آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 12:26 م

مغالاة

سوزان آل حمود *

تعتبر المغالاة من الظواهر الاجتماعية التي تتسلل إلى مجتمعاتنا وتؤثر سلبًا على القيم والعادات الأصيلة. لقد كنت جزءًا من هذا السلوك في مرحلة ما، ولم أكن أقتنع بأنني بحاجة للكتابة عنه. ولكن مع تزايد الرسائل والدعوات للتحدث عن هذا الموضوع، وجدت نفسي مضطرةً للاعتراف بالخطأ والعمل على تصحيح الوضع. المغالاة ليست مجرد سلوك؛ بل هي ثقافة تحتاج إلى تغير جذري.

وشهر رمضان شهر عظيم شهر مبارك، منَّ اللهُ به على عباده ورتب لهم عليه خيرا عظيما وفضلا كبيرا من تكفير السيئات وحط الخطايا ورفع الدرجات.

شهر رمضان، ذلك الشهر المبارك الذي جعله الله فرصة للعبادة والتقرب منه، قد تحول في بعض الأحيان إلى سباق للاستعراض والمظاهر الاجتماعية. لقد أصبحنا نشهد موائد إفطار تتنافس في البذخ، وجلابيات مبهرة للصائمين، وابتداع تقاليد مثل ”الغبقة“ التي تتجاوز الحدود المعقولة. ولكن، هل هذا ما يجب أن يكون عليه رمضان؟

وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها:

لقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تضخيم هذه الظاهرة. الصور التي تُنشر يوميًا من موائد الإفطار أو المناسبات الاجتماعية تُنشر بشكل مستمر، مما يزيد من الضغط المالي على الأسر والأزواج. تتحول الأمور إلى سباق محموم لتقديم الأفضل، مما يؤدي إلى تفشي المشاكل المالية والتوترات الأسرية.

شهر رمضان يجب أن يكون فرصة للتقرب إلى الله من خلال القرآن الكريم وذكر الله والتواصل مع الأرحام. إنه زمن للعبادة ولتجديد العهد مع النفس. فهل يُعقل أن نغفل عن هذه المعاني العميقة ونجعل تركيزنا محصورًا في الطعام والملابس؟

أدعوكم للتفكير وإصلاح الوضع:

إنه من الضروري أن نعود إلى جوهر الشهر الكريم. يجب أن تكون المغالاة في هذا العصر موضوعًا للتأمل والنقد البناء. علينا أن نسعى لإعادة رونق شهر رمضان الحقيقي من خلال تعزيز القيم النبيلة مثل التكافل الاجتماعي، والابتعاد عن الاستعراضات الزائفة. لنكن بالفعل فاعلين في البناء وليس الهدم، ونصحح من تفكيرنا وسلوكنا.

فتقديم الصدقات للفقراء والمساكين، فهم أحوج ما يكونون لذلك في رمضان. · قيام الليل، والحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من الشهر. · ذكر الله سبحانه وتعالى، والدعاء في كلّ وقتٍ وحين. · الإكثار من النوافل، والاقتداء بالرسول ﷺ.

ختامًا

إن المغالاة ليست مجرد مسألة وقت أو مكان، بل هي تجسيد للخيارات التي نتخذها في حياتنا اليومية. فلنجعل من شهر رمضان فرصة لتغيير أنفسنا وتحسين السلوكيات. لنبتعد عن المغالاة، ولنعمل على بناء مجتمع يركز على الروحانية والقيم الحقيقية. رمضان هو شهر للتغيير، فلنبدأ من أنفسنا!