آخر تحديث: 9 / 5 / 2025م - 7:00 م

بالصور.. خمسة شعراء من أجيال مختلفة يؤرخون ”معالم“ جزيرة تاروت

جهات الإخبارية سلمان العيد تصوير: سعيد الشرقي - حسن ال سويد - جزيرة تاروت

العوامي والفرج والمعاتيق وآل حسين وآل شوكان يعزفون ألحانهم في ”بستان تاروت“

ضمن المسار الثقافي لمهرجان ”بستان قصر تاروت“ التي تنظمه جمعية تاروت الخيرية للخدمات الاجتماعية ”خلال الأسبوع المنصرم من شهر رمضان المبارك“، انطلق خمسة من الشعراء من أجيال مختلفة ليبدي كل واحد منهم بشعوره ”العاشق“ لجزيرة تاروت، ويصرّح بمدى هيامه بهذه الجزيرة التي لم يرصد معالم عظمتها وجمالها على المؤرخين والروائيين، ليأتي الشعراء ليؤكدوا حقيقة ذلك الجمال الرائق، وواقفين على ذلك العبق الذي يربط الماضي بالحاضر، لينطلق إلى بهاء المستقبل،

وأمام حشد من الرجال والنساء متذوقي الشعر، وعاشقي هذه الجزيرة الحالمة انطلق الشاعر الكبير عدنان العوامي، مقدّما ثلاث قصائد كل واحدة تطارد الأخرى وتنافسها في الجمال ودقة ورقة الألفاظ وعمق المعاني، إذ يقول في الأولى التي حملت عنوان ”العودة“:

تاروت جئتك مكدود الخطى تعبا

أجرّ خلفي تاريخا وظلّ صبا

وامتطي سهر العشاق راحلة

إلى شواطيك أطوي الحزن والسهبا

تعبت من مدن القصدير تترعني

ظما، وتتخمني أشباحها رهبا

الا ترين بوجهي من أظافرها

دما وملي فمي من وخزها ندبا

إلى أن يقول:

تاروت هل تهب الشطآن عاشقها

هنيهة بعد أن ضاعت مناه هبا

هل تحتفي أذرع ”الماجي“ بمن غزلت

مداخن التبغ في أجفانه سحبا

مدي ظفائر عشتاروت واحتضني

رأسي المهيض بروحي رملك الذهبا

مدي أناملك الخضراء واقتربي

فما علي اضاق الدرب أم رحبا

وفي القصيدة الثانية التي حملت عنوان ”تاروت“ يقول الشاعر الكبير:

تاروت أين صحا جفني وأين غفا

رآك ترسين في أهدابه فهفا

ضجيعة البحر والشطآن هل كبدٌ

أوت إليك فما أرويتها دنفا

إلى أن يقول:

لولاك تاروت هل غنّى الهوى وتري

يوما وهل رفّ قيثاري وهل عزفا

وهل أبحتُ لزندي خصر فاتنة

لو لم أوسّدك أنت الصدر والكتفا

يا عقدة الدمع في جفني كفى عتبا

لولا رسوبك في جفني لما طرفا

واما القصيدة الثالثة التي حملت عنوان ”أغنية لتاروت“ قال فيها:

عفو الصبا تاروت عفو الصبا

ما أجمل الذكرى وما أعذبا

ماذا تصبّي فيك هذا الهوى

فاختار دنياك له ملعبا

حسانك اللائي يرشن البها

سهما لذيذ الجرح مستعذبا

ثم يقول:

تاروت من بعثر هذا السنا

على روابيك ومن ذوّبا

امن جراحات صريع الهوى

فوّفت هذا الشفق المذْهبا

امن صبابات عشيقاته

تبكي النواعير فتندى الربي

هذا ”ادونيس“ وذي قوسه

عطشى، وهذا سانحات الظبا

وتلك عشتاروت في مجدها

تختال بالحسن وزهو الصبا

إلى أن يخلص إلى القول:

تاروت ما غاية هذا الفتى

يعاف نعماء الهوى مغضبا

هذا الفتى الغر ما باله

يبغي عن الحسن له مهربا

يشيح عن دنياً على غيره

عزّت منالا ونأت مطلبا

عفو الهوى تاروت عن ذنبه

إن كان في شرع الهوى مذهبا.

اما الشاعر الكبير سعود الفرج، فقد أرفق قصيدة بمقدمة شعرية ”أيضا“ قال فيها:

أهلاً بعشتارِ أهلاً موطنُ النّجَبَا

أرضُ السلامِ التي يسمو الشعاعُ بها

هذا الزمانُ لكِ نقشٌ مسافتُه

حيث البيانِ تجلى حرفُهُ وَلَهَا

جزيرةٌ من قطيفِ الحبّ مورقةٌ

على الضّفافِ وحسنُ الحب فيها سَهَى

أهلاً بكِ خولةَ الأمجادِ ما برُحَتْ

شواطئ الحرف لم تبلغ إليها نهى.

ليأتي محلّقا بقصيدة حملت عنوان ”يا ارض تاروتَ“ يقول فيها:

يا أرضَ تاروتَ يا مهدَ الحضاراتِ

يادرةً فوق شطآن وواحات

رددت في نغمٍ ”تاروت قافيتي“

لكم ترى العين فيها من مسرات.

عند السنابس كان الأمس يطربني.

كم نلت فيها ربيعا من ملذات

فيها من الناس من رقت مشاعرهم

هم أهل ودي وأصحاب المروءات.

يا أهل تاروت مازالت تداعبني

أصداء ماضيك من فوق الحجيرات.

كانت مراكب قومي لا ترى وهنا

كم طوعت صعبة بين المحيطات.

واليوم عدنا نرى من حصنها أثرا

تكسر الموج لحلم بعد آهات.

جرنا على البحر لم نترك ضفاف هوى

غير الرميم الذي ينأى بأنات

حيث المروج الخضر أشجارها طمرت..

والشاطيء الغض يشكو من ظلامات.

واما الشاعرة زهراء آل شوكان فقد جاءت مشاركتها من خلال قصيدتين عن ”جزيرة تاروت“ تقول في إحداهما والتي حملت عنوان ”عشتار الجمال“:

تزين الجيد بالرمان والتين

وهامها الشمس يزهو بالرياحين

تنثال ألف ابتسام للحياة وفي

أطرافها الماء يجري في البساتين

فاض الجمال ب ”عشتار“ الجمال فما

رأيت غير سناها العذب يحييني

وما وجدت سلاما غير شاطئها

فيه السكينة كالترياق يشفيني

”تاروت“ يا دانية في البحر وادعة

عنك المدائن جمعا ليس تغنيني

كل البقاع وإن ماس الدلال بها

يبقى بهاؤك يا حسناء يغريني

يا أنت يا جنة منذ كنت تلهمني

هواك غرس نما في بدء تكويني

اهزوجة رتلت ماضي حكايتنا

وموسقتنا فماست في تلاحيني

اسطورة طال النخيل بها

يحكي بطولتها غصن الأفانين.

إلى أن تقول:

جزيرة طيّبت بالود معدنها

تقدس الحب نهجا جاء في الدين

وروحها عانقت أرض القطيف فذا

تاريخها المجد في كل العناوين

اما الشاعر الرقيق حبيب المعاتيق فبلغة العاشقين، وفي قصيدة حملت عنوان ”تاروت وتَآوِيلُنَا في الحُب“ يقول فيها:

تَتَبرجِينَ تَبرُّجَ النوَّارِ وتُرَاوِدِينَ الوَجْدَ في أَشْعَاري

ما زلتِ تَرتَكِبينَ فِتْنَتَك التي ماكُنتُ لوْلاهَا خَلَعتُ عِذَاري

مَا أصْعبَ الكِتمَان إنْ هَجَمَ الهوَى

كم أُبتَلَى في الذَّودِ عن أسْرَاري

تَيَّمتُهَا ”تَاروت“ وارْتَبكَتْ عَلى

شَفَتِي الحُرُوفُ معَ المَهبِّ الساري

”تاروتُ“ يا عُمُري، وأَغْلَى مَا

يَكونُ الحُبُّ ما لو نِيطَ بِالأَعْمَارِ

أغْرارَ كنَّا يومَ أنْ نَطَقَ الهَوى

والحُبُّ أصْدَقُهُ هَوَى الأغْرَار

”تاروتُ“ كم مِنْ نَخْلةٍ عَلَّقتُ فِيها

مِن هَوايَ إلى السَّمَا تَذكَاري

حَافٍ على زَنْديكِ يا ”تاروت“

ما بدَّلتُ عَنكِ معَ المَدَى مِشْوَارِي

ويمضي قائلا:

”تاروتُ“ يا نَغَماً شَجيَّا طَالَما حنّتْ إليهِ صَبابة الأوتَارِ

”تاروتُ“ طالَ بيَ المُقامُ وما قَضيتُ منَ الهوَى المعشارَ من أوطَاري

أغرَيتِني أبداً، فلا تَتحدَّثي عندِي عن الأسْباب يا ”عشتاري“

من يسألُ العُشاقَ عن أسْبَابهمْ

في العِشقِ كمْ يرتابُ في الأقدارِ

أما الشاعر أحمد الحسين، فلم يشأ أن يترك القصة ناقصة، بل جاء ليكملها بقصيدة تحت عنوان ”تاروتُ تستريحُ في ملامِحي“، يقول فيها:

تاروتُ والنَّفَسُ المُمتَدُّ للأبَدِ

والعِشقُ يَعصِرُني شِعرًا مِنَ الكَبِدِ

تاروتُ يا لَمْحَةً في الوَجهِ أحمِلُها

مِمَّا يُوَرِّثُ حُسْنِ الأُمِّ للولَدِ

قَد سافَرَ العِشقُ بي فيها لأبعَدِ ما

يُسافِرُ الوَجدُ في الدُّنيا ولم أعُدِ

لمَّا بَلَغتُ بها في الحُبِّ آخِرَهُ

أحسَسْتُ أنِّي مُحِبٌّ مُطلَقُ العَدَدِ

لو أنَّهُم قَرأوا كفِّي لما وَجدوا

إلا خريطةَ تاروتٍ بِرسْمِ يَدي

هُنا بُيوتاتُ عبد القيسِ خالِدةٌ

بيوتُ مَجدٍ كضوءِ الشَّمسِ مُتَّقِدِ

اللابسونَ على الأكتافِ هَيبَتَهُم

الرَّاكِبونَ خُيولَ العِزِّ والمَدَدِ

الوافِدونَ على المُختارِ حينَ دعا

الأقرَبونَ لهُ قلبًا على بُعُدِ

يُقريكَ قومٌ هُمُ أحفادُ صعصعةٍ

أو من بني طِيِّءٍ أو مِن بني أسَدِ

هُنا مَراكِبُ أجدادٍ، ورَجعُ صَدًى

مِن داخِلِ البَحرِ يَدعوني أيا وَلَدي

أنا ابنُ تاروتَ مَمزوجٌ بِتُربَتِها

النَّخلُ والسِّدرُ والإترَنْجُ في جَسَدي

أنا ابنُ خَمسةِ آلافٍ مَضَت، وعلى

جِسمي أحافيرُ مَن قَد شَيَّدوا بَلَدي

تاروتُ تَعرِفُ أسمانا وتَحفَظُها

أولادُها نَحنُ، لم نَطرَأْ ولم نَفِدِ

تَأتي وتَذهَبُ جَرهاءٌ وفِينِقَةٌ

ونَحنُ نحنُ بَنو تاروتَ للأبَدِ

تُقَلِّبُ الرِّيحُ في التَّاريخِ أَوْجُهَهُ

ونَحنُ باقُونَ مِثلَ الرَّأسِ للجَسَدِ

يذكر أن هذه الأمسية الخامسة من امسيات المهرجان الثقافية التي ينفذها منتدى الثلاثاء الثقافي بالمناسبة، إذ تم خلال الأمسيات السابقة رصد معالم جزيرة تاروت، وحضورها في شعر الموال، وفي الرواية المحلية.