آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 10:02 م

تجرد

يسرى الزاير

بما أن الذاكرة هي التي تصنعنا، سوف أتجرد من إرادتي واتركني رهن هواها، أينما تريد تحملني وتحطني.

لن أتحدث إنما أترك تلك الساكنة أضلعي ترسم ملامح زمن خطوت فوقه وركض هو بي.

ولا بد من تخبطي، فليس من السهل استحضار وجه الحقيقة عارياً دون تشوه حيناً وتجمل أحياناً.

تلك الحقيقة التي يلقي بها القدر في طريقنا، فنجد أنفسنا مرغمون على ارتشاف كأسها بحلوه ومره.

فوق أول عتبات الذاكرة علقت على أهداب الروح دمعة وكأنها موجة طوفان عاتية عمداً تحجرت.

لا تستغربي نفسي من عقلي!!

فهكذا هي الكلمة تصنع من المستحيل معقول، ها أنا بكلمة جعلت الموجة تتحجر!

ولما لا ونحن في زمن اللامعقول واللامعنى.....

فلن تقتلني كلمة ولن يحيني معنى.

فقط عقلي المعتم يرى النور في الكلمة ويجوب بلا إذن دهاليز الكون بلا معنى.

قد تحملك الكلمة إلى أقاصي الحلم فرداً متوجاً حكمة، ثم تسحقك سحقاً كما نملة بلا معنى سدى حياتها ضاعت.

قد يصبح للكلمة لعنة حين تستوطن عقلك وتلح عليك بالتفكير بما يمكن ولا ممكن.

لقد حاولت كثيراً أن أرتب أفكاري كي ينساب بوحي عذرياً، رقراقاً، لا تشوبه مواربة ولا تثقله علة.

لكن.......

لكن دوماً أجدني في بحر البوح غريقة دون طوق نجاة، أصارع بكلمة الذكرى وأتوه في فيافي الفكر، مستسلمة للهيب التيه وحيدة، حائرة المغزى.

أفكاري في عقلي مكتظة وكلماتي خجلى لا تجرؤ السطرَ، ففي قلبي طوفان يجف من لامسي الحبر.

يمكن أخشى عثرات تخون المعنى إن باح، لكن دوماً بلا كلل أضم بيدي قلمي وأهيم في فضاءات الحلم، أرسم الغيم أمل.

وحين تموت الأبجدية وتيبس الحروف في الحناجر ‏أعرف أن الوجع طغى على تعابير الدنيا حتى توارت اللغة خجلاً واستحياءً.