كيف حولت مشاكل الإرث الإخوة المتقاربين إلى فرقاء متخاصمين
جعل الله في إرث المتوفى نصيبا مفروضا لولده وأبنائه، ومن يستحق من قرابته، استدامة للحياة، وانتفاعا بالمال حتى لا يبقى حبيسا مهملا.
وتحقيقا للعدالة ومنع التخاصم عند تقاسم الإرث، كان لتوزيع التركة شريعة وأحكام فرضها الإسلام وأمرنا للعمل بها.
لكن من ينظر لمشاكل الإرث وتقسيم التركة في مجتمعاتنا الإسلامية، سيراها متفاقمة، وعميقة، يمتد بها الزمان لأجيال متلاحقة. تتعطل فيها الأبنية والممتلكات والحقوق، رغم أن هناك من هو بحاجة لما كتبه الله من نصيبه المفروض.
الطمع في اقتناص حصة أكبر من بعض الورثة أو الإصرار على أنه صاحب المكانة والولاية في تقسيم التركة قد يطيل أمد تقسيمها، ويحولها من عملية سهلة وسريعة لعملية معقدة، خصوصا إذا انتقلت للجيل اللاحق من الأبناء حيث يزداد عدد الورثة، وتزاد الخصومة، وربما تحولت لازمة طويلة، وتجمدت معها كل الأبنية والممتلكات. أو ربما انتفع طرف على حساب طرف آخر. وانقطع بسببها التواصل بين الأرحام وتحول للمشاحنة والقيل والقال. صحيفة اليوم السابع المصرية في عددها الإلكتروني الصادر في 24 يونيو 2017 قالت إن هناك 144 ألف حالة نزاع سنويا ”35% حرمن من ميراثهن للإيذاء جسديا و 50 % تنازلن عن حقوقهن للضرر المعنوي.. 144 ألف قضية نزاع سنويا“.
ونشرت جريدة الشرق الأوسط في عددها 3 أبريل 2018 تحقيقا تحت عنوان ”نساء اليمن يصرخن: لا حق لي في ميراث أبي“ إن الكثير من النساء لا يحصلن على ميراثهن بسبب النظرة الدونية للمرأة.
إن ظروف الإنسان المتغيرة يوما بعد آخر، قد تجبر بعض الورثة لنقل المشكلة لدوائر القضاء، بحثا عن عدالة منصفة وإيقاف لمماطلة المتعنتين. موقع متراس للمحاماة والاستشارات القانونية على موقعه الإلكتروني قال إن مدة قضايا الإرث تتراوح بين 6 أشهر إلى 24 شهرا، وقد تصل لسنوات في حال وجود مشاكل.
لتسهيل توزيع التركة بصورة ودية وسهلة وخلق حالة من الاطمئنان في نفوس الوارثين، وتجنب الكل عناء المواجهات والمشاحنات، أطلقت وزارة العدل مؤخرا حاسبة المواريث أون لاين بهدف تسهيل عملية تقسيم الإرث ولضمان شفافية عملية التقسيم، وتعريف كل طرف بحقه ولو بصورة تقديرية، قد لا تغني عن سؤال أهل الاختصاص في هذا المجال.
من الجميل في حالة الخلاف حول توزيع التركة، إشراك ذوي العقول والبصيرة والأمانة من ذات العائلة أو أهل العلم لحل المشكلة وديا، وتقريب وجهات النظر. أو اللجوء لمكاتب المحاماة للاستشارة القانونية إذا كانت التركة تتكون من أصول عقارية وأسهم وودائع وشركات وغيرها.
كما أنه من المهم التحلي بالمرونة وتقديم التنازلات لبعضنا البعض، فإنما هو أخي وأختي أو قرابتي.
وعلينا أن نعلم جميعا أن الاستمرار في تأجيل تقسيم التركة، يفوت فرص التقسيم السهلة الميسرة ويحولها لمنازعات وخصومات طويلة في المستقبل