علي الأكبر (ع) قدوة ملهمة
يواجه الشباب الكثير من المشكلات والتحديات التي تقف بوجه تقدمهم وإصرارهم على اغتنام الفرص وبناء المستقبل الواعد، وهذه طبيعة الحياة فطريق بناء الشخصية وإثبات الوجود وتحقيق المكانة التي يصبو إليها ليست معبّدة بخيوط الحرير، بل خلاصة عمر الإنسان هي رحلة كفاح وعمل مثابر وتسلّح بالمعارف والعلوم في مختلف الحقول والمجالات، والمشكلات ما هي إلا محطات اختبار لما يمتلكونه من قدرات وإمكانيات وطرق تفكير للخروج من نفق الصعوبات.
ولهذا يحتاج الشاب والفتاة إلى تقديم شخصيات يستلهم منها مباديء وقيم الإصرار والطموح لبلوغ أعلى درجات التكامل والرقي، فهذا هو أفضل الوسائل التربوية التي تأخذ بأيديهم نحو مواجهة التحديات والصعاب وتجاوزها بعد أن بذلوا كل مجهوداتهم ووضعوا بصماتهم في كل موقف يمرون به، فالشاب يشعر بحجم التحديات التي تواجهه ولكنه يحتاج إلى ترتيب أوراقه ووضع تصورات لأهدافه وآماله وسبل تحقيقها وكيفية مواجهة العراقيل التي تصادفه، فقوة الشخصية لا تأتي من فراغ أو تصورات مثالية لتلك الشخصية التي تستطيع أن تجدّف وسط أمواج الحياة العاتية، بل تلك القوة تنشأ من التحلي بالصبر والنفس الطويل في تخطي المراحل وحل المشكلات، والتسلح بالأمل والثقة بما يمتلكه من قدرات على تطويرها وتنميتها وتوظيفها في ميدان العمل المثابر، كما أن المرونة النفسية والقدرة على التنفيس والتخلص من استنزاف القدرات الناشيء من العمل المستمر، يساعده على تخفيف الأعباء والتخلص من الهموم والدخول في جولة جديدة من العمل ومواجهة التحديات.
تبدأ رحلة اكتشاف القدرات الشخصية من الأسرة الحاضنة لأبنائها والتي توفر لهم كل أسباب التقدم والنجاح، وذلك من خلال الاهتمام بدراسته وتنمية مواهبه وتخصيص الأوقات التي يسمع فيها الوالدان له، ويقدمان له النصائح والإرشادات التي ترافقه في مراحل التعلم المختلفة؛ لينطلق بعد ذلك في ميادين الحياة المعرفية والاجتماعية والمهنية وقد بُنيت شخصيته على أسس التفكير البناء في كيفية مواجهة الصعوبات والمشاكل بعيدا عن التكاسل واليأس والتخبّط في متاهات الحياة العاصفة، وكثير من المشاكل الزوجية والأسرية تنشأ من فقدان أسس التعامل مع الأزمات والخلافات وعدم القدرة على الحفاظ على الضبط الانفعالي والعاطفي، فإدارة الشاب حياته وامتلاك مفاتيح المواجهة الصائبة لما يواجهه من مشاكل لا تعتمد على الزاد النظري «المعرفي» والعامل الكمي من القراءة والمطالعة، بل هو توظيفها عن طريق الحوار الهاديء والتفكير المنطقي للوصول إلى حلول ممكنة بعيدا عن الانفعالات واللحظات الغاضبة، كما أن الاعتماد على النفس والاستقلالية باتخاذ القرارات الهادئة والمناسبة لا تعني التزمت وفرض الآراء الجبري على من حوله في المحيط الأسري والاجتماعي، كما أن بناء الروح المجتمعية والتخلص من الأنانية واللا مبالاة يستقيها الشاب من أسرته وتعويده على مساعدة الآخرين.
التحديات الجسام والمشاكل الكثيرة بقدر ما تحمله من هموم ومتاعب، إلا أنها تمثل فرصا ومحطات اختبار لقدرات الشباب تستحق المواجهة والعمل على تذليلها وتجاوزها، وتلك القدرة على التكيف مع الأوضاع الصعبة تخلق شخصيات قوية وقادرة على التخفيف من أعباء وضغوط الحياة، بما يضعونه من مسارات واتجاهات ومعالجات للتعامل مع التحديات والصعوبات.