آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 7:17 ص

بانكوك.. عاصمة الحياة النابضة بين العلاج، التسوق، والاستكشاف!

عبد الله العوامي *

بانكوك: بين رحلة العلاج والترانزيت

هناك مدن تأسر زائريها بجمالها الطبيعي، وأخرى تبهرهم ببنيتها التحتية وتطورها العمراني، لكن بانكوك تمتلك سحرًا مختلفًا؛ إنها مدينة تنبض بالحياة، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، وتمتزج الثقافة العريقة بروح الحداثة الصاخبة. بين ناطحات السحاب والمعابد التاريخية، وبين الأسواق التقليدية والمجمعات التجارية الفاخرة، تشكل بانكوك لوحة متكاملة من التنوع، تجعل كل زيارة تجربة فريدة لا تُنسى.

سنحت لي فرصة زيارتها مرتين، إحداهما لمرافقة أخي الأكبر في رحلة علاجية خلال السنة الأخيرة من جائحة كورونا، والأخرى كمحطة ترانزيت قصيرة في طريقي إلى مدينة هانوي في أواخر شهر يناير 2025 م. وفي كلتا المرتين، ورغم قصر المدة، لمست روح هذه المدينة المفعمة بالحيوية، حيث لم تكن مجرد وجهة سياحية عابرة، بل نافذة لاكتشاف مجتمع صلب، يعمل بجد، وينافس عالميًا، دون أن يفقد بساطته وابتسامته الدائمة.

بانكوك ليست مجرد عاصمة تايلاند، بل نموذجٌ آسيويٌ للصمود والابتكار، تنافس بقوة في عالم السياحة والصناعة والخدمات الطبية، وتثبت أن التقدم ليس حكرًا على الغرب الذي يمتلك الموارد والبنية التحتية، بل هو خيارٌ لكل أمة تسعى إليه بإصرار وعزيمة. في هذا المقال، أشارككم انطباعاتي عن هذه المدينة المتألقة، بين أسواقها النابضة، ومعالمها التاريخية، ومرافقها الطبية المتقدمة، في محاولة لنقل جزء من سحرها الفريد لمن يفكر بزيارتها يومًا ما.

تجربة المطار: انسيابية مدهشة وتنظيم يفوق التوقعات

بمجرد الخروج من الطائرة والتوجه نحو كبائن الجوازات في مطار سوفارنابومي الدولي «Suvarnabhumi Airport - BKK»، تفاجأت بالحشود الضخمة من المسافرين القادمين من مختلف بقاع الأرض، مما أثار تساؤلاً حول الوقت اللازم لإنهاء الإجراءات. لكن سرعان ما تبددت مخاوفي عند رؤيتي للعشرات من كبائن الجوازات التي استقبلتنا بتنظيم مذهل وسرعة فائقة.

بعد عبور الجوازات، استمرت التجربة الناجحة في منطقة استلام الأمتعة، حيث العديد من الأحزمة الناقلة وشاشات التوجيه الواضحة التي سهّلت وصولي إلى حقيبتي في دقائق معدودة. عند بحثي في الإحصاءات، وجدت أن هذا المطار استقبل أكثر من 62 مليون مسافر خلال عام 2024، بمعدل يزيد عن 170 ألف مسافر يوميًا، وهو ما يعكس قدراته التنظيمية الكبيرة.

وما أثار إعجابي أكثر أن بانكوك تحتضن مطارًا دوليًا آخر، هو مطار دون موينج «Don Mueang International Airport - DMK»، مما يؤكد المكانة السياحية والتجارية المهمة لهذه المدينة.

تجربة المغادرة كانت كذلك في غاية السهولة والانسيابية، مع خيارات واسعة للتسوق في واحدة من أفضل وأكبر الأسواق الحرة عالميًا، وبأسعار منافسة ما يجعل هذه الاسواق خيارًا رائعًا لمن لم تتح له الفرصة لشراء الهدايا خلال رحلته. بالإضافة إلى ذلك، هناك مطاعم متنوعة تقدم وجبات شهية تجعل لحظات المغادرة الأخيرة تجربة ممتعة لا تُنسى.

بانكوك: مدينة لا تنام وتجربة فريدة من نوعها

قبل مغادرة المطار، توفرت أمامي عدة خيارات للنقل تناسب جميع الميزانيات، واخترت سيارة أجرة أوصلتني للفندق خلال حوالي 40 دقيقة وسط شوارع مكتظة ودراجات نارية تتحرك في كل الاتجاهات، لتؤكد لي أن الحياة في بانكوك لا تتوقف أبدًا.

استقبلني طاقم الفندق بابتسامة دافئة، عكست لطف الشعب التايلندي وضيافته المميزة. بعد استراحة قصيرة، انطلقت لاستكشاف محيط الفندق، حيث وجدت الباعة الجائلين يملؤون الشوارع ويعرضون بضائع متنوعة من الأطعمة الشعبية إلى الإلكترونيات والهدايا، مع ترحيب واضح واستعداد دائم للتفاوض.

ما لفت انتباهي هو التنوع الكبير في المحلات التجارية، حيث تنتشر المتاجر التي تبيع الملابس، الحقائب، والخدمات المختلفة مثل التدليك، الحلاقة، والمطاعم، وكلها تشترك في الود والاحترام تجاه السائح. ورغم سحر المدينة، كان الازدحام أمرًا لا يمكن تجاهله، فالشوارع ضيقة، والبنية التحتية محدودة، والسيارات والدراجات النارية تملأ الطرقات، مما يعكس تأثير الكثافة السكانية العالية، ويعكس أيضا حقيقة أن المدينة تضم أكثر من 10 ملايين نسمة.

ما يثير الدهشة حقًا في بانكوك أنها مدينة لا تنام، إذ يمكنك الخروج في أي ساعة، حتى في أوقات متأخرة من الليل، لتجد نفس الزخم التجاري والحيوية التي لا تنقطع، مما جعلني أتمنى لو أمتلك المزيد من الوقت لاكتشاف تفاصيلها وأسرارها.

الشعب التايلندي: ودود، محترم، ومستقل

الشعب التايلندي ودود ومبتسم بطبعه، يتميز بحُسن الاستقبال واحترام السياح، وفي المقابل، يتوقع منهم احترام عادات وتقاليد المجتمع المحلي، مثل خلع الأحذية قبل دخول بعض الأماكن، ونزع القبعات في الأماكن المقدسة، وارتداء ملابس محتشمة عند زيارة المعابد أو المحال التجارية.

يتمتع التايلنديون بذكاء تسويقي ملحوظ، حيث تُقدَّم المنتجات مع قوائم الأسعار بسرعة ووضوح، مما يُسهِّل اتخاذ قرارات الشراء على الزائرين. ورغم أن اللغة الرسمية هي التايلندية، فإن العديد من السكان في المناطق السياحية يجيدون الإنجليزية، مما يسهّل التواصل بشكل كبير.

يعيش التايلنديون وفق فلسفة“ساباي ساباي”، والتي تعني الهدوء والراحة والتوازن في الحياة، ويواجهون ضغوط الحياة بابتسامة وصبر. كما يتميزون بروح النظافة العالية، وهو ما يظهر جليًا في المرافق العامة حيث تتوفر الشطافات في المراحيض كجزء من عاداتهم.

كما يمتلك التايلنديون عزة نفس كبيرة، ويعتمدون على أنفسهم في أصعب الظروف، فنادرًا ما ترى متسولين في الشوارع. بل تجد كبار السن يعملون بكرامة واستقلالية، إما كسائقي أجرة أو بائعين في الأسواق، مما يعكس قوة إرادتهم واعتمادهم على الذات.

بانكوك: تنوع المطاعم ولذة المذاق

ما أجمل بانكوك وما أغناها بالتنوع! فهي أشبه بفسيفساء من النكهات، توفر خيارات لا تُحصى من الأطباق الشهية. تنتشر فيها المطاعم بكافة أنواعها، من عربات الطعام الشعبية التي تملأ الشوارع، إلى المطاعم الراقية التي تعكس تنوعًا ثقافيًا مذهلًا.

لا يقتصر الأمر على المطبخ التايلندي فحسب، بل يجد الزائر مطاعم هندية وعربية عديدة تقدم خيارات تلبي مختلف الأذواق، خاصة لمحبي الأطعمة الحلال. ولعشاق المأكولات البحرية نصيب كبير أيضًا، حيث يمكنهم الاستمتاع بالسمك المشوي على الطريقة السعودية «الدفتر» أو العراقية «المسقوف» بأسعار منافسة ونكهات أصيلة.

كانت تجربة الطعام في بانكوك من أروع الذكريات، فكل وجبة كانت رحلة ممتعة لا تُنسى في مدينة لا تتوقف عن إبهار زائريها.

بانكوك: متعة التسوق بين الأسواق الحديثة والشعبية

تُعد بانكوك واحدة من أبرز وجهات التسوق في آسيا، فهي تضم العديد من المراكز التجارية التي تلبي جميع الأذواق والميزانيات. ورغم أن رحلتي لم تسمح لي بزيارة جميع هذه المراكز، إلا أن التجارب التي عشتها كانت رائعة ومميزة.

في بانكوك، التسوق ليس مجرد شراء، بل مغامرة زاخرة بالألوان والتصاميم المتنوعة، وبأسعار تنافسية للغاية. والأسواق هنا لا تقتصر على المراكز التجارية الفاخرة، بل تنتشر أيضًا في الشوارع والأزقة المحيطة بالفنادق، حيث يعرض الباعة الجوالون مختلف السلع مثل الملابس والإلكترونيات والهدايا والمشغولات اليدوية.

كما تتميز المدينة بأسواقها الشعبية، التي تمزج بين البيع والتجربة الثقافية، حيث يمكن للزائر تذوق الأطعمة المحلية، واكتشاف الحرف التقليدية، والاستمتاع بالأجواء الحيوية. وتتيح الأسواق الليلية المفتوحة فرصة رائعة لاكتشاف المنتجات المحلية المتنوعة.

ملاحظة: التفاوض على الأسعار في الأسواق الشعبية أمر معتاد، ويتقبله الباعة بكل لباقة.

ولمزيد من الفائدة أعددت قائمة بأهم المراكز التجارية والأسواق الشعبية تجدها في الملحق رقم 1.

بانكوك والسياحة الطبية: تجربة متكاملة ورعاية متميزة

في رحلتي الأولى إلى بانكوك، خلال الفترة الأخيرة من أزمة كورونا، رافقت أخي الأكبر أبا حسين في رحلة للعلاج الطبيعي. خلال هذه الرحلة، لاحظت بشكل واضح المستوى الرفيع للسياحة الطبية في تايلاند، حيث تمتلك بانكوك بنية صحية متقدمة، ومستشفيات مجهزة بأحدث التقنيات، وتقدم خدمات تنافسية تجذب المرضى من جميع أنحاء العالم.

ومن أبرز النقاط التي لفتت انتباهي في تجربة السياحة الطبية في بانكوك ما يلي:

• العلاج الطبيعي جزء أساسي من الخدمات داخل المستشفيات، وليس منفصلاً عنها كما هو الحال في دول أخرى، مما يوفر متابعة متكاملة للمرضى.

• أجهزة طبية متطورة ومتنوعة بشكل كبير، تعكس مستوى التقدم التكنولوجي في القطاع الصحي.

• الاهتمام الدقيق بالتفاصيل، مثل البرك العلاجية المزودة بنظام هيدروليكي ورافعات كهربائية خاصة لمساعدة المرضى ذوي الحركة المحدودة.

• توفر خدمات الترجمة والاستقبال للمرضى الأجانب، مما يجعل التجربة أكثر راحة ويسرًا.

• خدمات نقل مخصصة بين المستشفيات ومكان إقامة المريض.

• طاقم طبي محترف يُظهر اهتمامًا كبيرًا بالاحتياجات الشخصية والطبية لكل مريض.

• برامج علاجية مكثفة ومخصصة تضمن رعاية فعالة ونتائج مرضية.

• أسعار تنافسية للغاية مقارنة بالخدمات المماثلة في أوروبا وأمريكا، ما يجعل بانكوك خيارًا مثاليًا للباحثين عن جودة عالية بتكلفة مناسبة.

من خلال هذه التجربة، تأكدت أن بانكوك ليست مجرد وجهة سياحية وترفيهية، بل هي مركز عالمي للرعاية الصحية يجمع بين التقنية العالية والخدمات الممتازة والأسعار الجذابة.

ولمزيد من الفائدة، أعددت قائمة بأبرز المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة في بانكوك، مع تفاصيل عن التخصصات العلاجية، تجدونها في الملحق رقم «2».

المعابد التاريخية والمعالم الثقافية

تحتضن بانكوك عددًا من المعالم التاريخية والثقافية البارزة، التي تمزج بين الفنون التايلاندية التقليدية، والروح الدينية، والتراث العريق. وقد سنحت لي الفرصة لزيارة بعض هذه الأماكن، مثل القصر الكبير «Grand Palace» ومعبد وات فو «Wat Pho»، حيث لفت انتباهي العدد الكبير من الزوار، لا سيما التايلنديون الذين يفوقون السياح الأجانب عددًا، في مشهد يعكس ارتباطهم القوي بثقافتهم ومعتقداتهم. تجربة زيارة هذه المعالم تترك أثرًا عميقًا، وتقدم رؤية عن عمق الثقافة والتقاليد التايلاندية. ومن أبرز هذه المعالم:

1. القصر الكبير «Grand Palace»

• أشهر معالم بانكوك السياحية، بُني عام 1782، وكان مقرًا لملوك تايلاند.

• يضم عدة مبانٍ ملكية ومعابد فخمة، من أبرزها معبد بوذا الزمردي «Wat Phra Kaew».

• يتميز القصر بزخارفه الذهبية الفاخرة وتصميمه الهندسي التايلاندي المذهل.

2. معبد وات فو «Wat Pho»

• أقدم وأكبر معابد بانكوك، يشتهر بتمثال بوذا المتكئ الضخم، المطلي بالذهب بطول 46 مترًا.

• ستجد في أحد الأماكن الخارجية للمعبد مجموعة من الصور المعلقة التي توثق لقاءات رؤساء دول وساسة مع كهنة المعبد، مما يعكس أهمية المكان وتأثيره الديني والثقافي على مستوى العالم.

• يُعتبر مهد التدليك التايلاندي التقليدي، ويضم مدرسة تدليك شهيرة.

• يضم أكثر من 1000 تمثال بوذي، ما يعزز مكانته الدينية والتاريخية.

3. معبد وات أرون «Wat Arun»

• يقع على ضفة نهر تشاو فرايا الغربية، وهو من أجمل المعابد في تايلاند.

• يشتهر ببرجه المركزي المغطى بالخزف الصيني، ويوفر إطلالات بانورامية على المدينة.

• يُعرف باسم“معبد الفجر”لجماله الساحر عند شروق الشمس.

الواجهة النهرية أسياتيك «Asiatique The Riverfront»: تجربة ساحرة

أسياتيك ذا ريفر فرونت هو واحد من أشهر المجمعات الترفيهية والتجارية في بانكوك، حيث يوفر تجربة مميزة تجمع بين التسوق، الطعام، والترفيه وسط أجواء مستوحاة من الأسواق التايلاندية التقليدية بلمسة عصرية. كل هذه العناصر تجعله وجهة متكاملة ومثالية لقضاء أمسيات لا تُنسى في قلب بانكوك.

شخصيًا، قضيت أكثر من ست ساعات في هذا المكان، لكنها مرت وكأنها لحظات، بفضل روعة الأجواء ومتعة رحلة الباخرة، مما جعل التجربة واحدة من أجمل لحظات زيارتي للمدينة. من أبرز ما يميز هذا المكان:

• إطلالة خلابة على نهر تشاو فرايا، خصوصًا عند الغروب.

• تجربة تسوق استثنائية من خلال أكثر من 1500 متجر، تعرض الملابس والهدايا التذكارية والإكسسوارات.

• مطاعم متنوعة تقدم مأكولات تايلاندية وعالمية، مع خيارات واسعة من المأكولات البحرية.

• عروض ترفيهية مميزة، مثل استعراضات مسرح كالايبسو الشهيرة، وعروض مصارعة الموي تاي التقليدية.

• رحلات نهرية فاخرة، تتيح مشاهدة أبرز معالم المدينة مثل معبد وات أرون والقصر الكبير، مع فرصة تناول عشاء فاخر مصحوبًا بالموسيقى الحية.

الجسور المعلقة في بانكوك: هندسة مبهرة ومسافات ممتدة

أثناء تجوالي في بانكوك، لفتت انتباهي الجسور المعلقة المميزة بتصاميمها الهندسية الدقيقة وامتداداتها الكبيرة، خاصة عندما توجهت إلى مطار دون موينج الدولي، حيث يبرز تخطيط البنية التحتية المتطور للمدينة بشكل واضح.

لكن الانبهار الأكبر كان خلال رحلتي إلى السوق العائم الشهير «Damnoen Saduak Floating Market»، الواقع على بُعد 100 كيلومتر جنوب غرب بانكوك، حيث قطعنا مسافة طويلة على المسار السفلي لأحد هذه الجسور. دفعني ذلك للبحث عن معلومات أكثر حول أهمية هذه الجسور وأسباب بنائها.

تعتمد بانكوك على هذه الجسور لعدة أسباب رئيسية:

1. التخفيف من الازدحام: نظرًا للكثافة المرورية العالية في المدينة.

2. التوسع الحضري: ربط المناطق الجديدة بالمدينة وتسهيل حركة النقل.

3. التكيف مع الجغرافيا المحلية: وجود العديد من القنوات المائية التي تعيق بناء الطرق التقليدية.

من أهم الجسور المعلقة في بانكوك:

1. جسر بانغ نا السريع «Bang Na Expressway» بطول 55 كم، وهو من أطول الجسور المعلقة في العالم.

2. جسر بوميبول «Bhumibol Bridge» بتصميمه المدعوم بالكوابل، ويربط بين مناطق رئيسية ويتكون من قسمين بطول 702 و 582 مترًا.

3. جسر فرا بينكلاو «Phra Pin-klao Bridge» بطول 658 مترًا يعبر نهر تشاو فرايا.

4. جسر راما الثامن «Rama VIII Bridge» يتميز بتصميمه الفريد بطول 475 مترًا.

5. جسر راما السادس «Rama VI Bridge» أول جسر للسكك الحديدية فوق النهر بطول 441 مترًا.

هذه الجسور ليست مجرد ممرات للعبور، بل هي شرايين حيوية تعكس تقدم بانكوك الهندسي وقدرتها على مواجهة تحديات النمو الحضري.

وحان وقت المغادرة… ولكن بانكوك لا تُنسى!

غادرت بانكوك حاملًا في ذاكرتي الكثير من اللحظات الرائعة، ورغم أن الزيارة كانت قصيرة، إلا أنني تعلمت منها الكثير. لم تكن بانكوك مجرد محطة عابرة أو وجهة سياحية اعتيادية، بل كانت تجربة غنية مليئة بالدروس والتأملات، حيث شاهدت عن قرب شعبًا عظيمًا يبذل كل ما في وسعه من أجل العطاء والإنتاج، ولا يستسلم للصعاب مهما كانت الظروف. شعب يمتلك روح الابتسامة والعزة، يبتعد عن الاتكال والتسول، ويختار طريق العمل بكرامة وشموخ حتى في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.

بانكوك أبهرتني بتنظيمها المميز، من مطارها الضخم الذي يستقبل عشرات الملايين من المسافرين سنويًا، إلى جسورها المعلقة التي تعكس روعة الهندسة والتخطيط الذكي. كما أدهشتني بقدرتها على دمج التراث والحداثة معًا، بين المعابد التاريخية التي تعكس الهوية الثقافية العريقة، والمجمعات الطبيبة والتجارية الحديثة التي تنافس كبرى مدن العالم.

ولكن أكثر ما لفت انتباهي وأثار إعجابي في هذه الرحلة هو الشعب التايلندي نفسه؛ فهم لم ينتظروا المعجزات من الآخرين، بل صنعوا معجزتهم الخاصة، وحولوا مدينتهم إلى وجهة عالمية للسياحة والترفيه والتجارة والسياحة الطبية، منافسين بذلك دولًا كبرى تمتلك إمكانيات هائلة. ورغم الظروف والتحديات، استطاعوا إثبات أن النجاح لا يقتصر فقط على الدول الغربية التي تملك كل المقومات، بل يمكن أن يتحقق أيضًا بالإبداع والعمل الجاد والإصرار.

وإذا كانت بانكوك قد أدهشتني رغم افتقارها إلى الجزر والشواطئ الساحلية، فما بالكم بجزر تايلاند ومدنها الساحلية الساحرة؟ عندها ربما ستجد نفسك حائرًا في اختيار مدة الزيارة: هل تكفيك أيام أم تحتاج إلى شهور؟ ومن اجل الاستفادة والاستكشاف، فقد أعددت «قائمة بأهم المدن والجزر الساحلية وتجدها في الملحق رقم 3».

تجربتي في بانكوك لم تكن مجرد رحلة سياحية عابرة، بل كانت درسًا عمليًا في الصبر، والعمل، وتحويل التحديات إلى فرص. هذه المدينة لا تكتفي بإبهارك بمعالمها، بل تترك فيك بصمة من الإلهام والإرادة.

تايلند أشبه بالنهر الذي إذا شربت منه مرة، فلا بد أن تعود إليه، لتروي عطشك للمعرفة، المغامرة، والاستكشاف. وهذا مصداق للمقولة المصرية الشهيرة:“من شرب من ماء النيل، لا بد أن يعود إليه مجددًا”، وأنا، كلي أمل بالعودة إلى تايلند مرة أخرى، ولكن هذه المرة لزيارة بعض الجزر والمدن الساحلية لاستكمال رحلتي مع هذا البلد الملهم وشعبه الذي لا يعرف المستحيل.

الملحق رقم «1»، فيما يلي قائمة بأهم مراكز التسوق والأسواق الشعبية في مدينة بانكوك:

1. مراكز التسوق الكبرى:

• سيام باراجون «Siam Paragon»: من أكبر مراكز التسوق في آسيا، يضم متاجر العلامات التجارية العالمية، وأحواض سمك عملاقة، ومرافق ترفيهية عائلية.

• سنترال وورلد «Central World»: أحد أضخم مراكز التسوق في تايلاند، يحتوي على أكثر من 500 متجر، مطاعم متنوعة، سينما حديثة، ومنطقة ترفيه للأطفال.

• مركز إم بي كيه «MBK Center»: يضم ثمانية طوابق وحوالي 2000 متجر، يوفر منتجات من الملابس والإلكترونيات والهدايا التذكارية بأسعار مناسبة.

• إيكون سيام «Icon Siam»: خامس أكبر مول في العالم، يشمل محلات فاخرة، سوق سيام المستوحى من الأسواق العائمة التقليدية، وسينما متطورة، ويقع على ضفاف نهر تشاو فرايا.

2. الأسواق الشعبية:

• سوق شاتوشاك «Chatuchak Weekend Market»: من أكبر الأسواق الشعبية عالميًا، يضم حوالي 8000 كشك في 27 قسمًا، ويستقبل نحو 200 ألف زائر يوميًا في عطلة الأسبوع، ويتميز بتنوع كبير في السلع مثل الملابس والإكسسوارات والتحف والأطعمة المحلية.

• سوق براتونام «Pratunam Market»: مركز رئيسي للملابس بالجملة والتجزئة بأسعار معقولة، مفتوح طوال اليوم مع ذروة النشاط في النهار.

• سوق باتبونغ الليلي «Patpong Night Market»: من أشهر الأسواق الليلية، يوفر الملابس والهدايا والساعات والإكسسوارات، مفتوح يوميًا من السادسة مساءً حتى منتصف الليل.

• السوق العائم تالينج تشان «Taling Chan Floating Market»: يقدم تجربة تسوق مميزة عبر القوارب التقليدية، ويوفر الفواكه الطازجة، والمأكولات البحرية، والحرف اليدوية في أجواء محلية.

3. أسواق أخرى مميزة خارج بانكوك:

• السوق العائم دامنوين سادواك «Damnoen Saduak Floating Market»: يقع في مقاطعة راتشابوري «100 كم جنوب غرب بانكوك»، وهو أشهر وأكبر سوق عائم في تايلاند، يوفر للزوار تجربة فريدة من التسوق عبر القوارب الصغيرة وسط شبكة قنوات مائية، تعكس الحياة اليومية للسكان المحليين.

• سوق سكة الحديد مايكلونج «Maeklong Railway Market»: يقع في مقاطعة ساموت سونغخرام «80 كم غرب بانكوك»، ويعتبر من أغرب الأسواق في العالم، حيث يمر قطار حقيقي عبر السوق عدة مرات يوميًا. يقوم الباعة بسحب منتجاتهم ومظلاتهم بسرعة فائقة عند اقتراب القطار، وإعادتها فور مروره، مما يجذب آلاف السياح للاستمتاع بهذا المشهد الاستثنائي، في تجربة تجمع بين التسوق والمغامرة.

الملحق رقم «2»، قائمة بأهم المستشفيات الرئيسية في مدينة بانكوك:

1. مستشفى بمرونجراد الدولي «Bumrungrad International Hospital» المعروف باسم“المستشفى الأمريكي”:

• التخصصات العلاجية: طب القلب وجراحاته، جراحة الأعصاب، علاج الأورام، طب الأطفال، الجراحة التجميلية.

• القدرة الاستيعابية: يُعد من أكبر المستشفيات الخاصة في جنوب شرق آسيا، يضم 554 سريرًا ويستقبل أكثر من 1,1 مليون مريض سنويًا من 190 دولة، ويستوعب نحو 3,000 مريض خارجي يوميًا. يتميز بخدمات المرضى الدوليين مثل الترجمة الفورية وخدمات نقل VIP من وإلى المطار.

2. مستشفى بانكوك «Bangkok Hospital»:

• التخصصات العلاجية: جراحات القلب، الطب الوقائي والفحص الشامل، جراحة الأعصاب، علاج السرطان.

• القدرة الاستيعابية: يُعتبر جزءًا من أكبر مجموعة مستشفيات في تايلاند، يضم أكثر من 650 طبيبًا و 700 ممرض، إلى جانب أخصائيين وتقنيين في مختلف المجالات الطبية.

3. مستشفى ساميتيويت سوكومفيت «Samitivej Sukhumvit Hospital»:

• التخصصات العلاجية: طب الأطفال، الجهاز الهضمي وأمراض الكبد، أمراض النساء والخصوبة، العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل.

• القدرة الاستيعابية: يتبع مجموعة ساميتيويت التي تشمل سبعة مستشفيات في تايلاند، ويعتبر فرع سوكومفيت المقر الرئيسي في بانكوك.

4. مستشفى بياويت الدولي «Piyavate International Hospital»:

• التخصصات العلاجية: جراحة العظام والمفاصل «مثل جراحة اليد واستبدال المفاصل»، الطب الرياضي، مركز متقدم للعيون والليزك، والعلاج الطبيعي والتأهيل العصبي باستخدام تقنية Hybrid Assistive Limb.

• القدرة الاستيعابية: يقدم المستشفى مرافق إضافية لإقامة ذوي المرضى مثل المطاعم والمقاهي ومتجر للزهور، إضافة إلى خدمات الترجمة للمرضى الدوليين.

5. مستشفى فيتاني «Vejthani Hospital»:

• التخصصات العلاجية: مشهور بلقب“ملك العظام”، ويقدم خدمات متقدمة في جراحة العظام والعمود الفقري، إلى جانب طب الأورام والتجميل، الأسنان، طب الأطفال، العيون، أمراض القلب، وعلاج الخصوبة.

• القدرة الاستيعابية: معتمد من مجلس الاعتماد الوطني للمستشفيات «NABH» ومجلس الاعتماد الوطني للمختبرات «NABL»، ويحتوي على حوالي 150 سريرًا.

ملحق رقم «3»، قائمة بأفضل المدن السياحية والجزر التايلاندية:

1. بوكيت «Phuket»: لؤلؤة بحر أندامان

- الموقع: جنوب تايلاند.

- شواطئ رملية بيضاء ومياه صافية.

- أنشطة بحرية متنوعة، وتسوق ومطاعم فاخرة.

2. كرابي «Krabi»: واحة المغامرات الاستوائية

- الموقع: جنوب تايلاند.

- وجهة مثالية لمحبي الرياضات المائية والتسلق.

- شواطئ جميلة مثل رايلي وآو نانغ.

3. كو ساموي «Koh Samui»: جزيرة الرفاهية والاسترخاء

- الموقع: شرق تايلاند.

- تتميز بالمنتجعات الفاخرة والشواطئ الرملية مثل شاطئ تشاوينغ.

- زيارة جزيرة كو فانغان القريبة والمشهورة بالحفلات.

4. كو فانغان «Koh Phangan»: سحر الاحتفالات والهدوء

- الموقع: بالقرب من جزيرة كو ساموي.

- شهيرة بحفلات ما يسمى بـ اكتمال القمر.

- تضم أيضًا مناطق هادئة للاسترخاء مثل شاطئ هاد يوان.

5. كو تاو «Koh Tao»: وجهة الغواصين الأولى

- أفضل موقع للغوص والغطس.

- شعاب مرجانية وحياة بحرية غنية.

- شواطئ هادئة مثل سايري «Sairee».

6. كو ليبي «Koh Lipe»: ”مالديف تايلاند“

- مياه نقية ورمال بيضاء.

- ملاذ رومانسي وهادئ.

- أماكن رائعة للغطس والاسترخاء.

- فنادق ومنتجعات جميلة مطلة على البحر.

7. كو تشانغ «Koh Chang»: جزيرة الطبيعة والمغامرات

- ثاني أكبر جزيرة في تايلاند.

- غابات مطيرة وشلالات خلابة.

- مثالية لمحبي الرحلات البيئية والمغامرات.

هذه الجزر والمدن تعكس جمال الطبيعة وتنوع الثقافة في تايلاند، وتوفر تجارب فريدة تجعل الزائر يفكر دائمًا بالعودة إليها مرة أخرى.

هذا الموضوع متوفر في مدونة فضاءات العوامي عبر نقر الرابط التالي:

https://awamispaces.net/archives/1276