«چول الضبعة».. البرد الذي قتل العجوز وأغنامها

”چول الضبعة“، هكذا يصف أهل القطيف البرد الذي يباغت موجات الحر في نهاية موسم العقارب، ويسمى في مناطق من الجزيرة العربية ”بياع الخبل عباته“.
وتقول الرواية الشعبية، على لسان أم محمد الجارودي لـ ”جهات الإخبارية“: إن عجوزًا كانت في طريقها للسوق لبيع ما تمتلك من حلي ذهبية لشراء طعم وملابس تقيهم البرد، ولكنها فوجئت بفلاح يرتقي النخلة وينبتها، فظنت أن الصيف قد دخل وقالت مقولتها مستنكرةً متعجبة ”أبيع خوقي وطوقي والمنبت على النخلة“ فأقفلت راجعةً إلى بيتها، فإذا بالبرد الشديد يهاجمها هي وأغنامها، فماتت من البرد والجوع.
وشرح المؤرخ عبدالرسول الغريافي معاني الرواية للصحيفة، بقوله: الضبعة كما هو في لهجات بعض مناطق الخليج كالبحرين والقطيف - مثلا - تعني العجوز وأما الچول فهي من أصل عربي فصيح وهو ”الكول“ وقد استبدل حرف الكاف بالچاء محليا تخففا بها وحسب اللهجة لتصبح أصله العربي ”كول العجوز“.
وأضاف: الكول في اللغة - كما ورد في لسان العرب - تكول القوم عليه تكولا وتثولوا عليه تثولا أي إذا اجتمعوا عليه وضربوه وشتموه ولا يقلعون عن ضربه وشتمه وقيل تكولوا عليه وانكالوا عليه وانثالوا عليه.
وأضاف: جاء في تاج العروس: تكولوا عليه: اقبلوا عليه بالشتم والضرب، ويأتي معجم المحيط في اللغة بنفس التعريف: تكوّل القوم عليه تكولا أي اجتمعوا عليه وضربوه.
وأوضح المؤرخ أن المعنى هنا هو التكالب على الشئ أو الشخص والتجمع عليه ومباغتته فجأة، وله معان أخرى كما ورد ذكره - مثلا - في تاج العروس: أكول الرجل إكوئلالاً إذا صار كوأللاً وهو القصير المكتل وفي المعجم الوسيط: كول القمح قدر بالكيل فهو قليل، ففي المعنيين الأخيرين دليل على القلة والقصر والنتيجة هي أن هذا النوع من البرد يهجم ويتكالب بغتة وبشكل مفاجئ كما أنه قصير المدة.
وأكمل: العجوز أو الضبعة عادة ماتكون ضعيفة لأنها في نهاية عمرها وهذا البرد هو ضعيف وفي نهايته لأنه يأخذ ثمانية أيام من آخر فبراير إلى عشرة مارس تقريبا وهو في أيام شباط الذي لا يميز القوي من الضعيف فهو مؤثر على الجميع وبعكس جدته المربعانية التي لا تضر إلا الضعاف ومن لا يتقي بردها كما أن هذه الجدة غالباً ما توصي حفيدها شباط بأن يرحم الناس من خطر مضرة برده ولكنه لا يميز القوي من الضعيف ولا الغني من الفقير فيضرب كل من تعرض له ببرده القصيرة مدته، ومن معاني شباط الصبر والثبات أمام كل عنيف.
وبين الغريافي أن چول الضبعة متفق عليه محليا وفي عامة المناطق العربية في المعنى وفي المقابل لفظا ”چول الضبعة: هو برد العجوز“ الذي يمتد من 25 فبراير إلى 10 مارس، ويعرفه البعض بأنه الربيع البارد.
ولفت إلى أن الناس اختلفت في سبب تسميته بالإضافة إلى قرب أجل البرد لكبر سنه أو لما له من تأثير أكبر على كبار السن وكذلك لأن العجوز أو الضبعة هي التي تشعر بضربه القوي في عظامها حين تهب رياحه العاتية القوية وترتعش فيها الأجساد التي وهن عظمها كبر السن.
وذكر أنه يسبق چول العجوز فترة ترتفع فيها درجة الحرارة لدرجة أن الكثير من حديثي السن الذين تنقصهم الخبرة أو من تنقصهم الدقة في الملاحظات يظنون أن البرد قد ولى بلاعودة وحل محله الدفء! لذا نجد البعض من سكان الخليج والسعودية يطلقون عليه مسمى ”بياع عباته“ أو كما يقول البعض ”الخبل باع عباته“ وذلك ظنا منه أن ”أيام الحسوم“ قد ولت بلا عودة فينقلب عليه فجأة.
وأشار إلى أنه يعرف عند أهل الزراعة أيضا ببرد الشوّله وهي أحد أيام نجوم العقرب. ومن أسباب التسميات الظريفة بهذا الإسم كما يقال أن أمرأة عجوز ذات حكمة وحصافة قد نصحت قومها بأن لايجِزُّوا صوف خرافهم ”أي لايقصوه عن آخره“ لأن البرد القارس المؤذي قادم ولكنهم لم يسمعوا نصحها فجزوا أصواف خرافهم وبعدها فاجأهم البرد ثانية بقدومه وقتل جميع خرافهم فسمي ببرد العجوز وأما نحن فقد سميناه باسم ”چول الضبعة“.
من جهته، قال عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الدكتور خالد الزعاق: إن موسم ”بياع الخبل عباته“ يسمى أيضاً ببرد العجوز؛ لأنه يأتي في عجز الشتاء.
وأشار إلى أن هذا الموسم له هجمات مباغتة، تأتي بعد دفء، ولذلك سموه بهذا الاسم؛ لأنه يأتي في نهاية موسم العقارب، وسمي موسم العقارب؛ لأنه يلسع كلسع العقرب.