آخر تحديث: 16 / 3 / 2025م - 10:02 م

لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى

ليلى الزاهر *

قد تشعر بشيء من المودة والرحمة والحب حين تجلس مع أناس تبصرهم ترى وجودهم أمامك، تخالجك مشاعر الألفة لأن كلماتك تُداعب أوتار قلوبهم، أزهرت أحاديثكم واطمأنّت نفوسكم لأن أجسامكم وأرواحكم قريبة من بعضكم البعض.

هكذا كان نبي الرحمة محمد مع أصحابه يحبهم ويحبونه. أما نحنُ فقد عشقنا كلماته، واجتهد الخيال في رسم صورته الشريفة، لجأنا لكتب التاريخ نلتقط منها شيئا من صفاته عرفنا أنّه أزهر اللون ليس بالأبيض شديد البياض ولا بالأدهم وكان وجهه كالشمس المشرقة والقمر المنير غير مستدير تماما وله ﷺ عينان واسعتان، وكانت أسنانه بيضاء اللون، مُفرّقةً بين الثنايا والرّباعيات، وكان فمه واسعًا، جميلا، وشفتاه من أحسن وألطف الشِفاه شكلًا.

كان عريض المنكبين أصابع يديه طويلة ويزين ظهره خاتم النبوة كما ذكر أبو زيد الأنصاري: «قالَ لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: اقتَرِبْ مِنِّي. فاقتَرَبتُ منه، فقالَ: أدخِلْ يَدَكَ فامسَحْ ظَهري. قالَ: فأدخَلتُ يَدي في قَميصِهِ، فمَسَحتُ ظَهرَهُ، فوقَعَ خاتَمُ النُّبُوَّةِ بَينَ إصبَعَيَّ، قالَ: فسُئِلَ عن خاتَمِ النُّبُوَّةِ، فقالَ: شَعَراتٌ بَينَ كَتِفَيْهِ»

صفاتٌ كثيرة ذكرها المؤرخون في وصفه ﷺ وبقينا نحن في شوق له نأذن لخيالنا برسم صورته الشريفة وربما نحاول قراءة بعض الآيات القرآنية حتى نحظى بمقابلته في مناماتنا.

نحن حامدون شاكرون أفضال الله تعالى أن جعلنا من أمّة محمد صلّى الله عليه وآله وسلم، ولأنّ محمد ﷺ خصّنا بأحاديث وذكرنا في الملأ الأعلى يناشد الله تعالى أن يعفو عنّا ويغفر زلّاتنا.

هبات محمد لطيفة مثل ألحان تداعب قلوبنا، ترحلُ أسماعنا حيث كان محمد ومحبّوه قالوا: يا رسول الله، ألَسْنا إخوانَك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الَّذين آمَنوا بي ولم يرَوْني.

نسمع أصوتًا لا نبصر أصحابها غير أن مساكنهم في قلوبنا!

لقد بلغ منّا الشوق مبلغه فبتنا نذكر محمد في كل حين ونطلب منه الدعاء قبل الشفاعة، نربي أولادنا على طاعته، ولا نترك السلام عليه.

إنّه الاعتراف بفضل محمد على هذه البشريّة جمعاء، وتلك سمة خصّها الله تعالى بنبيه الكريم دون جميع الأنبياء

فعن قتادة، قال:

”قال - موسى -: رب إني أجد في الألواح أمّة، خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد“

ومشى محمد في طريق حبّه لنا وما نقرؤه بين سطور التاريخ هو أفصح وأبلغ من عبارات الحب والعشق التي لم ينظمها شاعر ولم يبتدعها عاشق.

وتأتي في المقام الأول أحداث تلك الرحلة الإلهيّة «رحلة الإسراء والمعراج» عندما عانق البراق جسد نبينا محمد وحلّق به نحو السماء بصحبة جبرئيل في أعظم إعجاز يقف الفكر مشدوها أمام العظمة الإلهية وتقف الإنسانية عاجزة عن تفسير ما تواترت به الأخبار نقلا عن رسول الله لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى.

إنّ من أعظم ينابيع الحب التي تدفقت على يديه الكريمتين عندما قال بين يدي الله تعالى: أمتي أمتي.

في أجمل حوار بين الله تعالى وحبيبه المصطفى مخاطبًا نبيه:

أمّتك خلق ضعيف، وأنا رب لطيف، وأنت نبي شريف، ولا يضيع الضعيف بين اللطيف والشريف، فوعزتي وجلالي؛ لأقسمنّ القيامة بيني وبينك شطرين:

أنت تقول: أمتي أمتي،

وأنا أقول: رحمتي رحمتي

إلى نبيّ الرحمة محمد بن عبدالله حبيب قلوبنا:

يا رسول الله هاجت بنا الأشواق فكيف نجمع بين ظمأ العشق ولذيذ المناجاة؟

كيف السبيل حتى لا نُحرم من رؤيتك المُبجّلة سيدي؟

خذنا في كوثرك وأسبغ علينا السلام حتّى المثول أمام سلطانك وبلوغ تأدية واجبات الشكر والامتنان لك.