آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 10:02 م

التكافل الاجتماعي وشهر رمضان المبارك

هاشم الصاخن *

التكافل الاجتماعي هو جوهر القيم الإنسانية والإسلامية التي تدعو إلى التآزر والتعاون بين أفراد المجتمع؛ فهو الجسر الذي يقودنا إلى مجتمع متماسك يقوم على مبادئ الرحمة والإحسان. ولعل شهري رجب وشعبان يمثلان فرصة ثمينة لتعزيز هذه القيم، حيث تكتسب الأعمال الصالحة أبعادا روحانية عظيمة، وتفتح الأبواب للخير والعطاء.

ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتعاظم المسؤولية تجاه الفقراء والمحتاجين الذين يعانون من صعوبة تأمين حاجاتهم الأساسية؛ لا سيما ما يتعلق بتوفير الطعام لسد رمقهم خلال الصيام. إن المساهمة في تقديم المؤن الغذائية ودعم مشاريع إفطار الصائمين ليست مجرد عمل خيري، بل هي عبادة عظيمة تهيئ النفس لاستقبال بركات شهر رمضان، وتوفر للمحتاجين ما يعينهم على أداء الصيام بيسر وسهولة.

قال رسول الله ﷺ: ”خلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنه من صلاتي، وصدقتي فإنها من يدي إلى يد السائل، فإنها تقع في يد الرحمن“ ”بحار الأنوار: 96 / 134“.

لقد أصبح التكافل الاجتماعي أكثر أهمية مع اقتراب شهر رمضان، حيث تتجلى هذه القيم بعمق من خلال مشاريع إفطار الصائمين التي تعد من أبرز صور العطاء والخير، وهذه المشاريع ليست مجرد مبادرات خيرية، بل هي دعوة للتآزر في سبيل تخفيف أعباء الحياة عن الفقراء والمحتاجين، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة التي تثقل كاهل العديد من الأسر.

ومن أبرز وسائل دعم هذه المشاريع توفير المساعدات الغذائية أو المالية بشكل مباشر بدلا من تقديم السلال الغذائية التقليدية، وتتجه الجمعيات الخيرية إلى أساليب أكثر مرونة وفعالية، مثل تسليم المواد الغذائية مباشرة إلى الأسر المحتاجة أو تقديم مبالغ مالية تمكنهم من شراء احتياجاتهم بأنفسهم، وهذا النهج يمنح الأسر حرية الاختيار بما يتناسب مع متطلباتهم، ويعزز كفاءة توزيع المساعدات ويزيد من رضا المستفيدين.

كما تعتمد بعض الجمعيات على تقديم كوبونات أو بطاقات إلكترونية مدفوعة مسبقا، تتيح للمحتاجين شراء ما يلزمهم من الأسواق المحلية، وهذه المبادرات تسهم في تلبية احتياجات الأسر ودعم الاقتصاد المحلي، مع حرص الجمعيات على توجيه هذه المساعدات نحو تأمين وجبات الإفطار أو المستلزمات المرتبطة بالصيام.

أما التبرعات المالية، فتظل العمود الفقري لهذه المشاريع؛ لأنها تمنح الجمعيات مرونة أكبر في توفير الدعم المناسب، سواء بتأمين الغذاء أو تقديم مساعدات نقدية مباشرة، ومن خلال دعم الجمعيات الخيرية الموثوقة، يمكن توسيع نطاق المبادرات لتشمل أكبر عدد من المحتاجين.

إن مشاريع إفطار الصائمين ليست مجرد أنشطة موسمية، بل هي تجسيد حي لروح التكافل التي تجعل المجتمع أكثر قوة وتماسكا؛ إنها فرصة عظيمة لكل فرد ليكون جزءا من هذه المبادرات، سواء من خلال التبرع، أو التطوع، أو نشر الوعي بأهميتها.

إن التكافل الاجتماعي واجب إنساني وديني يتجلى بوضوح في شهري رجب وشعبان، حيث تزداد الحاجة إلى العطاء استعدادا لشهر رمضان المبارك، ولضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بالشكل الصحيح يجب أن تتم التبرعات عبر الجمعيات الخيرية الرسمية الموثوقة التي تنظم هذه الجهود بكفاءة، مما يضمن للأسر المحتاجة استقبال رمضان بطمأنينة وسلام؛ لذلك لنبادر بالتبرع مبكرا، ولنكن سببا في تخفيف معاناة الفقراء وإدخال السرور إلى قلوبهم، ففي كل عطاء نقدمه، أجر وبركة تنعكس على حياتنا، ومفتاح لسعادة الآخرين في هذا الشهر الكريم.

سيهات