أخصائي نفسي: «المواسم العبادية» فرصة لتجديد العائد الروحي

دعا الأخصائي النفسي ناصر الراشد، إلى أهمية الاستفادة من ”المواسم العبادية“ في ”تجديد العائد الروحي“، الذي يثبت عند مستوى معين، نتيجة ”التكيف“ ويحتاج إلى تنشيط.
وقال في محاضرة له بعنوان ”المواسم العبادية فرصة لتغيير الذات“، بأحد المجالس الثقافية بالدمام: إن ”العائد الروحي“ مثل كل شيء في الحياة يستقر عند مستوى معين من الشعور بالسعادة، للإنجاز، ويحتاج إلى تنشيط، بالعمل الصالح والذي يجب ألا ينحصر في مفهوم ضيق من العبادات.
وأضاف: يحتاج العمل الصالح كمادة ”للحياة الطيبة، وتجديد العائد الروحي“ إلى استمرارية، بتوسيع مفهومه، ليشمل كل مناحي الحياة، والذي يتطلب معرفة بالنظر في القرآن الكريم والروايات الشريفة والعلوم المعنوية، التي تبقي الإنسان بعيدًا عن الغفلة، وتجعله في مدارات إيمانية ثابتة ومستقرة.
وتطرق إلى ما ذكره عالم النفس الثاني، في المدرسة التحليلية بعد فرويد ”يونج“ في أثر التدين على الصحة النفسية، مشيرًا إلى اكتشافه أن جميع مرضاه كانو يفتقرون إلى فكر ديني ذي علاقة بالحياة، وأن علاجهم تطلب استمالتهم لفكر أو عقيدة دينية.
وأكمل: يحتاج الإنسان إلى قرار قوي وحاسم في ”نقطة التحول“ للتغيير، بالتخلص من الأغلال التي تكبله وتمنع حريته النفسية وتعيق نموه، وتتمثل في العادات والأفكار الخاطئة، والتي لا تخدم أهدافه كتضييع الوقت.
وبين أهمية ”الوعي والبصيرة بالذات“ للتعرف على مشكلاتها ونقاط ضعفها فيما يتعلق بالجانب الروحي، وكيف يستطيع الإنسان التأثير في مجريات حياته، يرغب في التغيير ولكن هل تحكّمه خارجي أم داخلي، مشيراً إلى أن الأول يلقي فيه اللوم على البيئة ودورها في قرارته، والثاني يعترف أن المشكلة منه، ويحتاج إلى علاج.
ودعا إلى الانتباه ”للسيناريوهات السرية في النفس“ وضرورة تطهير الجهاز النفسي منها، وتتمثل في الدفاعات النفسية السلبية، كالتبرير والإسقاط والتحويل، والتي لا تخدم الانسان وأهدافه بل تعيق نموه.
وبين أن العقل هو عنصر تنظيم حياة الانسان وصحته النفسية، وأن إثرائه بالأفكار الإيجابية المتصلة بالله وتؤثر في سلوكه أمر هام، مؤكدًا أهمية البعد عن الغفلة، وإعادة الاتصال بحهاز القيم، والتي تؤثر في قرارات الإنسان واستجابته في المواقف.
ونوه إلى أهمية ”التدين المعرفي“ الذي يكون فيه الفكر حاضر، بخلاف ”السلوكي“ الذي قد يتعبد الإنسان فيه بالشعائر ولكن قيمة البر لديه مفقودة، أو التدين ”بالعاطفة“ فقط.
وقال: في رحلة التغيير على الإنسان ترك الأفكار والعادات الخاطئة ومنها ”التسويف، والتأجيل، والكسل، والتبرير، واليأس المتعلم“، لافتاً إلى أن التسويف من أشكال التفكير الخطيرة، ويمارسها الغالبية بنسبة 93%.
وأورد من ضمن الأفكار والعادات الخاطئة ”تجاهل الإيجابيات للنفس والآخرين،“ والانتقائية ”وبعضها سوداوي، متطرقاً لمقولة الامام علي ع“ تفاءل بالخير تنجح".
ولفت إلى ضرورة ”بذل الجهد“ والذي يعتبر لدى الشعب الياباني أهم من الذكاء والقدرات والاستعدادات الجيدة الموروثة، إذا كان يكتنف السلوك الكسل.
وشدد على أهمية ”الدافعية“ للتغيير، والبعد عن ”العجز المكتسب“ والذي قد تأتي إشاراته من الخارج، أو الشعور أن العمر لم يعد فيه متسع، لافتاً إلى أنه ”أن يبدأ الإنسان أفضل من أن يبقى وتكون النهايات مؤلمة“.
وبين أهمية تعزيز ”المهارات الادراكية“ والانتباه للأولويات في العادات المراد اكتسابها، أو تنحيتها، وكلاهما يحتاج إرادة، وتنشيط سلوكي، وانتباه ”للمقاومة الداخلية“ التي قد تتسبب في إبعاد الانسان عن تحقيق أهدافه.
ونوه إلى أهمية ”المعرفة بقوانين العقل الباطن“ الذي يخشى الأهداف ”الكبيرة“، وبوابة قبوله لها أن تكون ”بسيطة“ للاستمرارية وجني ثمار عوائدها الروحية.
وتابع أن التغيير عملية مستمرة، وتوقفه يعني توقف مادة السعادة في الحياة، مشيراً إلى أن المؤمن ”متفائل“ وفي حركة دؤوبة ”لاتقطنوا من رحمة الله“.
ولفت إلى أهمية استقطاع وقت ”للمحاسبة اليومية“ ”ومراجعة المنجزات“ للاستمتاع بالنجاحات والروح الجديدة وأثرها عليه ومن حوله، ولابد من وجود ”جهاز تنبيه“ لضمان عدم الغفلة والاستفادة من البرنامج الروحي، وتفكيك ”دائرة الارتياح“ للتمكن من بناء عادة جديدة.
وبين أن ”بناء عادة جديدة“ يحتاج إلى ”محفز“، ومن المهم انتقائها بحيث تخدم أهدافه في الحياة ”مشاهدة تلفاز بالساعات، أو قراءة كتاب“.
وذكر أن الأهداف تعتبر محفز، فلابد من توسيع دائرة التأثير على ”دائرة الاهتمام“ ليستثمر وقته" وتخدم أنشطته اليومية أهدافه، وبالامكان مراقبة وقته لمدة اسبوع لاستثناء الأنشطة غير المنتجة واستبدالها بالفعالة.
وشدد على أهمية ”إدارة الوقت“ وأنه المفتاح الأساسي للناجحين، وأن من لايستطيع إدارته فلن يستطيع إدارة أي شيء في الحياة، مشيراً إلى أن نسبة من يهدرون أوقاتهم 50%.
وتطرق إلى القدوة الصالحة كمحفز، ولنا في رسول الله ص أسوة حسنة، ومنها سير الأنبياء والصالحين والناجحين بشكل عام، والاستفادة من استراتيجية ”التنافر المعرفي“ في اتخاذ القرار بناءاً على ما يقرب الإنسان من هدفه الروحي، مورداً مقولة للإمام زين العابدين ع ”أعوذ بك من كل لذة في غير ذكرك“ - ”الجلوس في الديوانية بالساعات مع الشباب، أو قراءة كتاب؟“.