آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 10:02 م

إعلانات المشاهير.. بين الفوائد والمخاطر

هاشم الصاخن *

في عالمِنا اليوم أصبحَ الإعلانُ جزءًا لا يتجزأُ من حياتِنا اليوميةِ، خاصةً مع الانتشارِ الواسعِ للتكنولوجيا ووسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ؛ فالدعايةُ لم تعدْ تقتصرُ على الإعلاناتِ التقليديةِ عبرَ التلفازِ أو الصحفِ فقط، بل ظهرتْ وسيلةٌ جديدةٌ تمثلتْ في استغلالِ تأثيرِ مشاهيرِ السوشيالِ ميديا في التَّرويجِ للمنتجاتِ والخدماتِ، ومع تزايدِ الاعتمادِ على هذه الطريقةِ في الإعلاناتِ، أصبحنا نرى بشكلٍ مستمرٍ حملات دعائيةً عبرَ منصات مثلَ سِناب شات وإنستغرامَ وتيك توكَ ويوتيوبَ ومن ثمَّ تتداولُ عبرَ تطبيقِ الواتسابِ، حيثُ يستعرضُ المشاهيرُ مختلفَ المنتجاتِ والخدماتِ أمامَ جمهورهم الواسعِ.

لكنَّ مع هذا التوسعِ الكبيرِ في استخدامِ هذه الطريقةِ الدعائيةِ، يطرحُ تساؤلٌ مهمٌّ: هل تساهمُ هذه الإعلاناتُ في تعزيزِ العلاماتِ التجاريةِ وزيادةِ المبيعاتِ، أم أنَّ لها تأثيرات سلبيةً قد تؤثرُ على مصداقيةِ المنتجِ أو حتَّى على المتابعينَ أنفسِهم؟

ولذلكَ سنناقشُ أبرزَ المنافع والأضرارِ التي يمكنُ أن تنجمَ عن الدعايةِ المدفوعةِ التي يقومُ بها مشاهيرُ السوشيالِ ميديا.

من المعروفِ أنَّ كلَّ نشاطٍ تجاريٍ يحتاجُ إلى وسائل فعَّالة لعرضِ منتجاتِه وخدماتِه، وإلَّا فإنَّ السلعَ ستظلُّ على الأرففِ دونَ أن يلاحظَها أحدٌ؛ مما يسببُ خسائرَ كبيرةً للتاجرِ، ومع تطورِ التكنولوجيا، أصبحتْ وسائلُ التواصلِ الاجتماعيِّ من أعظمِ النعمِ التي ساعدتْ في فتحِ أبوابِ الرزقِ للعديدِ من التجارِ، حيثُ أصبحتْ الأداةَ الرئيسيةَ للتسويقِ لمنتجاتِهم، واختارَ البعضُ الاستفادةَ من قوةِ مشاهيرِ السوشيالِ ميديا الذينَ باتوا يشكلونَ تأثيرًا كبيرًا على الساحةِ الإعلاميةِ، سواءً في مجالاتِ المطاعمِ أو المحلاتِ التجاريةِ أو المقاهيِ أو المكاتب العقاريةِ أو حتى الأماكن الترفيهية. وبعدَ أن يقومَ هؤلاءِ المشاهيرُ بترويجِ المنتجاتِ عبرَ حساباتهم، من المعتادِ أن تشهدَ هذه الأماكن زيادةً ملحوظةً في الإقبالِ، مما يدلُّ على قوَّةِ هذه الإعلاناتِ، كما تساعدُ هذه الحملاتُ في نشرِ اسمِ التاجرِ وزيادةِ الوعيِ بالمنتجاتِ المعروضةِ، مما يساهمُ في جذبِ مزيدٍ من الزَّبائنِ، وعلى الرَّغمَ من جودةَ المنتجاتِ أو قيمة المحلِّ قد لا تكونُ العاملَ الحاسمَ؛ فإنَّ تأثيرَ الدعايةِ المدفوعةِ يبقى عاملًا مهمًّا في رفعِ المبيعاتِ.

أما المردودُ الماليُّ للتاجرِ بعدَ هذه الحملاتِ الإعلانيةِ، فيكونُ ملموسًا بشكلٍ مباشرٍ، حيثُ أنَّ الترويجَ عبرَ مشاهيرِ السوشيالِ ميديا يؤدي إلى زيادةٍ واضحةٍ في المبيعاتِ؛ إذ الكثيرُ من العملاءِ الذين لم يكونوا يعرفونَ عن المنتجِ أو المحلِّ من قبلِ يصبحونَ الآنَ على درايةٍ بهِ بفضلِ هذه الحملاتِ الإعلانيةِ، ونتيجةً لذلك، يحققُ التاجرُ عوائدَ ماليةً أكبرَ من خلالِ زيادةِ عددِ الزبائنِ، مما يعززُ نجاحَه التجاريَّ ويضمنُ استمراريتَه في السوقِ.

من المعروفِ أنَّ لكلِّ شيءٍ جانبًا إيجابيًّا وآخرَ سلبيًّا، وعندما نتحدثُ عن الإعلاناتِ المدفوعةِ التي يقومُ بها مشاهيرُ السوشيالِ ميديا لصالحِ الكياناتِ التجاريةِ، لا يمكنُنا تجاهلُ الأضرارِ التي قد تترتبُ على هذه الحملاتِ الترويجيةِ؛ فعلى الرغمِ من الفوائدِ التي تقدمُها هذه الإعلاناتُ، هناكَ بعضُ السلبياتِ التي قد تضرُّ بالجمهورِ والمشهورِ نفسهِ، ومن أبرزِ هذه السلبياتِ:

1. عدمُ ضمانِ جودةِ المنتجاتِ: من أكبرِ المخاطرِ التي قد يواجهها الجمهورُ هو الترويجُ لمنتجات قد تكونُ غيرَ صحيةٍ أو ضارةٍ؛ فعندما يقومُ المشهورُ بالترويجِ لمنتجاتِ طعامٍ أو شرابٍ دونَ التأكدِ من جودتها أو سلامتها للاستهلاكِ، فإنَّ هذا قد يتسببُ في مشاكل صحيةٍ للمستهلكينَ. في حين أنَّ بعضَ المشاهيرِ قد يبررونَ أنفسهم بالقولِ إنهم لا يتحملونَ مسؤوليةَ المنتجِ، إلَّا أنَّ الترويجَ لمنتجٍ ضارٍ يؤثرُ سلبًا على سمعتهم الشخصيةِ، بالإضافةِ إلى الأضرارِ التي قد تلحقُ بالجمهورِ.

2. المبالغةُ في الأسعارِ: أحيانًا يتمُّ الترويجُ لمنتجات على أنها الأرخصُ أو الأفضلُ في السوقِ، ولكنَ عندَ البحثِ والتحققِ قد نجدُ أنَّ هناكَ منتجاتٍ مشابهةٍ بأسعارٍ أقلَّ ويعتبرُ هذا نوعًا من التضليلِ، حيثُ يمكنُ أن يعتبرَ المستهلكونَ أنَّ هذه الإعلاناتِ غيرَ صادقة وتهدفُ فقط لجذبهم بطريقةٍ غيرِ حقيقيةٍ.

3. الادعاءُ بميزات غيرِ حصريةٍ: في بعضِ الأحيانِ يقومُ المشاهيرُ بالترويجِ لمنتجات أو خدمات باعتبارها فريدةً من نوعها أو تحتوي على ميزات خاصة لا توجدُ في أماكنَ أخرى. لكنَّ الحقيقةَ قد تكونُ أنَّ هذه الميزاتِ متوفرةٌ في أماكنَ أخرى أيضًا، وهذا النوعُ من الادعاءاتِ قد يؤدي إلى شعورِ المستهلكينَ بالحيرةِ والتشويشِ.

4. التأثيرٌ على ثقةِ الجمهورِ: مع تكرارِ الإعلاناتِ المبالغِ فيها، قد يشعرُ الجمهورُ بعدمِ الثقةِ في هذه الحملاتِ الدعائيةِ؛ خاصةً إذا تكررتْ من نفسِ المشهورِ مع علاماتِ تجاريةٍ مختلفةٍ، وقد يجرُّ ذلك إلى فقدانِ مصداقيةِ المشهورِ والإعلاناتِ التي يقدمها، ويبدأُ الجمهورُ في التشكيكِ في حقيقةِ هذه الحملاتِ الدعائيةِ.

وفي خاتمة المطاف؛ وإن حقق الدعاية التجارية الفوائد والترويج، إلَّا أنه من المهمِّ أن تكونَ الإعلاناتُ مدروسةً بعنايةٍ وأن يختارَ المشاهيرُ المنتجات التي يروجونَ لها بحذرٍ، وأن تكونَ هذه الإعلاناتُ صادقةً وواقعيةً حتى لا تؤثرَ سلبًا على سمعةِ المشهورِ أو ثقةِ الجمهورِ في الإعلاناتِ التي يشاهدونَها عبرَ السوشيالِ ميديا. وأن يتحلوا المشاهيرِ بالمصداقيةِ والتأكدِ من أنَّ هذه المنتجاتِ تتسمُ بالجودةِ والملاءمةِ للمستهلكِ، والابتعادِ عن الترويجِ لما قد يضرُّ بالصحةِ أو يضللُ الجمهورَ.

يضاف إلى ذلك أنَّه يمكن أن يستغنى عن هذهِ الطَّريقة في التَّرويج كما ذكرَ أحدُ أصحابِ المطاعمِ بأنَّه تراجعَ عن هذه الفكرةِ بسببِ التكلفةِ العاليةِ، وقرَّرَ بدلًا من ذلكَ تخصيصَ المبلغِ كخصمٍ للعملاءِ، مما جذبَ مزيدًا من الزبائنِ وحققَ توفيرًا في تكلفةِ الإعلانِ.

سيهات