آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 5:22 م

المعلم وميثاق الأداء الوظيفي الجديد: ”تقييم أم تقويم؟“

سهام طاهر البوشاجع *

تدور عجلة التغيير في المجتمعات بلا توقف، وإن توقفت، فهي كما يُقال: تأخذ ”استراحة محارب“ لتعاود الدوران من جديد، حاملة معها الكثير من المفاجآت والتطورات. وفي ظل هذه التغيرات المتسارعة، قد يجد البعض صعوبة في التكيف معها أو تقبلها، لكنها في النهاية تصبح واقعًا ملموسًا لا يمكن إنكاره، بل يمكن تعديله وتطويره.

من بين هذه التغيرات المستمرة التي نشهدها في مجتمعنا، القرارات المتجددة لوزارة التعليم، التي تسعى من خلالها إلى تحقيق بيئة تعليمية أكثر كفاءة، تلبي الطموحات وتفوق التوقعات. وقد لاقت العديد من هذه القرارات - سواء التجريبية أو المستندة إلى تجارب دول أخرى - تفاعلًا كبيرًا من قبل المعلمين والمتعلمين في مجتمع التعليم.

ما هو ميثاق الأداء الوظيفي الجديد؟

من بين التعديلات الحديثة التي أقرتها وزارة التعليم قبل انتهاء الفصل الدراسي الثاني لهذا العام، هو تطبيق ميثاق الأداء الوظيفي الجديد، الذي يُحدث تغييرًا جذريًا في طريقة تقييم أداء المعلمين.

في السابق، كان المعلم يُقيم بدرجة 100 فما دون، كمؤشر يعكس أداءه خلال العام الدراسي، حيث كان معظم المعلمين يحصلون على هذه الدرجة، مع تفاوت بسيط بين البعض وفقًا للمعايير المتبعة، مما كان يثير أحيانًا بعض التساؤلات والتظلمات.

أما اليوم، فقد قررت الوزارة تغيير هذا المؤشر إلى معدل «5» بدلاً من «100»، بحيث لا تُقاس الدرجة بالمجموع، بل وفق معدلات محددة تستند إلى معايير جديدة تركز على تحقيق الأهداف والإنجازات الفعلية للمعلم.

كيف يتم التقييم وفق الميثاق الجديد؟

الميثاق الجديد يعتمد على مرحلتين رئيسيتين:

إدارة الأداء: وفيها يضع المعلم أهدافه المهنية للعام الدراسي، على ألا تقل عن أربعة أهداف ولا تزيد على ستة، ويتم اعتمادها من قبل المدير والمشرف التربوي.

تقييم الأداء: وهي المرحلة التي يتم فيها قياس مدى تحقيق هذه الأهداف، وفق التقييم التالي:

«3»: للمعلم الذي أدى واجباته وحقق أهدافه المحددة.

«1 - 2»: للمعلمين الذين لم يتمكنوا من تحقيق جميع أهدافهم المتفق عليها.

«4 - 5»: للمعلمين الذين فاقوا التوقعات وتجاوزوا الأهداف المحددة، وحققوا إنجازات إضافية.

هل هو ”تقييم“ أم ”تقويم“؟

من الإيجابيات اللافتة في هذا النظام أنه لا يعتمد فقط على تقييم المعلم، بل يعمل كأداة تقويم مستمرة طوال العام الدراسي، مما يعزز التوازن بين تحقيق أهداف المعلمين، ورؤية مديري المدارس، وطموحات الوزارة. كما أنه يشجع على التنافس الإيجابي بين المعلمين، مما يثري الميدان التعليمي بأفكار وإنجازات جديدة.

التحديات المحتملة وقلق المعلمين

رغم ما يحمله الميثاق الجديد من إيجابيات، فإن بعض المعلمين يبدون قلقهم من إمكانية انحراف التقييم نحو التنافس غير الصحي، أو عدم وضوح المعايير بشكل دقيق، مما قد يؤدي إلى عدم إنصاف بعض المعلمين، وزيادة خطابات التظلم والشكاوى.

لذا، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان تطبيق هذا النظام الجديد بطريقة عادلة وشفافة، بحيث يُحقق الهدف الأساسي منه كأداة تقويم وتطوير، وليس مجرد أداة تقييم تقليدية.

الميثاق الجديد يُمثل نقلة نوعية في تقييم أداء المعلمين، وهو بلا شك خطوة نحو تحسين جودة التعليم. ومع ذلك، فإن نجاحه يعتمد على وضوح المعايير، وعدالة التطبيق، وضمان بيئة تنافسية إيجابية، بعيدًا عن الأهواء الشخصية أو المعايير غير الموضوعية.

وفي النهاية، يبقى الميدان مفتوحًا يا حميدان!

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز