الإعلامي نصر الله.. مواطنان من القطيف يديران أهم مؤسستين عالميتين
⁃ قال لي ولي العهد: ما يهمني هو الكفاءة والإخلاص للوطن.
⁃ وهذه قصتي مع صدام حسين ولماذا طردوني.
⁃ وهذا السبب وراء وقف الملك فهد برنامجي.
- رفيق الحريري رفض استكمال حواره معي وأمر بإتلاف شريط الحلقة.
علّق الأديب والإعلامي محمد رضا نصر الله، على حديث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن المكون الشيعي بالمملكة، خلال زياته مصر، واصفا إياه بالفكر المستنير، والذي أكد على حفظ كافة حقوق الشيعة كمواطنين سعوديين.
وقال «نصر الله» خلال استضافته ببرنامج في الصورة على قناة «روتانا خليجية» إن ولي العهد نزع العامل الأيدولوجي من الكل وبات المواطن السعودي في القطيف والأحساء يشعر بتغير كبير،، فالمملكة تسير على درب الدولة الحديثة.
وذكر أنه لفت نظره بعض قرارات ولي العهد حينما كان وزيرًا للدفاع، ورئيسًا للديوان الملكي، حين أمر وقتها بمعاقبة أي شخص يسيئ إلى الشيعة أو الإسماعيلية، وكل من يرفع راية التمييز الإقليمي، معلقًا: وقتها اتصلت بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسألته عن تلك القرارات فرد عليّ قائلا: «هذه مسؤولية الدولة».
وأكمل «نصر الله» قائلا: أتذكر عندما عُين أمين الناصر رئيس أرامكو، وكان أول مواطن شيعي بهذا المنصب، فقال لي ولي العهد: إنه عرضت عليه الأسماء المرشحة لهذا المنصب ومن ضمنها «الناصر» مع ملحوظة أنه شيعي، فكان موقف ولي العهد أنه قال: «ما يهمني ذلك المهم كفاءته وإخلاصه للوطن».
أهم المؤسسات
ولفت إلى أن الأمر نفسه تكرر عندما عُين المهندس نظمي النصر رئيسا لمشروع نيوم، معلقا: «اليوم لدينا اثنين من القطيف يديران أهم مؤسستين عالميتين هما أرامكو ونيوم».
وأكد «نصر الله»، أن ولي العهد صنع ثورة إدارية واجتماعية في المملكة، وخلق قواما جديدا لهذه الهندسة الاجتماعية وفصل تمامًا مع من كان يعيق التنمية والتطوير بالمملكة.
وأوضح أن الإخوان كانوا قد تسللوا إلى الكليات، إلا أن ولي العهد قد نزع العامل الأيدلوجي من الكل فالمملكة بما تملكه من قوى ناعمة وقوى صلبة ورأي مالي رمزي عظيم متمثل في الحرمين، كل ذلك يشكل قوة رائد على طريق الدولة الحديثة.
صدام حسين
وتابع أنه خلال تجهيزه لعمل حوار صحفي لصحيفة الرياض، مع رئيس الجمهورية العراقية الراحل صدام حسين، قابل وزير الإعلام العراقي وقتها لطيف نصيف جاسم لعرض أسئلة الحوار عليه أولا فجاء الرد: ”هل أنت مجنون؟.. هل هذه أسئلة؟“، وأمره بمغادرة العراق.
تسليع الثقافة
على جانب آخر، أكد نصر الله، أنه ضد تسليع الثقافة وضد رفع أسعار الكتب، وأنه مؤمن بقيمة الثقافة خاصة في المملكة العربية السعودية، لافتا إلى أن هناك بعض دور النشر يبعون الكتب بأسعار أرخص.
وروى قصة تعرضه للعنصرية في قناة MBC بسبب جنسيته السعودية، بقوله: إنه عندما بدأ يسجل في القناة كانت المقابلة الأولى مع محمود رياض وزير الخارجية في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر بعدها أصبح أمينا عاما بجامعة الدول العربية، ومع محمد مفتاح وهو مفكر نقدي مغربي.
وتابع: عندما كانت ترسل المواد من الرياض، كان الإخوان هناك في لندن يحذفون سؤالي بالمونتاج، فكان الحوار يأتي مثلا: ”لقد سألنا فلان كذا وجاءت الإجابة كذا وأنا كنت مغيب وغير موجود حتى بدون صورة“.
وأكمل: "الملك فهد شاهدني ذات مرة بالصدفة موجود في الكادر، فقال إن نصر الله متواجد فطلب وقتها سؤالي وجواب الضيف، موضحا: كان هناك محاولة مني لتفتيت الصورة النمطية عن السعودية والسعودي".
موقف الحريري
وقال: إنه خلال فترة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري رفض استكمال الحوار معه، وأمر بإتلاف شريط الحلقة.
وأوضح نصر الله أنه خلال الحوار، استدعى كل الشخصيات التي وقفت إلى جانب الحريري مثل الملك فهد والملك سلمان، إلا أن هذه لم يرق للحريري واعتبره تقليلا منه، وفجأة أوقف الحوار وتعلل بأنه مريض، وأمر بإتلاف شرائط تسجيل اللقاء.
وأكد أنه طوال تاريخه ولقاءاته التلفزيونية لم يفرض عليه سؤال أو رأي، وأنه في عهد وزير الثقافة والإعلام الأسبق الدكتور عبد العزيز خوجه، كان هنان هامشا مميزًا من الحرية بعد الانغلاق.
اللحمة الوطنية
واشتغل الأديب والإعلامي محمد رضا نصر الله بموضوع اللحمة الوطنية، تحت قبة مجلس الشورى، على مدار 3 دورات متتالية، من عام 2004 إلى 2016.
وفي إجابته عن سؤال ”ما هو أكبر خطر يهدد الوحدة الوطنية؟“، قال: «بعد حادث التفجيرات الذي وقع في قرية الدالوة بمحافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية، في نوفمبر 2014، وحادث بلدة القديح بمحافظة القطيف في مايو 2015، تواصل معي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأمرني بالذهاب لأهالي الضحايا، وأبلغهم تعزية حارة من الملك سلمان، وأنه أمر بصرف مليون ريال لأسرة كل متوفي، و500 ألف لكل جريح، وبعدها تقدمت بمشروع لحماية الوحدة الوطنية بمجلس الشورى ساعدني فيه في البداية الدكتورة ثريا عبيد، ووافق المجلس وتم العمل على هذا الموضوع.
ملاحظات دقيقة
وتحدث نصر الله عن كواليس لقائه الشاعر العراقي ”محمد مهدي الجواهري“ والسؤال الذي أحدث جدلاً واسعاً، قائلا: سألت الجواهري سؤلا عن تكرار لفظة الدم في شعره هل هذا له علاقة بمقتل أخوك جعفر بعد معاداة برثيموس نهاية العهد الملكي بالعراق، فرد عليه قائلا: أرى ملاحظاتك دقيقة، فعرضت عليه إن يزور المملكة، فالجواهري نظم قصيدة في أيام الملك فيصل الأول مدحا فيه.
ولفت إلى أن هذا السؤال أثار جدلا واسعا بين العراقيين، وانتشر مقطع الفيديو الذي يحوي السؤال انتشار مدهشا في العراق.
إيقاف البرنامج
وقال نصر الله: إن الملك فهد لم يوقف برنامجي بسبب لقاء مع أحد قادة اليسار وهو لطفي الخولي، إنما هو لقاء مع الروائي المغربي، محمد شكري صاحب رواية الخبز الحافي، مشيرا إلى أن الملك سلمان لم يعترض حينها على اللقاء ولكن الاعتراض جاء من الملك فهد معلقًا: أن الملك فهد قال له: «معودني تجيب شخصيات مفكرة، عندها فكر، فتجيبلي هالسيفلة».
وأضاف أن الملك فهد أوقف البرنامج 4 أسابيع فقط ثم أمر بعودته، واستمر البرنامج على مدار 4 سنوات يحاور الشخصيات المهمة بالعالم العربي أو في دائرة الاستشراق.
عودة الجشي
وعن كواليس وساطته لعودة ”عبدالله الجشي“ إلى المملكة، قال: كانت الخمسينات والستينات فترة ملتهبة، وكان الخطاب الناصري مهيمن، والكثير من شباب المملكة لا القطيف وحدها تأثروا بهذه الأفكار، من عام 56، منهم الشيخ عبدالله الجشي، الذي دخل المعتقل السياسي مرة أو مرتين، وعاد إلى العراق لأنه أمه كانت عراقية، ولارتباطه بالمملكة سمى ابنه قطيف، واستخدمه النظام البعثي العراقي ضد المملكة وكان يكتب مقالات ملتهبة.
وتابع «نصر الله»: «وبعد أيام حضرت إلي الدكتورة نوال الجشي، وحدثتني على التدخل لإمكانية عودة «الجشي»، لكبر سنه، فتواصلت مع الشيخ عبد العزيز السالم وكان مدير مكتب الملك فهد، لبحث إمكانية عودته، ووقتها التقيت الجشي في العراق بحضور الشيخ بن إدريس لكن الجشي لم يكن مهيأ للعودة، وهذا الأمر استمر لثلاث سنوات حتى وقعت حرب الخليج.
وأكمل أنه تواصل أيضا مع الشيخ حمد الجاسر لأنه هو من تبنى «الجشي» ونشر قصائده بعد خروجه من السجن الأول، وكتب الجاسر خطابا وسلمه للأمير نايف لرفعه للملك فهد، ولكن لم يتم الأمر بسبب ظروف الحرب.
وأخيرًا انتهى المطاف بتواصل «نصر الله» مع وزير المالية محمد أبا الخيل، والذي رفع الأمر في اجتماع مجلس الوزراء للملك فهد، والذي تم بعدها تسهيل إجراءات عودة عبد الله الجشي.
توفيق الحكيم
وعن وقف بث الحلقة الثانية للقاء ”توفيق الحكيم“ بناء على طلب من الملك فهد، قال: عند بث الحلقة الثانية للقاء الكاتب المصري توفيق الحكيم، توقف البث لمدة دقيقة أو دقيقتين، بعدها تواصل معه وزير الإعلام وقتها محمد عبده يماني، وطلب الرد على «الحكيم».
وتابع: كان توفيق الحكيم وقتها من الذين أخذوا موقفا سلبيا بعد زيارة السادات للقدس، ووصف العرب بأنهم أقزام، وتبين أن الملك فهد كان يتابع الحلقة بنفسه، وهو الذي طلب من «يماني» الرد على «الحكيم».
وأكمل نصرالله، أنه ذهب للدكتور حسن ظاظا، وهو عالم في الساميات وكان خبيرا بالثقافة والمجتمع اليهودي، وقال لي: حلقتهم التقطت من قبل الإذاعة الإسرائيلية وردوا عليكم وشتموكم، وبعدها عملنا حلقة قوية مع الدكتور عبده يماني وهو كان أديبا.
مسيرة نصرالله
«محمد رضا نصر الله»، هو كاتب عشق الثقافة والأدب، وشغله الإعلام وهو ابن القطيف، مرتحل الوجهة إلى الرياض، عاصر مراحل تحولات تاريخية، وظل ممسكا بمجهر الدقة فاحصا ومحللا، حضوره مخملي ونقد تعبيره تسري به الرهبان، وهو من الندرة الذين تسمروا لدورات ثلاث تحت قبة مجلس الشورى فهو من عشاق الأسئلة، له لمعة حضور تاريخية، بصناعة حوارات القرن.
له إسهامات حيث أنه من أعضاء تأسيس ناديين أدبيين رياضا وشرقا، وليس لعباءته الثقافية أن تحجب حرصه على الحضور في عوالم السياسة، فهو يتجاوز العمق إلى ما هو أعمق.