آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 12:22 م

وثائق رابطة العالم الإسلامي.. التأسيس للاعتدال

حسن المصطفى * ‏صحيفة البلاد البحرينية

دأبت“رابطة العالم الإسلامي”على الاشتغال على بناء رؤية فكرية - حديثة، ترتكز على رحمانية الدين الإسلامي وإنسانيته، وتستلهم من قيمه العليا، وذلك من أجل الدفع نحو تحقيق الاعتدال بين المسلمين، والعقلانية في مقاربة القضايا الفكرية، ووضع معالجات جادة للقضايا الملحة التي تشغل العالم الإسلامي وتضعف قدرته على مواكبة التغيرات المتسارعة.

“الرابطة”في هذا الصدد، أصدرت مجموعة وثائق، أبرزها“وثيقة مكة المكرمة”2019، و”وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية”2024، ويضاف لهما“إعلان إسلام آباد لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة”2025. الوثائق الثلاث نماذج لعمل بعيد المدى تقوم به“رابطة العالم الإسلامي”، وهي رغم تنوع موضوعاتها، إلا أن بينها قواسم مشتركة عدة، ترتكز على: الاعتدال، قبول الآخر، ترسيخ التعددية الفكرية، احترام التنوع الثقافي، نبذ الانغلاق والتعصب، رفض خطابات الإرهاب والكراهية، والتأكيد على أن الدين الإسلامي لديه من الرؤية التنويرية الحديثة ما يجعله قادرًا على التكيف مع مختلف المتغيرات الكبرى دون أن يفقد فاعليته أو يتغير جوهره، بل إن علماء الدين والمفكرين والمثقفين عندما يجتمعون تكون لديهم القدرة على الاجتهاد واجتراح أفكارٍ وتصورات تكون بمثابة خارطة طريق، وهذا ما حصل تحديدًا مع الوثائق الثلاث المشارُ إليها أعلاه. من يتفحص لغة“الوثائق”يجد أنها استفادت من المعارف المدنية الحديثة لدى الحضارات الإنسانية، وجاءت لتكرس احترام حقوق الإنسان، وتتواصل مع الآخر غير المسلم، وتمد يد التعاون مع مختلف الأديان السماوية الأخرى، لأنها تروم الخير لجميع البشر دون استثناء.

جهود“رابطة العالم الإسلامي”تستحق أن تدعمها بقية المؤسسات المعنية بذات الملفات التي تشتغل عليها“الرابطة”، لأن هذه“الوثائق”لم يتم إصدارها لكي تكون مجرد أدلة استرشادية، بل هي مشاريع عملية مستقبلية، وتبرز أهميتها في هذه الأوقات الدقيقة التي تنتشر فيها النزاعات والحروب؛ ولذا، فالتعاون بين الهيئات الدولية والإقليمية المعنية بالحوار والسلمِ أمرٌ ملحٌ اليوم، من أجل تطبيق ما جاء في هذه“الوثائق”من قيمٍ إنسانية نبيلة.