آخر تحديث: 15 / 5 / 2025م - 8:35 م

ملتقى ”ابن عساكر“.. قصائد وعروض تبرز العمق التاريخي والحضاري لـ ”الجفر“

جهات الإخبارية

قدّم الباحث عبد الله اليوسف، عرضًا تاريخيًا عن مدينة الجفر، سلّط الضوء فيه على الكثير من القضايا الكبيرة والحوادث المهمة المتعلقة بهذه المدينة الجميلة الواقعة شرق الأحساء.

جاء ذلك في فعالية ”مدينة الجفر في التاريخ“، التي أقامها ملتقى ”ابن عساكر“، مساء الجمعة، رغم شدة البرودة وهطول الأمطار الغزيرة التي حوّلت الأحساء إلى بحيرة.

وقال قائد الفعالية ومديرها الشاعر جاسم عساكر: إن ضيوف الفعالية شرّفوا الملتقى رغم برودة الجو وأمطار السماء، للقاء أستاذ عشق التاريخ، واستلهم الماضي، وتنقل بين صفحاته منقبًا عن التراث وحضارة الآباء والأجداد، ليحدثهم عن جوهرة قرى ومدن الأحساء ”مدينة الجفر“.

وأكد عضو الملتقى الكاتب علي عساكر ما للأحساء من عمق تاريخي ضارب بجذوره إلى الآماد البعيدة، وما لها من حضارة علمية وثقافية وأدبية وفنية وتراثية وعمرانية قديمة وعريقة.

وكون الأحساء هي ”ديوان العرب ومنجم الشعر والأدب“، فما كان للشعر أن يغيب عن هذه الفعالية، وألقى الشاعر جاسم الصحيح قصيدة عصماء عن ”القرية“، مؤكدًا أن علاقته بالجفر ليست علاقة مادية، ليراها ”مدينة“ من خلال تطورها وتمدنها العمراني، وإنما هي علاقة وجدانية تجعله مضطرا لرؤيتها ”قرية“ صغيرة هادئة وادعة.

وفي تلك القصيدة خاطب الصحيح الجفر وغازلها بجميل قوله:

يا كتابَ الفَجرِ من كُتْبِ حياتي

آنَ أنْ نفتحَ أُولى الصفحاتِ

لم تَلِدْني فيكِ أُمِّي وَحْدَها

وَلَدَتْنِي فيكِ كلُّ الأمهاتِ

هكذا أنتِ: كيانٌ تلتقي

فيهِ أرحامُ النساءِ المُحصَنَاتِ

وتَظَلِّينَ بقرآنِ القُرى

آيةً للباقياتِ الصالحاتِ

وتُشِعِّينَ على خدِّ المدى

شامةً تسطعُ في وجهِ الحياةِ

أَلْبَسَتْكِ الأرضُ مِمَّا دَرَزَتْ

من فساتينِ النخيلِ الباسقاتِ

ولأن ”جيم الجفر“، علامة فارقة في أبنائها المبدعين فقد نقلتنا ”جيم“ جاسم عساكر من ”جيم“ جاسم الصحيح إلى ”جيم“ جابر الجميعة الذي شنّف هو الآخر أسماع الحاضرين بقصيدة رائعة عن الجفر كان من ضمن أبياتها الجميلة:

يا «جَفْرُ» يا معبرَ الرُكبانِ من «هجرٍ»

لولاكِ ما عبر الركبان أو ركبوا

بكِ الجمَال الذي أرخى سدائلهُ

عليكِ فآساقط الليمون والرطبُ

غزالةُ الشِعرِ في عينيكِ مرتعُها

وَمِن سواقيكِ كُل الخَلقِ قد شربوا

وفيكِ «برزان» ما أحلى تألقها

كأنها من جِنانِ الخُلدِ تنسكبُ

ومن جنوبٍ بها يلقى شمائلها

إلى «الروايسِ» حيثُ التين والعنبُ

قومٌ إذا زرتهم تلقى رحابتهم

العلم والشِعر والأخلاق والأدبُ

هذي هي «الجفر» يا من كنت تسألني

عن أصلِ معناي أو من أين أنتسبُ؟

بعدها تحدث الباحث التاريخي عبد الله اليوسف، مبديًا أسفه الشديد لعدم اهتمام المؤرخين عمومًا، والأحسائيين خصوصًا بالأحساء، رغم أهميتها التاريخية وحضارتها العريقة.

وأكد أن أول كتاب أحسائي عن تاريخ الأحساء هو ”تحفة المستفيد في تاريخ الأحساء القديم والجديد“، لمؤلفه ”محمد بن عبد الله بن عبد القادر الأنصاري الأحسائي“، وطبعته الأولى سنة «1379ه 1960م» أي أنه قبل «65 سنة».

وتدرّج المحاضر في حديثه عن الأحساء إلى أن وصل إلى صلب موضوعه ”مدينة الجفر في التاريخ“، ليثير الكثير من النقاط المهمة المتعلقة بالبحث والدراسة.

وأوضح الجفر بلدة قديمة جدا، ذات طبيعة زراعية، وعمق تاريخي، وأقدم وثيقة تاريخية تم ذكر الجفر فيها تعود إلى تاريخ 1086ه، لها موقع استراتيجي كونها على طريق ميناء العقير القديم، وأشبه شيء بالقلب لما حولها من قرى مجاورة، مما جعلها محل اهتمام الدول المتعاقبة على حكم الأحساء.

وأضاف/ كانت الجفر أثناء حكم العثمانيين الأول للأحساء «957-1082ه» وحكمهم الثاني «1288-1331ه» محط اهتمامهم وعنايتهم لمعرفتهم بما لها من أهمية خاصة وموقع استراتيجي، ولذا لم يعتبروها مجرد «قرية» بقدر ما عدوها «ناحية» وهي من أقدم نواحي قضاء الهفوف.

وبين أن العثمانيين جعلوها مركزا إداريا وعسكريا في شرق الأحساء، والحامية العسكرية فيها تتكون من كتيبة مكونة من خمسين خيالة عشرة من الضبطة الراجلة.

وأكمل: في العهد العثماني الأول كان في الجفر لواء يعرف باسم «لواء الجفر» يبعد قرابة «16كم» غربي الهفوف التي هي «مركز الإيالة» وكان يحيط بها - أعني الجفر - سور محصن، وتوجد فيها قلعة مستقلة يتخذها «أمير اللواء» مقراً له وللهيئة الإدارية العاملة معه، كما ترابط بها حامية اللواء، وبعض آثار هذه القلعة لا تزل موجودة إلى اليوم.

وتابع: هناك عدة أحداث مهمة متعلقة بمدينة الجفر في «عهد الدولة السعودية الأولى، والثانية، والثالثة» والتي منها نزول الملك عبد العزيز في الجفر وإرساله رسولين هما «مناور السبيعي وسعد بن سعيد» إلى «مساعد بن سويلم» في الأحساء، وذلك أثناء فتح الأحساء سنة «1331ه».