آخر تحديث: 10 / 5 / 2025م - 1:05 م

محامون: منع إعلانات جمع تبرعات «الدية» قرار موفق.. ولا نظام يحدّ من عمل «السماسرة»

جهات الإخبارية إيمان الشايب - القطيف

قال محامون: إن الدية الشرعية لقتل الخطأ ثابتة المقدار، وإنه لا يمكن لأهل ”المقتول خطأ“ طلب أي زيادة عليها، فيكون على من يقتل خطأ الكفارة الشرعية وعلى عاقلته الدية الشرعية. مشيرين إلى ان منع إعلانات جمع تبرعات ”الدية“ قرار موفق ولا يوجد نظام يحدّ من عمل ”السماسرة“.

الدية الشرعية

وأكد المحامي هشام الفرج أهمية التفريق بين الدية ومتى تستحق، والمبالغ التي تدفع لإرضاء أهل المقتول عمدًا، موضحًا أن أي شخص تُجمع له مبالغ مليونية، فهو قاتل عمدًا وعدوانًا بكامل الأهلية.

وبين أن الدية الشرعية المقدرة لقتل الرجل خطأ تقدر ب ”300 ألف ريال“، وذلك استنادًا للفقرة الثانية من قرار المحكمة العليا ”رقم 2 بتاريخ 14/7/1431“ الموافق عليه بالأمر السامي ”رقم 43108 بتاريخ 2/10/1432“.

ولفت إلى أن من يثبت قيامه بالقتل عمدًا ظلمًا وعدوانًا ”أي يثبت قيامه بالقتل وهو قاصد وبدون سبب شرعي - كالدفاع عن النفس -“ فصدر بحقه الوعيد الإلهي بالخلود في جهنم فقال جل من قائل في الآية الثالثة والتسعين من سورة النساء ”وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا“.

وأشار إلى أن لأهل المقتول المطالبة بالقصاص منه ”قتله“، ويتم عرض مبالغ مالية لأهل المقتول للتنازل عن طلب القصاص.

الإجراءات القانونية

وعن الإجراءات القانونية المترتبة على الصلح من حيث حفظ الحقوق، قال: إنه يتم إثبات الصلح على مبلغ معين نظير تنازل أولياء الدم عن طلب القصاص بموجب ”صك رسمي“ يصدر من المحكمة المختصة، ويكون له كامل الحجية.

وتحدث عن كون الصلح ملزم لأطرافه ولا يمكن التراجع عن بنوده بعد توقيعه استنادًا على الفقرة الثالثة من المادة السبعين من نظام المرافعات الشرعية.

وأكمل: أما من يستولي على أموال أؤتمن عليها لسداد المبلغ المتفق عليه للتعويض عن قتل العمد، فيعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ”خمس“ سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على ”ثلاثة“ ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ وفق المادة الثانية من نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة.

وأشاد بيقظة الدولة التي منعت جمع المبالغ التي يتصالح عليها من قبل الأفراد إذ أصبحت الطريقة الوحيدة المرخصة لجمع الديات عن طريق الحساب المخصص لذلك الذي يتم الإشراف عليه من قبل الإمارة.

حالات العفو

وعن حالات العفو وأثرها القانوني، أبان بأن العفو يسقط عقوبة الإعدام قصاصًا ”للحق الخاص“، ولكن في بعض الحالات تبقى عقوبة القتل على الجاني لكون قتله ضرب من ضروب الحرابة، أو الغيلة، مبينًا بأنه في أي من هاتين الحالتين لا يؤثر عفو أصحاب الحق الخاص في استحقاق الجاني لعقوبة القتل.

وأثنى الفرج على قرار وزارة الإعلام بمنع إجراء أي تغطيات صحافية أو نشر إعلانات لجمع تبرعات الدية واصفًا إياه ب ”القرار الموفق“.

المبالغ الكبيرة

من جهته، أشار المحامي ثامر المحيسن إلى أن المطالبات بالمبالغ الكبيرة قد تجر أولياء القاتل إلى الكذب واختلاق القصص الخيالية لاستدرار عطف المحسنين الذين يسارعوا للبذل والعطاء.

وقال: إذا كُشف كذبها أضرت بصدق أهل الصدق في الحوادث الأخرى، كما قد يُستغل جزء من هذه الأموال المجموعة في أنشطة محذورة.

وذكر أن بعض المطالبات الكبيرة قد تشجع بعض سماسرة الدماء على المشورة برفع مبالغ الصلح بالطرق الملتوية ليكون لهم نصيبًا أكبر حين تنجح الوساطة ويقبل الصلح ويتم جمع الأموال.

وبين أن الديات المبالغة فيها أحيانًا قد تكون تعجيزًا للخصم كونه يعلم بأن الحالة المادية صعبة وبأنه لا يمكن تسديدها وينتهي به الأمر إلى إلغاء الدية وتنفيذ الحد على الجاني.

ولفت إلى أنه قد يرى بأنها جبرًا لخاطره تعويضًا عن ما أصاب العائلة من ضرر معنوي وفقدانهم للمتوفي إلى جانب رغبتهم بأعمال خيرية وتحسين ظروفهم.

وأوضح أنه بعد إحالة القضية من النيابة العامة إلى المحكمة الجزائية ينظر للقضية بالحق العام والخاص فإذا طلب المدعي بالحق الخاص الدية يتم تثبيت ذلك من قبل القضاة بدائرة القصاص والحدود ويدون في صك الحكم ويكون الصك هو حفظًا للحقوق ثابت بموجب الصك.

سمسار الدية

وعن عقوبة ”سمسار الدية“، الذي يجمع الأموال بطريقة غير رسمية، قال: إنه يتم اتخاذ الاجراء اللازم من الجهة المعنية ضد من قام بجمع المال حيث إن الدية يتم تجميعها عن طريق فتح حساب بنكي من قبل الأمارة وتقوم لجنة بتخصيص حساب بنكي يتم جمع الدية من خلاله ويكون هذا الحساب معتمد رسميًا.

وفيما يخص العفو ذكر بأنه من صفات المسلمين فإذا قام الورثة أهل المجني عليه بالعفو مطلقاً ابتغاء ما عند الله من الأجر والثواب في الآخرة فقال تعالى ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَة ٌفَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ وهنا لهم الأجر عند الله كما أن ذلك يعطي فرصة للجاني بالتوبة وطلب المغفرة من عند الله والرجوع عن الأخطاء التي ارتكبها في حياته، ويتم تثبيت ذلك بالتنازل أمام المحكمة المصدرة للحكم.

اعلانات تبرعات الدية

وأشاد بقرار وزارة الإعلام بمنع إجراء أي تغطيات صحافية أو نشر إعلانات لجمع تبرعات الدية لعدة أسباب منها عدم تهاون الآخرين في ارتكاب هذه الجرائم حيث سيرى أنه لو ارتكب هذه الجريمة سيقام له جمع أموال وتسديد الدية وإطلاق صراحه، ومن جهة أخرى انطباع سلبي قد يؤخذ عن وجود هذه الجرائم بالمجتمع وسهولة التخلص منها بالدية وهذا يترك أثر نفسي بداخل الآخرين بعكس الصورة الصحيحة بأننا في مجتمع مسالم وهو ما حثتنا عليه شريعتنا الإسلامية بحفظ الأنفس والأعراض وعدم التعرض على النفس وما دون النفس.

وطالب من يقوم بالمساهمة بالدية أن ينظر إلى نوع الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص هل كان قتل خطأ أو قتل عمد، وأن ينظر بحالة كان عمدًا وكراهية للمجني عليه فلا يحبب ذلك وعليه أن يأخذ جزائه لكي يكون عظة وعبرة للآخرين.

جرائم القصاص

من ناحيته، بين المحامي محمد الجشي أن جرائم القصاص والديات هي الجرائم التي يعاقب عليها بقصاص أو دية، حيث لكل منهما عقوبة مقدرة حقا للأفراد، أي أنها ذات حد واحد، وأن لذوي الدم حق العفو عنها، فإذا عفو أسقط العفو العقوبة.

وقال: إن مجلس الشورى السعودي اقترح مقدار الدية بالصلح عن القصاص للأعزب وقدرها ”مليونين ريال“ وللمتزوج ”أربعة ملايين ريال“ كحد أقصى.

وأضاف: أرى أن المغالاة في الديات لا تعني إعجاز الجاني النادم لتطبيق الحكم عليه إنما لجعله عبرة أمام أفراد المجتمع لحجم الجريمة التي قام بارتكابها، وحتى أن هذه المغالاة لا تعوض روح الإنسان، فروح الإنسان لا يمكن تقديرها بثمن.

وذكر أنه لا يجوز لأحد أطراف محضر الصلح فسخه بعد لزومه، أو إبطاله إلا بموافقة جميع الأطراف أو لمقتضى شرعي أو نظامي، حيث يحق للمتضرر اللجوء للقضاء عند مخالفة الصلح والمطالبة بحقه المترتب على مخالفة الصلح.

عقوبة سمسار الدية

وعن عقوبة سمسار الدية، قال: إنه لا يوجد نظام حدد عقوبة لسمسار الدية حتى الآن ولكن النيابة العامة حذرت الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من نشر إعلانات الديات أو المحتاجين أو سداد المديونيات، وفي حال مخالفة ذلك يتم الحكم عليه حسب المقتضى الشرعي من المحكمة المختصة.

وبين الجشي أن العفو يؤثر في جرائم القصاص، بحيث إذا صدر صحيحا سقطت عقوبة القصاص وانتقل إلى الدية، فإذا عفا بعض المستحقين فأنه يسقط القصاص وينتقل الحق إلى الدية.

ولفت إلى أنه لا يجوز العفو في الحدود لما يترتب على ذلك من مفاسد تلتحق بالحق العام.

وأيد قرار وزارة الإعلام بمنع إجراء أي تغطيات صحافية أو نشر إعلانات لجمع تبرعات الدية لأنه يقوم بوضع حد لسماسرة الدية من المزايدة في الديات وحملات التبرع لها؛ حيث تم تأسيس منصات من جهات حكومية مختصة للعمل الخيري تسهل عملية التبرع.