فنتازيا بالقشطة
يقال:“قل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت!”وهي مقولة مشهورة، حاول مجموعة من الباحثين إثبات صحتها من خلال دراسةٍ لافتة. تفترض الدراسة إمكانية التنبؤ ببعض الصفات الشخصية من خلال الكتب المفضلة على منصات مثل - Goodreads-، وتشير الدراسة إلى أن الشخصيات المختلفة تميل إلى أنواع محددة من الكتب:
الانبساطي: يفضل قراءة تجارب الآخرين، الانطوائي: يميل إلى الخيال العلمي، التوافقي: يفضّل العلاقات الإيجابية، المنفتح: يعشق الأدب الكلاسيكي، المنغلق: يختار الفنتازيا، المستقر: يقرأ في تطوير الذات، العاملون: يفضلون ما يطور أداءهم، الكسالى: يتمتعون بالهزلية.
ورغم أن هذه الأنماط تقدم تفصيلًا مثيرًا، إلا أنه ليس هناك شخصية أفضل من الأخرى. فكل شخصية تميل إلى أنواع معينة من الكتب التي تعكس تفضيلاتها وسماتها. الفنتازيا قد تكون عالمًا ساحرًا لمحبي الخيال، بينما يفضل آخرون الأدب الواقعي أو الكلاسيكي. وفي النهاية، يعكس الأدب تنوع الأذواق الشخصية ويمنح كل قارئ مساحة للتعبير عن نفسه من خلال اختياراته الأدبية.
إلا أن ضيوف أحد البرامج كان لهم رأي آخر هذا المساء حين اشتعلت المناظرة حول مسألة كانت تبدو للبعض محسومة لكنها لا تزال تثير الجدل بين المثقفين: هل الفنتازيا أدب حقيقي أم مجرد وهم مسل؟
على الطاولة كان أحد النقاد يوشك على إلقاء قنبلة فكرية، حين قال بنبرة جادة، تولستوي لم يحتج إلى التنانين، ودستويفسكي لم يكتب عن ساحرات الفنتازيا مجرد هروب من المسؤولية الأدبية والأدب الحقيقي يجب أن يعكس الواقع.
من الطرف الآخر ابتسم الروائي الشاب حرك كوب القهوة بين يديه كما لو كان يستحضر فكرةً ما ثم ردّ بثقة: ولكن، يا صديقي، أليس الأدب هو فنُّ الخيال؟! أليست الإلياذة والأوديسة ضربًا من الفنتازيا؟ وفي تلك الأثناء، تدخّل ضيف آخر قائلاً:
«القضية ليست في الفنتازيا ذاتها، بل في كيفية استخدامها! هناك فنتازيا تصنع أدبًا خالدًا، وهناك فنتازيا بلا قيمة غذائية حقيقية!»
قهقه المذيع قائلاً مازحًا:
وهل كل الأدب يجب أن يكون دسِمًا؟ ألا يحق للقارئ أن يستمتع أحيانًا بمذاقٍ خفيفٍ يُنسيه الواقع بدلًا من أن يُثقل عليه؟ في النهاية، ضحك الجميع حين قال المذيع مازحًا:
«سواء كنتم مع الفنتازيا أم ضدها، لا تنسوا أن الحياة نفسها قد تكون أحيانًا ضربًا من الفنتازيا، وما نحن إلا شخصيات في رواية لم نكتبها بعد!»
أما أنا، فابتسمت وأنا أطفئ الشاشة، مقتنعًا أن الأدب يتسع لكل الأذواق.. حتى تلك التي تُقدَّم بالقشطة!