الهدى الغائب الحاضر الفائز
عنوان يدعو للتساؤل، كيف يكون الهدى غائبا حاضرا فائزا؟ جملة تحمل مفارقة عجيبة، وهنا لاوجه للغرابة، لأن الحياة تتناسل منها المفارقات فتخلق تحديا للبشر في الحياة، وكم تتكرر المفارقات في المناسبات رياضية، قد تكون غير مستعد لبطولة ما وفي الختام تظفر بها، وقد تبذل قصارى جهدك على أكمل وجه وتعد العدة وفي النهاية تخسر!
شواهد محملة بالمفارقات، زاخرة باحداث جسام، خالفت كل التوقعات، فكم من فريق كان خارج الحسابات وبعيدا عن الترشيحات فجأة تبصره العيون على منصات التتويج بطلا.
وقد يلتقي فريق ضعيف بضعيف، ويتواجه قوي بقوي وتظل احتماليات الفوز والخسارة واردة لكلا الطرفين في اية لحظة من عمر وقت المباراة.
هي متعة الكرة، تكمن فيها سحر المفاجأة، قد تذهب كل الترشيحات لصالح فريق معين ويتسيد المباراة وفي النهائية تأتي النتيجة على غير المتوقع وبعيدا عن الرهان!
لكن من النادر جدا أن يتفوق فريق ضعيف متهالك على قوي متماسك.
هذا التوصيفات تقودنا على أهمية الاستعداد البدني والتحضير النفسي والإختبار الفني وتهيئة مكامن القوة وتعزيز روح الفريق الواحد، هي اسس حتما ستدفع الفوز قدما إذا ما كان اليوم فسوف يتحقق غدا وقد يتأخر كثيرا وربما يأتي ولو بعد حين.
استهلال بما يحمله من أمثلة ايجابية جسدها فريق كرة اليد بنادي الهدى منذ أن بزغ نجمه في دوري كرة اليد متدرجا من الأولى ثم الممتاز، وسار على درب التحدي، وبدأ يقارع الكبار حتى تفوق عليهم وهم الأقدم منه خبرة واعمق تجربة، وماالانتصارات الأخيرة التي حققها الوردي خير دليل على ذلك حيث حصل على المركز الثاني في دوري العام الماضي وخطف كأس السوبر وحقق الميدالية الذهبية للألعاب السعودية بالرياض، كل هذه الانجازات المتلاحق وضعت اسم الهدى في سماء كرة اليد السعودي وبات اسم جزيرة تاروت المكان الذي ينتسب اليه ترويجا وتسويقا سياحيا عند الجماهير الرياضية على مستوى المملكة، بل زادت شعبيته محليا بشكل لافت عند الصغير والكبير وحتى عند اللاعبين والاداريين القدامى.
كل ذلك مشهود ومحمود وسالت على اثره المداد سطورا وبحت الحناجر ابتهاجا.
لكن ماحال الهدى اليوم؟ تساؤل يثار عند المتيمين بحب النادي والحريصين على مستقبله، بأن ثمة توجس وخشية من التغيرات التي طرأت على بنيته الفنية، بالاضافة لإشكالات الأمور المادية التي هي عصب الحراك الرياضي، فمع بداية انطلاقة الدوري والحد الآن بدأ الوردي في الشهور المنصرمة كأنه يؤدي المباريات بجهد جهيد بل يعاني على المستويين الفني والتدريبي بعد أن صرف النظر عن المدرب السابق ”جيجا“، رغم الاختلاف حول توجهاته فالرجل له انجازه مثلما كان المدرب الوطني فاضل آل سعيد قبله، هذا التقلب المربك واستبعاد لاعبين واحضار آخرين بات الثبات محل اهتزاز بخسارات النقاط تلو النقاط.
حتى المتفائلين منقسمون، بعضهم يقول: لم يعد الهدى بذلك الفريق الكاسح أو المنافس القوي المأمول منه قدما بتحسن الوضع، بات يتأرجح بين فوز بالكاد يترجم حسما بفارق ضئيل من الاهداف، وقد اسفر لقائين بتعادلين من فريق الأهلي والابتسام، وخسارتين من فرق المقدمة من مضر والخليج، حتى اصبح خلف الفرق الاربعة في ترتيب الدوري السعودي لكرة اليد، محتلا المركز الخامس! لكنهم يحذوهم الأمل بتغير الصورة.
وآخرون متفائلون جدا ولايجدون غضاضة في كل مايحصل معتبرين الأمر بمثابة اعادة لترتيب البيت والدوري لم يزل في منتصفه وفارق النقاط ليس كبيرا بين الخامس والرابع والثالث والثاني فقط نقطة واحدة تفصل الواحد عن الآخر، بالامكان أن يمضي الهدى قدما ويحسن من وضعية مركزه وربما هذا التراجع وقتي وسوف يخلق تحديا ويكون غدا في المقدمة.
ولن نأخذ برأي المتشائمين بل اقول على لسان من بهم خشية على الفريق وانقل وجهة نظرهم، بأن الأمر قد يبدو مقلقا بالنسبة لجماهير الهدى عموما الذي تجرعت طعم الفوز والتفوق بانتصارات خلال الثمانية شهور الماضية والتي لم يعهدها النادي منذ تأسيسه.
بهكذا وضع إذا استمر على ماهو عليه الحال بنزف النقاط سوف يخسر الدخول في حلبة البطولات القادمة، منها على سبيل المثال دورة النخبة وكأس السوبر وغيرها وحتى المكافئة المادية سوف تتقلص طالما يقبع الهدى خارج نطاق الاربعة الكبار، فوق كل هذا سأعود مرة أخرى لنقطة جوهرية اشرت اليه في السطور الماضية تدركها ادارات الأندية وتعاني منها وهي «المسائل المادية» هي مربط الفرس، ومانشهده من تقهقر الكثير من اندية المنطقة بسبب وضعها المادي المتدهور فلم تستطع مواصلة الكثير من العابها مما انعكس على حراكها الرياضي سلبا.
واحقاقا للحق قامت اداراة نادي الهدى الحالية مؤخرا باجتماع موسع دعت فيه رجال الأعمال والمقتدرين للتبرع بماتيسر لهم، وبالفعل استجابوا مشكورين وقد جمع مبلغا يقارب المليون ريال لسد عجز هنا وهناك، وقد اعلن عن ذلك في الصحف الالكترونية المحلية، ونقول
بالفم المليان تحية من القلب لرجالات البلد وكل متبرع صغر أم كبر حجم دعمه فأنتم بعد الله وهيئة الرياضة السعودية السند والدافع والرافد لرفعة النادي بل التقليل من حجم ديونه الثقال، إذا استمر دعمكم فالنادي بالف خير،
بالمقابل هناك من يقدم دعما فكريا
ولديه خطط رائعة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وفي الختام همسة في اذن المخلصين والقريبين
من صنع القرار في النادي،
هناك مثلين عربيين يقولان:
«من اعتد برأيه ظل» و«ماخاب من استشار»، ما أحلى سماع اصحاب الآراء النيرة العارفين ببواطن الأمور وعدم التقليل من شأنهم، هم صانعوا تاريخ نادي الهدى الذي جاوز عمره 55 عاما، كم دفعوا من وقتهم وسال من عرقهم الكثير ودفعوا من مالهم في سبيل رقي ورفعة الهدى، فالنادي ليس ملكا لفرد أو جماعة معينة، هو لأبناء تاروت كافة، ويجب التفريق بين الكلام الذي يلقى على عواهنه الغير موزون، وبين الكلام النابع بحب وعقلانية، ولفتة أخرى بأن لاتضيق صدورنا حتى بالاقوال المنفعلة فهي وقتية وتأتي نتيجة للحرص المبالغ فيه، فنحن لسنا بأفضل حال من اندية المملكة الكبار لكرة القدم فكم يوجه لها نقدا لاذعا وقاسيا من مشجيعها ضد الادارات واعضائها في جميع منصات التواصل الاجتماعي وحتى في الصحف والقنوات الرياضية، فالمسؤول الرياضي حسب موقعه يكون في موقف لايحسد عليه خصوصا عند تردي النتائج.
يا ادارة الهدى الموقرة وبكل اريحية يجب النظر بانصاف وعدل لاقوال الغيارى وتثمين الأراء والمقترحات الصادقة من ذوي الخبرة والنظر إليهم بحسبان حتى تبحر سفينة الهدى بأمان واطمئنان.
ما أعجبك ياهدى برغم التوجس
والتخوف وتراجع مستواك عن ذي قبل لكونك متأخرا في ترتيب الدوري وكأنك شبه غائب محليا الا أنك حضرت خارجيا وبعنفوان والق وكسبت الرهان بخطف كأس السوبر السعودي البحريني كأول فريق سعودي، انجاز أتى على حين غفلة ولم يتوقعه أحد الا المهوسين بحب النادي الذين شدو الرحال لأرض دلمون، مكتسين شعار الوردي ولم يتوقفوا عن التشجيع لحظة واحدة، وبالفعل تحقق لهم حلم المراد، انجاز مبهج بكل المقاييس تحقق على الفائز بذات البطولة
العام الماضي وعلى ارضه ووسط جماهيره!
نتمنى مخلصين بأن هذا الانجاز الذي حدث قبل اسبوع أن يكون
دافعا ومصححا لجملة من الأخطاء
التي حدثت عن غير قصد، فوز سيدفع الروح المعنوية قدما
ويعيد ترتيب الهدى في تحسين مركزه ضمن الدوري الممتاز لكرة اليد، ليواصل حضوره على منصات التتويج، بحسن النوايا والتسامح والتكاتف وروح العمل الواحد سيظفر الجميع بإذن الله بقطف الثمار.
عبدالعظيم شلي