أيهما أفضل للمذاكرة: التدوين الإلكتروني أم التقليدي؟
أي نوعي تدوين الملاحظات أثناء المحاضرات أو الدروس أفضل للتعلم: الكمبيوتر المحمول أم القلم والورقة؟
Which type of note-taking is better for learning: laptop or pen and paper?
February 25,2025
في قديم الزمان، كان الصوت السائد في قاعات المحاضرات صرير الأقلام على الورق. لكن لو دخلت قاعة محاضرات اليوم، فستسمع نقر أصابع الطلاب على لوحات مفاتيح أجهزة الكمبيوتر المحمولة.
أصبحت الأجهزة الآن طريقة مقبولة ومهمة من طرق التعلم الحديثة في الصفوف الدراسية [1] . ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن على الطلاب أن ينسوا الطرق القديمة في تدوين الملاحظات.
تشير الأبحاث إلى أن القلم والورقة يمكن أن يساعدا الطلاب على تعلم المادة الدراسية وتذكرها بشكل أفضل.
لقد بينت إحدى الدراسات [2] من فترة طويلة أن الطلاب الذين يدونون ملاحظات أثناء المحاضرة أو في الصف الدراسي أو أثناء القراءة قادرون على تذكر المحتوى لاحقًا بشكل أفضل.
أحد الأسباب هو أن عملية تدوين الملاحظات تعتبر أكثر نشاطًا من الاستماع أو القراءة، مما يساعد الطلاب على البقاء منتبهين [3] .
وفي كثير من الأحيان، يذهب الطلاب إلى أبعد من مجرد تدوين ملاحظات قالها المحاضر أن المعلم.
عملية تدوين الملاحظات تعني أن الطلاب يحاولون فهم معلمهم، وذلك من خلال تقييمات مباشرة عما هو مهم فيما يقوله حين يقوله [4] . وقد يقومون أيضًا بتنظيم المحتوى [5] إلى محاور وإلى محاور فرعية أو تظليل النصوص المهمة أو وضع خط تحتها.
وتعتبر هذه الأنشطة أمثلة على المشاركة النشطة التي تعمل على تعزيز ”عملية الترميز [عملية الترميز هي أخذ المعلومات من قائلها أو مصدرها وتحويلها إلى رمز أو أي شيء نستطيع من خلاله تذكر تلك المعلومات، ومن أمثلة ذلك ترميز الأسماء أو العناوين الطويلة إلى حروف، مثل استعمال الحروف الأولى لاسم مؤسسة أو منظمة، كال يونسكو، للمساعدة على تذكرها [6] “: الطريقة التي تنتقل بها المعلومة الجديدة إلى الذاكرة طويلة الأمد [7] وتشكل مسارات الذاكرة [تعدد مسارات استرجاع المعلومات من الذاكرة طويلة الأمد والتي تعتمد على أنماط التعلم المتعددة ومنها البصرية أو السمعية أو الحركية [8] ].
تمكن مسارات الذاكرة القوية من الوصول إلى المعرفة بسهولة أكبر في وقت لاحق، مثلًا، عند حل مسائل المادة الدراسية في الصف الدراسي أو أثناء الامتحان.
تثبت الأبحاث أن أنواع الملاحظات التي يأخذها الطلاب بالكتابة على الكمبيوتر المحمول تختلف عن تلك التي يأخذونها تقليديًا بالقلم والورقة.
توصلت دراسة [9] أجريت عام 2018 في الولايات المتحدة إلى أن عدد الملاحظات «من حيث عدد الكلمات وعدد الأفكار» التي دونها طلاب الجامعات من محاضرات على الكمبيوتر المحمول كانت أكثر مقارنة من عددها بطريقة الكتابة بالقلم والورقة. كما سجلوا أيضًا مقاطع أطول من المحاضرة كما قيلت حرفيًا بالضبط. وذلك لأن الطلاب عادةً ما يكتبون على الكومبيوتر المحمول أسرع مما يكتبون بالقلم والورقة.
بالرغم من أن الطلاب أسرع كتابةً على أجهزة الكمبيوتر المحمولة، إلا أنهم معرضون أيضًا لتشتت الانتباه.
دراسة [10] أجريت عام 2021 على طلاب جامعيين في الولايات المتحدة باستخدام برامج التتبع أثبتت أن الطالب المتوسط المستوى كان مشتت الانتباه في نحو نصف محاضراته بسبب انشغاله بوسائل التواصل الاجتماعي وعمل الواجبات المدرسية والتسوق وغيرها من أنشطة الإنترنت التي ليست لها علاقة بالدراسة.
إذن كيف يمكن مقارنة الكتابة بالقلم والورقة بالكتابة على الكومبيوتر؟
نتائج تحليل تلوي [11] أجري عام 2024 لـ 24 دراسة دولية أن تدوين ملاحظات المحاضرات يدويًا أدى إلى أداء أقوى في الاختبارات بشكل عام ودرجات أعلى في المواد الدراسية للطلاب الجامعيين.
ويرجع ذلك إلى أن الكتابة اليدوية تنشط الدماغ [12] بشكل أكثر من الكتابة على الكومبيوتر المحمول، وهو ما يعد أفضل طريقة للتعلم.
الطلاب الذين يدونون الملاحظات يدويًا يستخدمون الاختزال والعلامات البصرية «على سبيل المثال، تدكين الكلمات أو وضع خط تحتها واستخدام الأسهم ووضع نجوم عليها» وكذلك يستخدمون الصور «المخططات والرسوم البيانية والجداول» أكثر من أولئك الذين يستخدمون الكومبيوتر لأخذ الملاحظات.
يعد تدوين الملاحظات يدويًا مفيدًا بشكل خاص لو توقف المحاضر أو المعلم أثناء المحاضرة أو الدرس، حتى يتمكن الطلاب من مراجعة ملاحظاتهم أو الإضافة إليها في الأثناء. وفي إحدى الدراسات الأمريكية [9] ، أضاف الطلاب الذين يستخدمون الكتابة اليدوية عدد أفكار جديدة إلى ملاحظاتهم أثناء فترات التوقف في المحاضرة بما يعادل ثلاثة أضعاف ما أضافه الطلاب الذين استخدموا أجهزة الكمبيوتر المحمولة في تدوين الملاحظات.
بالرغم من فوائد الكتابة اليدوية بالقلم والورقة، إلا أن هناك بعض الحالات التي قد تكون فيها أجهزة الكمبيوتر المحمولة أكثر ملاءمة لأخذ الملاحظات.
قد يجد الطلاب الذين يجدون صعوبة في الكتابة السريعة بالقلم والورقة أو تهجئة الكلمات «الإملاء» أن تدوين الملاحظات بهذه الطريقة يؤثر سلبيًا في تعلمهم. ويرجع ذلك إلى أنهم يحتاجون إلى التركيز أكثر على الكتابة باليد لا على التعلم، مما يجعل التعلم أكثر صعوبة.
قد يجد بعض الطلاب المصابين باضطرابات عصبية صعوبة أيضًا في الكتابة اليدوية. على سبيل المثال، يواجه الطلاب المصابون بالتوحد [13] في كثير من الأحيان صعوبات في المهارات الحركية الدقيقة «أي التنسيق بين حركة الأصابع والعينين» [14] مثل الكتابة اليدوية. على نحو مماثل، قد يواجه الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة [15] أو عسر الكتابة [16] صعوبات في الكتابة اليدوية.
بالنسبة لهؤلاء الطلاب، فإن الكتابة على الكومبيوتر [17] باستخدام ميزات موجودة في برامج الكومبيوتر الكتابية، مثل التدقيق الإملائي والتصحيح التلقائي يمكن أن تسمح لهم بالتركيز على فهم واستيعاب الدرس والمشاركة الكاملة أثناء المحاضرة أو شرح الدرس.
ولكن بالنسبة لأولئك الذين يجدون الكتابة اليدوية والكتابة على الكومبيوتر مريحة بنفس القدر، تثبت الأبحاث أن استخدام القلم والورق لا تزال أكثر فعالية للتعلم من الكتابة على الكومبيوتر.
بيني فان بيرغن، أستاذ مشارك في علم النفس التربوي، وإيما بيرنز، أستاذ مشارك في كلية التربية، هوا تشين وانغ، أستاذ مشارك، كلية التربية، جامعة ماكواري