آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 12:28 م

التفكر.. حياة

رضي منصور العسيف *

قال الإمام الحسن : ”عليكم بالفكر، فإنه حياة قلب البصير، ومفاتيح أبواب الحكمة“ [1] .

هذا الحديث يحمل في طياته معاني عميقة تتعلق بأهمية التفكر في حياة الإنسان، سواء على المستوى الروحي أو العقلي أو السلوكي. ولتحليل هذا القول الشريف، يمكن تقسيمه إلى عناصر أساسية:

1. أهمية الفكر في الإسلام

الإسلام دعا الإنسان إلى التأمل والتفكر في كل شيء، بدءًا من خلقه ووجوده، مرورًا بالكون وعجائبه، وانتهاءً بأفعاله وتصرفاته. وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تحثّ على التفكر، مثل:

﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ «آل عمران: 190».

هذه الآية تدل على أن الفكر هو طريق الإنسان للوصول إلى الحقيقة، وفهم أسرار الكون، واتباع الطريق الصحيح في الحياة.

2. ”الفكر حياة قلب البصير“

أ» المقصود بـ ”القلب البصير“

في المفهوم الإسلامي، القلب ليس مجرد عضو جسدي، بل هو مركز العقل والإدراك والروح.

”البصير“ هو الشخص الذي يمتلك رؤية ثاقبة، ويفهم الأمور على حقيقتها.

إذن، ”القلب البصير“ هو العقل الواعي الذي يدرك حقائق الحياة ويستوعب دروسها.

ب» الفكر يحيي القلب البصير

الإنسان الذي يستخدم الفكر والتأمل يعيش حياة واعية، بينما الذي يعيش بلا تفكر يكون كالميت، حتى لو كان يتحرك جسديًا.

الفكر يساعد الإنسان على تجاوز الغفلة والجهل، مما يجعله أكثر وعيًا بذاته وبالكون من حوله.

كما أن القلب البصير لا يقتصر على الإدراك العقلي فقط، بل يشمل الفهم الروحي، مما يرفع الإنسان إلى مراتب الحكمة.

3. ”الفكر مفاتيح أبواب الحكمة“

الحكمة ليست مجرد معرفة، بل هي الفهم العميق للأمور، والقدرة على التصرف الصحيح في المواقف المختلفة.

الفكر هو المفتاح الذي يفتح أبواب الحكمة، لأن الإنسان عندما يتفكر في أمور حياته يستخلص العبر، ويتعلم كيف يميز بين الصواب والخطأ.

بدون تفكر، يبقى الإنسان محدود الفهم، ويقع في الأخطاء بسهولة، بينما الشخص المفكر يستطيع استباق الأحداث واتخاذ قرارات حكيمة.

4. مجالات التفكر التي تؤدي إلى الحكمة

الإمام الحسن لم يحدد مجالًا معينًا للتفكر، مما يعني أن الإنسان مطالب بالتفكر في كل الجوانب التي تؤثر على حياته، ومنها:

1. التفكر في خلق الله: مما يزيد الإيمان واليقين بعظمة الله.

2. التفكر في النفس: ”من عرف نفسه فقد عرف ربه“، وهذا يقود إلى تهذيبها وتطويرها.

3. التفكر في أفعال الإنسان: لمحاسبة النفس وتصحيح الأخطاء.

4. التفكر في التاريخ وسير الأمم: لأخذ العبر والدروس من تجارب الآخرين.

5. التفكر في آيات القرآن: لفهم المعاني العميقة والتوجيهات الإلهية للحياة.


[1]  أعلام الدين ص 297
كاتب وأخصائي تغذية- القطيف