آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 5:22 م

غياب الطلاب في رمضان جدل مستمر.. وخبير تعليمي يقترح حلولا تنظيمية

جهات الإخبارية

تشهد المدارس ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات غياب الطلاب خلال شهر رمضان، ما دفع التربويين إلى المطالبة بفرض رقابة صارمة وعقوبات قوية لضمان استقرار العملية التعليمية وتعزيز ثقافة الانضباط.

وفي المقابل، يرى أولياء الأمور أن النظام الدراسي الحالي مرهق للطلاب والأسر، خاصة مع استمرار الدوام لسنة كاملة دون فترات راحة كافية.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي رسائل متداولة بين الأمهات في مجموعات ”واتساب“، تناقش تنظيم غياب الطلاب في رمضان، معتبرين أن استمرار الفصول الدراسية الثلاثة دون تعديل للمواعيد الدراسة خلال الشهر الكريم يزيد من إرهاق الطلاب والأسر.

وطالبت بعض الأمهات بتحويل الدراسة إلى نظام التعليم عن بعد خلال رمضان، بحيث تكون الدراسة لمدة 15 يومًا فقط، مما يخفف العبء عن الطلاب وأولياء الأمور، خاصة مع ارتفاع نسبة الغياب وتزايد انتشار الفيروسات الموسمية.

وفي هذا السياق، قالت إحدى الأمهات، وتُدعى أسماء: ”مللنا من الروتين اليومي المرهق، نوم متقطع بين السحور والمدرسة والقيلولة، حتى أصبح الأمر أشبه بالتجنيد وليس حياة طبيعية. لا يُسمح لهم بالدراسة بعد الفجر، ولا يُقبل تحويلها عن بعد، فأين الحلول العاجلة؟“

بدوره، دعا فايز السلمي، أحد أولياء الأمور، وزارة التعليم إلى إجراء استفتاء يحدد مواعيد الدوام المناسبة في رمضان، مشيرًا إلى أن الغياب الممنهج أدى إلى فاقد تعليمي كبير، فيما وقفت الوزارة عاجزة عن اتخاذ إجراءات حاسمة. كما تساءل عن جدوى منصة ”مدرستي“ التي تم إنشاؤها بتكاليف باهظة خلال جائحة كورونا، مؤكدًا أنه يمكن استغلالها ليس فقط في الأزمات، بل أيضًا في رمضان وحالات غياب الطلاب لأسباب صحية أو أسرية.

من جانبه، رأى أبو علي الزهراني أن المشكلة ليست في فرض الأنظمة، بل في أسباب الغياب نفسها، مقترحًا تشكيل لجنة ميدانية تضم مشرفين، مدراء مدارس، معلمين، طلاب، وأولياء أمور، إلى جانب قيادات تعليمية من وزارة التعليم، لدراسة أسباب الظاهرة وإيجاد حلول مناسبة.

وفي سياق متصل، طالب علي الفارس بعودة نظام الفصلين الدراسيين وإقرار إجازة صيفية تبدأ من رمضان وتنتهي بعد ذي الحجة، مشيرًا إلى أن الأسر بحاجة إلى وقت أطول خلال هذه الفترة التي تشهد العديد من الشعائر والمناسبات المهمة للمسلمين.

أما عبد الله، فربط عدم استقرار التعليم بقرار تطبيق الفصول الثلاثة وكثرة الإجازات المطولة، معتبرًا أن العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين مع تحديد إجازة منتصف العام بأسبوعين والإجازة الصيفية بأربعة أشهر سيكون خطوة تصحيحية لإعادة التوازن إلى العملية التعليمية.

العوامل والحلول

وأكد المختص في شؤون التعليم، عماد الشريف، أن الغياب المدرسي في رمضان أصبح حديث الساعة، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة ليست وليدة العام الحالي، بل بدأت تتفاقم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة بعد تطبيق نظام الفصول الثلاثة، الذي أدى إلى استمرار الدراسة خلال رمضان لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع، مما زاد من تحديات الانضباط المدرسي.

وأوضح الشريف أن هناك عوامل عديدة تساهم في ارتفاع نسبة الغياب، منها اضطراب مواعيد النوم بسبب العادات الرمضانية مثل السحور وصلاة التراويح، مما يجعل الطلاب يواجهون صعوبة في الاستيقاظ صباحًا، خاصة طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية الذين يبدؤون الصيام لأول مرة. كما أشار إلى أن الأمهات يلعبن دورًا في هذه الظاهرة، حيث يواجهن ضغوطًا كبيرة في إعداد الإفطار والسحور، مما يؤثر على قدرتهن على تجهيز الأطفال للمدارس في الصباح.

وعن الحلول المقترحة، شدد الشريف على ضرورة إعادة النظر في تقويم العام الدراسي، مشيرًا إلى أن بعض الدول تضع في اعتبارها المناسبات الدينية عند جدولة الدراسة، وهو ما يستدعي تقليص عدد أيام الدراسة في رمضان أو تعديل مواعيد الدوام المدرسي. ومن بين المقترحات التي لاقت استحسانًا، تقليل عدد الإجازات المطولة لتعويض تقليص الدراسة في رمضان، أو تحويل الدوام إلى نظام التعليم عن بُعد جزئيًا، خاصة في المرحلة الابتدائية، حيث أثبتت تجربة التعليم الإلكتروني نجاحها خلال جائحة كورونا.

وأضاف الشريف أن المدن الكبرى تواجه أيضًا ازدحامًا مروريًا شديدًا خلال رمضان، ما يزيد من صعوبة تنقل الطلاب، مقترحًا أن يكون الدوام بعد صلاة الفجر وحتى العاشرة صباحًا، لتفادي تأثيرات الإرهاق الصيامي وارتفاع درجات الحرارة لاحقًا في النهار.

عقوبات الغياب

وفيما يخص العقوبات المقررة على الغياب، أكد الشريف أن وزارة التعليم وضعت ضوابط صارمة، حيث يتم نقل الطالب إلى مدرسة أخرى عند تجاوز 15 يومًا من الغياب، وفي حال وصل الغياب إلى 20 يومًا، يتم تحويله إلى إدارة الحماية الاجتماعية. ومع ذلك، تساءل عن مدى تطبيق هذه العقوبات بفعالية، في ظل ارتفاع أعداد الطلاب المتغيبين، مما يجعل تنفيذها على نطاق واسع أمرًا صعبًا.

وأشار الشريف إلى أن مجلس الشورى سبق وأن ناقش قضية الغياب في رمضان خلال العام الماضي، مما يعكس أهمية إيجاد حلول مستدامة لضمان استقرار العملية التعليمية، مع الأخذ في الاعتبار خصوصية الشهر الفضيل.

وتبقى مسألة الغياب في رمضان تحديًا يتطلب توازنًا بين حاجة الطلاب للراحة والعبادة، والتزامهم بالعملية التعليمية، مما يستدعي إعادة تقييم نظام الفصول الثلاثة، وتبني سياسات أكثر مرونة، تلبي احتياجات الأسر والطلاب دون الإضرار بجودة التعليم.

?v=18IiIG4iVt0