا ننكر في نفس الوقت أنّ هناك من الباحثين والرواة من يفحص ويدقق بعنايةٍ فائقة، قصده إيصال المعلومة الروائية والحديثية الصحيحة بعد أن أشبعها فحصًا وتدقيقًا وغربلةً منهجية واستقرائية، حتى ينقلها وهو في تمام الشفافية، قاصدًا بها وجه الله ورفع الغشاوة عن من يتبناها ويطلق لنفسه العنان كي يثير بها عواطف الناس ويدغدغ مشاعرهم، ونسي أو تناسى أنه مسؤول أمام الله سبحانه ورسوله ﷺ أن ينقل الحقيقة كما هي، من دون رتوش أو إثارة. وكما قيل: أراد أن يُكحلها فأعماها، متناسيًا القاعدة التي بناها وشيدها ونطق بها الإمام الصادق عندما قال: «اعرضوه على القرآن، فإن وافقه، وإلّا فاضربوا به عرض الجدار».

هذه هي القاعدة الأساسية لقبول الحديث عند أهل البيت ، فإذا كان الحديث متوافقًا مع القرآن الكريم فهو مقبول، وإذا كان مخالفًا له فيجب رفضه. قاعدةٌ وضعت الأسس لكي يتبناها كل ذي لُبٍّ وحصيف، وخطباؤنا الكرام سيضعون، بلا شك ولا إشكال، نصب أعينهم هذه الالتفاتة بأريحيةٍ تفاعلية، وهم أولى الناس بنهجها والسير على هُداها.