آخر تحديث: 6 / 5 / 2025م - 10:56 ص

الشاعر محمد آل شيف يروي آفاق تجربته الأدبية لـ «أحدية صهيل الكلام»

جهات الإخبارية نوال الجارودي - القطيف

طرح الشاعر والناقد محمد آل شيف، آفاق تجربته الأدبية للاستكشاف، في اللقاء الأحدي لصالون ”صهيل الكلام“ الأدبي بالقطيف، بحضور جمع من أعضائه والمهتمين.

وراح آل شيف يسرد أحداث الطفولة والوعي المبكر قبل مرحلة الدراسة الابتدائية، وكيف أثرت أجواء الموسيقى والعزف والغناء في الزواجات، خاصة بكل أدواتها المتاحة آنذاك، وملاحقة الصبية لبعض المغنين وأصحاب الطرب المحلي في المنطقة.

وأضاف أن ما شجعه على ذلك في المرحلة الابتدائية هو بيئته الصغيرة التي كانت متسامحة متقبلة لهذا النوع، وفي المقابل كان هنالك المختلف والرافض لمثل هذه الأجواء، بين القبول والرفض كان الطرب المحلي يشكل ملامح وأبيات القرية آنذاك، وتشكلت هذه الشخصية إيقاعيا وراء الصوت ودربت الأذن الموسيقية.

وبيّن أنه تطور بعدها في المرحلة المتوسطة، إلى مرحلة القراءة فصار يحفظ كل ما في كتاب المحفوظات، ما كان مطلوبا للحفظ وما لم يكن كذلك، ما درس وما لم يدرس، وكان والده يعمل في الدمام بوزارة الصحة في مستشفى الدمام المركزي ورغم أنه كان أميًّا إلا أنه يحرص في كثير من الأيام على جلب بعض الجرائد التي توزع في الوزارة.

وأكمل آل شيف أنه بعد ذلك صار يذهب لمكتبة المتنبي ويحدث أمين المكتبة المصري أن يختار لابنه بعض القصص التي تناسب عمره؛ ليقرأها، واصطحبه والده للعمل ذات يوم لمكتبة المتنبي ليهيم الصغير في عالم الكتب الفسيح.

وتحدث الشاعر عن أنه جد في الشعر ضالته التي يصبو إليها، فصار يتتبع حتى البرامج التلفزيونية ذات الصبغة الأدبية ومنها همس النسيم للمذيع القدير المرحوم ماجد الشبل منصتا لصوته الذي يُسكر روحه حد الانتشاء، ووجد في برامج وحوارات محمد رضا نصرالله لا سيما مع الأدباء والشعراء عالما سحريًا.

وقال: إنه وقعت عيناه على أول ديوان للشاعر السيد عدنان العوامي وذهل من وجود شاعر من القطيف يضاهي شعراء كبارا في الوطن العربي، فوضع ديوان العوامي شاطئ اليباب مع ديوان الجواهري ونزار قباني إيمانا بمكانة السيد الشعرية، وضل طوال حياته مؤمنا بعظمة هؤلاء الشعراء.

وذكر أنه لقي في المرحلة المتوسطة أيضا يذهب من الخويلدية مسقط رأسه إلى مكتبة الساحل بالقطيف يشتري له بعض الكتب الأدبية والشعرية بشكل خاص، وينظر للعناوين الجديدة فيحدد بعضها فيعود ليجمع لها ما يتحصل عليه مال فيعود ثانية وثالثة...؛ لشرائها.

وتابع أنه اطلع في هذه المرحلة على ديوان المتنبي ووجد في مكتبة الساحل ضالته من الكتب إلى أن تدرجت موهبته في المرحلة الثانوية، واجتمع بزميله علي الجساس للمرة الأولى على مقاعد الدراسة ليتعرفا على بعضهما وكانت الميول واحدة، فكونا مايشبه مجموعة واحدة؛ تقرأ وتتابع الجديد في الأدب.

وقال الشاعر: إنهم خصصوا لهم جلسة أدبية أسبوعية في بيت الجساس مع بعض أصدقائهم، وقرروا وقتها حضور درسٍ للعروض، فقال لهم محمد الفتى: أنا أدرسكم العروض، تفاجأ الجميع، ولكنهم وافقوه وفعلا وقتها شعر بالمأزق لأنه لم يكن قرأ كتبا حول علم العروض، فاضطر للتحضير شيئا فشيئا، وصار يدرس زملاءه هذه المادة من كتاب علم العروض التطبيقي لنايف معروف وعمر الأسعد، المادة التي قد تستعصي على الكثير.

وتحدث عن نضوج الموهبة في المرحلة الجامعية بكلية المعلمين وتفرع الأدوات، وارتقاء الذائقة، فتماسكت الكتابات على مستوى عال ورفيع ما شكل تجربة مميزة كون منها قصيدته ”طائر الفينيق“، وأخواتها.

ولفت إلى أنه مما ميّز مرحلة الجامعة أنه درس عند دكاترة متألقين، وحظي أيضا بزملاء يمتازون بوعي التجربة والنهم الدراسي للأدب والشعر ما أثرى هذا التعالق والتجاذب الأدبي والشعري، وخلق ذواتا عاشقة للجمال ومحمد منصور كان عضوا مؤسسا لمنتدى اليراع الأدبي بالخويلدية.

ونوه القاص حسين السنوية بتجربة الشاعر آل شيف، قال: البارحة في جلسة الصهيل التي تجاوزت السبعين جلسة، كانت لي مفاجأة وصدمة، المفاجأة انني لأول مره أكتشف أن محمد منصور أبو فاطمة شاعر من الطراز الأول يمتلك شاعر اختار الصمت أراد الابتعاد قرر أن يهتم بالآخرين وناسيا نفسه وشعره.

وأضاف السنونة: هو شاعر يمتلك مقدرة هائل في مزج العاطفة والطبيعة ويعبر عن عاطفته بصدق في نفس الوقت تتجاوب أحاسيسه مع الطبيعة وممزوجة بكل معاني الإنسانية بل إنه يدمج ما بين التراث والتاريخ والحاضر بشكل ملفت مثير ومدهش، يجعل من شعر رأسك مشدود وأنت تبحلق إلى الشاعر وتنتظر المزيد، الصدمة أنني كانت مع إنسان شهور من الجلسات والحديث وخاصة في النقد الذي كان أحد أركانه في الجلسة وتمكنه من اللغة بشكل واضح حيث اكتشفت أنه حديقة كبيرة من الثقافة والوعي والتجارب والتاريخ.

وأكمل: أذهلني حديثه المتنوع، أبهرني إصراره أن يكون متميز ومختلف، كيف كان يخطو من قريته الصغيرة الكبيرة بأهلها ونأسها وأرضها الخضراء، إلى قلب مدينة القطيف حتى يشتري بعض الكتب ولربما يعود بحسرة لعدم مقدرتها شراء كتاب آخر، فتكون بداية تحصيل مبلغ جديد من مصروفه اليومي ليعود الأسبوع القادم وبنفس الشارع الذي سلكه وتحمله قدمه، كيف كان يخبئ الكتاب تحت وسادته خوف أن يضيع، يصور لنا كيف كانت ينتظر أبوه المتعب من المسافة والعمل وهو يحمل بعض الصحف وبعض الكتب المناسبة لعمره ولكنها كان كبير بعقله وأهدافه وطموحاته.

واستطرد: محمد آل شيف أو كما نحب ويحب ان نسميه ”أبو فاطمة“ كان النجمة التي تحاول أن تصل إلى وجه القمر ولكنه أخفى القمر بنور ثقافته ووعيه ونضوجه، صالون الصهيل قارب الثمانين جلسة ومازال الشاعر علي مكي الشيخ يقوم بوضع المفاجأة لنا بحضور الشخصيات واستنطاق المثقفين والشعراء الذين وللأسف بعيدين عن الأعلام والمشهد الثقافي في حين يحضر من هم اقل مستوى في الوعي والنشاط.

وقال الشاعر حسين عمار عن تجربة الشاعر الضيف: حفرت عميقًا في ذاكرته فصار مسكونًا بها، الموسيقى ومحمد منصور" أن تتحد مع الإيقاع منذ نعومة أظفارك، وأن تنتبه للفنّ منذ البداية منشغلًا به عن سواه، وأن تهرب مما يشغل أقرانك الصغار إلى أروقة القراءة والأدب، ذاك انتباهٌ مبكر لايُلقّاهُ إلا ذو وعي عظيم! فبين الموسيقى والأدب ومنذ حكايات عالمية الكرتوني وحتى اشتغاله في طائر الفينيق عمرٌ متوقّدٌ بالثقافة والأدب والجمال.

ووصف الشاعر علي الشيخ اللقاء بقوله: شهد الصهيل، الانفتاح على تجربة مهمة جدا اختزلت الكثير من الحكايا الطريف، الجادة والمهمة، ما شكلت علامة فارقة في أدبنا القطيفي محمد شيف، قارئ نهم وشاعر محلّق وناقد متمرس ومستمعّ فطن وإن أبعاد شخصيته محكمة الخصال تضافرت في بنائه عوامل المتفرد فكان واحد تجربته، مازلت أقول لم يأخذ موقعه المناسب في الإعلام المحلي والعربي كما أتمنى أن يجد في محاولة طباعة ديوانه ”طائر الفينيق“ ليهب للمكتبة العربية خلاصة تجربة فارعة جدا تتفوق وتتميز كثيرا.

من جهته قال الشاعر إبراهيم الزين: لا يمكن أن نصنف الشاعر والناقد محمد آل شيف إلا من طبقة الشعراء الذين يتميزوين بخاصية مستقلة، والحس الشعري المتفرد.

وأضاف: ذائقة آل شيف لها طعم معتق ما بين جمال الماضي وحداثة الحاضر الراقي ذوقاً وتماجزاً، تستطعم من نظمه النغم والموسيقى ورشاقة الحرف والإلقاء السيمفوني الذي يقودك حتما إلى الإعجاب والدهشة والتصفيق، ولا يمكن للغتي الشخصية أن تصفه وأنا الذي عرفته من قريب ولم يخطر ببالي أن هذا الإنسان الجميل يحمل بين جنبيه ديوان شعر آخر غير ما اعتدنا سماعه وقراءته.. إنه أستاذ الشعر وناقده بامتياز.