الزراعة المائية ضرورة أم ترف
في عام 1627 لاحظ الباحث البلجيكي ”جان بابتيست فان هيلمونت“ نمو شجرة صفصاف في الماء فقط دون تربة؛ مما فتح المجال أمام العلماء بدراسة إمكانية الزراعة بدون تربة.
ثم توالت البحوث لدراسة وتطوير أنواع الزراعة بدون تربة ومنها «الزراعة المائية»، ولم تكن هذه التقنية حديثة العهد، بل تعود إلى الحضارات القديمة، حيث يظهر استخدمها في آثار قدماء المصريين، كذلك ممارسات الصينيين في زراعة النباتات باستخدام الماء بدلاً من التربة، كما استخدمها الأزتيك في حدائقهم العائمة، ولا نستبعد أن تكون حدائق بابل المعلقة التي شيدت قبل أكثر من 2600 عام استخدمت نفس التقنية.
إذاً، تقنية الزراعة المائية ليست وليدة العصر الحديث إنماء تم دراستها بشكل علمي وتطويرها في العصر الحديث.
بعد تسجيل ”جان هيلمونت“ أول بحث علمي ابتكر العالم ”جون وودوارد“ في عام 1699 م أول محلول مغذي للزراعة المائية في العالم وتواصلت الأبحاث حتى عام 1937 م.
على يد عالم النبات في جامعة كاليفورنيا ”ويليام فريدريك جيريك“ صاحب مصطلح ”هايدروبونيك“ الاسم العلمي للزراعة المائية حيث نشر تعريف كامل وشامل لطريقة الزراعة المائية في كتابه ”الدليل الكامل للبستنة بدون تربة“ وعرفها تعريف مبسط بقوله: هي علم وفن زراعة المحاصيل بدون تربة وتطبيقاتها العملية.
مع بساطة التعريف إلا أنه حجر الأساس لسلسلة من الدراسات العلمية والتطبيقات العملية التي فرزت تحتها أنواع من الزراعة بدون تربة ومنها:
- الزراعة المائية في المياه العميقة: هي ببساطة نباتات معلقة في المياه الغازية، والمعروفة أيضًا باسم نظام DWC.
- نظام الفتيل: توضع النباتات على سطح فوق خزان يحتوي على محلول مائي يحتوي على مواد مغذية مذابة. تنتقل الفتائل إلى جذور النبات.
- تقنية الأغشية المغذية «NFT»: يتم تعليق النباتات فوق تيار من محلول المغذيات المتدفق باستمرار والذي يغمر جذر النبات. تميل القنوات التي تحمل النباتات بحيث تضمن استمرارية تدفق الماء.
- نظام الري بالتنقيط المائي: وهو ضخ الماء الغني بالمغذيات من الخزان عبر شبكة من الأنابيب إلى النباتات، يُقطر هذا المحلول ببطء في الوسائط النامية المحيطة بنظام الجذر.
- أيروبونيكس: وهي تعليق النباتات في الهواء وتعريض الجذور العارية لضباب مليء بالمغذيات في أطر مغلقة مثل المكعبات أو الأبراج، يمكنها استيعاب العديد من النباتات في وقت واحد.
مما سبق نختصر الفكرة بوضوح أكثر: إن الزراعة المائية هي مجموعة نظم لإنتاج المحاصيل بواسطة محاليل معدنية مغذية فقط عوضاً عن التربة.
السؤال الذي يحتاج الإجابة لماذا نشجع على الزراعة المائية؟
الجواب: تعدد إيجابيات والفوائد لهذا النظام الزراعي.
أولا: إمكانية الزراعة في أي مكان بِغضِّ النظر عن طبيعة التربة الموجودة في المنطقة المراد الزراعة بها.
ثانيا: الاقتصاد في الماء والأسمدة لعدم وجود فاقد في التربة، حيث يتم إعادة استخدام الماء والأسمدة الزائدة عن حاجة النبات.
ثالثاً: التقليل من المبيدات وخاصة المستخدمة لمكافحة الآفات التي تستوطن التربة «حشرات، فطريات، نيماتودا والأعشاب».
رابعاً: فوائد اقتصادية مثل الحصول على أعلى إنتاجية ممكنة من النبات في.
للأسف كما هنالك إيجابيات توجد سلبيات، ومنها التكلفة العالية: يُعتبر نظام الزراعة المائية عادةً مكلفًا في الإعداد والتشغيل، خصوصا في مرحلة الإنشاء والتأسيس، كذلك ارتفاع تكاليف الطاقة والكهرباء لتشغيل النظام كما أن عملية التشغيل والصيانة تحتاج لمختصين ذات كفاءة عالية ويد حرفية ماهرة.
خلاصة القول إن التوجه العالمي بهذا العصر إلى ما يعرف ”الأتمتة الزراعية“ ملاحة ذاتية تجريها الروبوتات من دون تدخل بشري، توفّر معلومات دقيقة للمساعدة على تطوير العمليات الزراعية". ويُعرِّفها آخرون بأنها: إنجاز مهام الإنتاج من خلال أجهزة ميكانيكية إلكترونية متنقلة ذاتية التشغيل لاتخاذ القرارات ونظام الزراعية المائية قد تكون الخطوة الأولى لتحول الكامل للإنتاج الذاتي المعتمد على التقنيات الحديثة.
السؤال الأكثر واقعية: هل عالمنا العربي مستعد لهذا التغير؟