عادات اجتماعية تحتاج تصحيحاً
نداء مقرون بالرجاء للعلماء والخطباء والكتّاب المنفتحين المحبّين للإصلاح. تعلمون أننا نستقبل قريبًا ضيفًا عزيزًا بشوق وحنين، فقد حان موعد طرقه للأبواب: شهر رمضان المبارك، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لصيامه وقيامه.
وحتى لا نُحرم من خيراته، ونستفيد من ساعاته وأيامه ولياليه عند حلوله وقبل رحيله، نأمل منكم، أنتم أهل الوفاء والعطاء، أثناء البحث وإلقاء المحاضرات أو الكتابة، الانتقال من الأسلوب التقليدي ولو جزئيًا، بالتعرض للعادات السلبية القائمة أو الدخيلة علينا، والتي تُمارس جهلاً دون حساب لعواقبها، حيث تزداد آثارها سوءًا يومًا بعد يوم في جوانب حياتنا المادية والمعنوية والاجتماعية والأخلاقية، على أمل تصحيح مساراتها كلما أمكن، وذلك بعد دراستها والاستعانة بأصحاب الخبرة والتخصص إن لزم الأمر.
نختار منها ثلاثًا في المجتمع القطيفي:
1- حفل الخطوبة:
أصبح من السمات البارزة وكأنه شرط لا يتم الزواج إلا به، ولكن لماذا؟ الجميع يسمع عن ازدياد حالات الطلاق قبل الدخول، فأصبحنا نرى في كل بيت مطلقًا أو مطلقة، إلا من رحم ربي، ولعل من أسبابه الرئيسية طول الفترة الزمنية الفاصلة بين العقد والدخول.
في الأعراس، هناك من يحضر دون أن تُوجَّه له دعوة، ويزاحم المدعوين على الوجبة المعدّة لهم، مما يحرج صاحب المناسبة عند حصول نقص. فالدعوة لمائة شخص، ولكن الحضور خمسمائة! كذلك التصوير والتقبيل الذي يستغرق وقتًا طويلًا، مما يسبب زحامًا ويمدد وقت الانتظار لساعة أو أكثر. تعدد الالتزامات وتباعدها، مع اختناقات المرور، يجعل التنقل بينها صعبًا ويؤدي إلى عدم القدرة على تغطية جميع المناسبات كما ينبغي.
من غير المقبول أيضًا إرسال بطاقة الدعوة قبل أكثر من أسبوع، حيث يربك المدعوين، ولا تتميز الليلة المحددة، وإن ذُكر التاريخ، غالبًا لا يُلتفت إليه، مما يؤدي إلى حضور البعض في غير الموعد أو نسيان الحفل تمامًا.
2- التخرج وأعياد الميلاد:
الهدايا والملابس الجديدة أصبحت عبئًا على ذوي الدخل المحدود، ومن يتجنبها يُعتبر في نظر البعض تاركًا لواجب حتمي، بل ويوصف بالبخل والتخلف! ولكن لماذا؟
3- قدوم مولود جديد:
عند تهنئة الأم بسلامتها ومباركة قدوم مولودها، يُتوقع من الزائر أن يُحضر هدية فاخرة. القادرة تفعل، ولكن ماذا عن العاجزة؟ الحلويات تتكدس حتى تفسد، فلا تصلح حتى علفًا للحيوانات، فضلًا عن الإنسان! والورود والألعاب التي تُنفق عليها مئات الريالات سرعان ما تُلقى في القمامة. لماذا لا تُستبدل هذه العادات بما هو أنفع؟
4- السكن الجديد:
عند زيارة منزل جديد، الهدف هو المباركة، لا انتقاد هندسته وألوانه وإجبار صاحبه على تقبل رأي الزائر! من قال إن ذوقك هو الأفضل ويرضي الجميع؟ ما يعجبك قد لا يقبله الآخرون. إن لم يُطلب منك رأي قبل التنفيذ، فليس من اللائق فرضه بعده!
1- رواد مآتم أهل البيت :
هناك من يأخذ من الطعام أكثر من المعتاد، ولا يقنع كالبقية، ومنهم من يحمل وعاءً متنقلًا ليجمع فيه ما وقعت عيناه عليه دون إذن. تصرف غير مقبول بلا شك!
ونحن إذ نشكر القائمين على مجالس الإمام الحسين على جهودهم المباركة، نلاحظ وجود بعض التصرفات غير المحبّذة، مثل الترويج للطعام المقدم بعبارات مثل:“مشويات من المطعم الفلاني المعروف بمستواه الراقي”، بينما الأجدر أن يكون الهدف هو خدمة الأطهار، لا التفاخر أمام الآخرين!
أيضًا، الانشغال المفرط بالتصوير غير المبرر يُضيّع التركيز على الموضوع المطروح، وله مخاطر ومخالفات قد نكون عنها غافلين.
2- حالة الوفاة:
من المهم التثقيف بشأن مدة الحداد الشرعي، وعلى من يجب، وكذلك مدة العزاء. يمكن إيجاد آلية بديلة للتعزية غير المتبعة حاليًا، مثل الاكتفاء بالسلام دون مصافحة، أو التعزية عند الحضور مباشرة قبل الجلوس، مما يخفف الزحام لاحقًا. هذه الطريقتان معمول بهما في بعض البلدات عندنا وفي مملكة البحرين، ونتمنى تعميمها.
من الضروري أيضًا التزام الخطيب بالوقت، وعلى أصحاب العزاء الحرص على عدم الإطالة. وعند تناقل الأخبار المفجعة، يجب ألا يؤدي ذلك إلى زيادة العبء على أهل المصاب، بل يهدف إلى تخفيفه، دون تهويل أو خلط للأخبار بالخيال حتى تضيع الحقيقة. يكفيهم ما هم فيه!
3- عيادة المريض المصاب بمرض مستعصٍ، نفسيًا أو عضويًا:
مع وجود حواجز تمنع الاقتراب منه درءًا للضرر، لا يزال هناك من يصرّ على تقبيله أو هزّ جسده أو توجيه كلمات غير مقبولة تُحطّم معنوياته وتُشعره باليأس. وبعضهم يصف له أدوية وهو ليس طبيبًا! هذا إثم وجرم يحاسب عليه. كما يجب عدم إطالة الزيارة بعد نفاد الوقت، أو المجيء خارج وقته، أو الإلحاح لمعرفة تفاصيل المرض التي قد يخفيها حتى عن أقرب الناس إليه.
الواجب هو الاعتدال في التعامل مع النعم، لا تقتير ولا تبذير. لكن ما نراه في هذا الشهر الكريم هو مبالغة غير مبررة في الإسراف، حتى تصل أكياس الطعام الممتلئة إلى الحاويات، لدرجة أن البلدية لا تستطيع استيعابها! لماذا؟
نأمل في ترشيد الاستهلاك، ونتذكر أن هناك بيننا من لا يجد ما يفطر به بعد يوم شاق من الصيام. الإسلام وجّه لكل صغيرة وكبيرة في حياة الإنسان، وهذه فرصة مواتية للتوعية والتصحيح، لنعيش أيام هذا الشهر كما ينبغي، فهو ربيع القرآن.
وعلى العلماء والخطباء والمثقفين أن يوجّهوا بوصلتهم بشجاعة نحو هذه العادات، للتوعية بما يرونه مناسبًا. والشكر سلفًا لمن يتبنى هذه الدعوة ولو جزئيًا، فمن يبدأ خطوة يكملها الآخرون، حتى يستوعب الجميع الصحيح ويتبعونه، ويبتعدون عن كل ما يضرّهم.