السيد الخباز: النهي عن المنكر لا يصبح واجبا إلا بشروط

أكد السيد منير الخباز أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمثابة خدمة للناس وشهادة وليس بمقام وصاية، ولا يكون واجباً إلا بشروط.
وذكر في الندوة التي أقيمت مساء الأربعاء في مسجد الشيخ عقيل ببلدة حلة محيش في محافظة القطيف، أن الأمر بالمعروف ليس فرضا بل هو شهادة ومسؤولية رقابية تقع على عاتق الأمة، مستشهدا بقوله تعالى: ”وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس“.
وبين أن المجتمع الإسلامي يفرض ”الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر“ كوسيلة لحفظ كرامة المجتمع لا لأجل قصر المجتمع على لونِ أو شكلٍ واحد والحد من حريته.
وأوضح أن ”الكرامة“ هي القيمة العليا و”الحرية“ هي مجرد قيمة مكتسبة يمارسها الإنسان لحفظ كرامته، فتفقد معناها متى ما أهدرت الكرامة ولم تحفظها، وقيمة الإنسان تكون بكرامته كما نصّ القرآن عليها ”فلقد كرّمنا بني آدم“.
ونوّه أن ”الحرية“ أسلوب وليس هدف على عكس الكرامة التي هي الهدف، والإسلام عندما يّشرع مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُشرعها كأسلوب لحفظ الكرامة.
وضرب مثلاً بأنه في حال رفض مجتمع ما التعليم وإنشاء المدارس بزعم الرغبة بالحرية، فهذه حرية تحارب العلم ”لا قيمة لها“ لأن كرامة الإنسان بالعلم، وكذلك حينما فرضت الدولة اجراءات وقائية صحية خلال فترة جائحة كورونا حفاظا على سلامة المجتمع وبيئته، فالمجتمع ليس حرا في رفض هذا الأمر حتى لا يعرض نفسه للضرر ويمتلئ بالأوبئة.
وأشار إلى أن الأمر بالمعروف هو دعوة للخير فهي الحصانة الفكرية وكذلك السلوكية، لنشر مفاهيم الخير التي بها يكون نهوض المجتمع ورقيّه.
ولفت إلى أن المنكر ليس محصورا في الكذب والزنا ونحوهما، بل المنكر أيضا يشمل الإخلال بالأنظمة وإيذاء الجيران وتلويث البيئة وكل خلل يضر بسلامة المجتمع ونقاءه.
وكرّر تأكيده على أن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي شهادة تتضمن ”رقابة وحماية وصيانة“ كالأب يأخذ على عاتقه حماية الأسرة من الأضرار الصحية والسلوكية والفكرية، وليست وصاية كما يراد تصويرها من قبل بعض الليبرالية أو أي تيار آخر.
وتناول في الندوة التي حاوره فيها مصطفى الشعلة، الفرق بين الوصاية والتواصي، حيث أن الأولى هي عملية أحادية من طرف واحد، بينما الثانية عملية من طرفين وتُصوّر المجتمع الإسلامي كمرآة للتعاون.
وعرّج على المواضيع الفكرية، ”ليس لها علاقة بالأمر المعروف، المسوؤلية الفكرية هي عبارة عن حديث المختص بمجال اختصاصه فالمختص الذي يتحدث عن مجال الفن لا يمارس وصاية بل يعرفنا بمجموعة معلومات ترتقي بها أذواقنا وأنفاسنا في مجال الفن“.
وقال: ”رجل الدين يشرح لنا واجبات ومبادئ الدين ومعارف دينية في مجال الدين الذي هو من اختصاصه، كما يفعل الطبيب تماما حينما يحدثنا بمعلومات في اختصاصه“.
وأوضح أن الأمر بالمعروف لا يكون واجبا شرعيا إلا إذا اجتمعت شرائطه، ومنها أن يكون شخصا عارفا بالمعروف والمنكر، وأن يحتمل بأن أسلوبه مؤثرا وقد يرتدع منه الطرف الآخر لحمايته.
وتابع: ”لا يجوز لشخصٍ متدين أن يتسرع بالحكم على الناس أو يتهمهم بفعل المعاصي والمنكرات ويظن أنه لابد من التصدي لهم، دون احتراز بأنهم قاموا بالمنكر عمدا وليس عذرا أو جهلا“.
ورجّح نفور الناس من الناهين عن المنكر انطلاقا من الاندفاع الفردي.
ودعا إلى تقديم خدمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمن عمل مؤسساتي وخطة مدروسة وأسس علمية يتضمن مجموعة من المثقفين الواعين، وليس عملا فرديا يتأثر بالمزاجية والأسلوب الذي قد ينفر الناس من الدين ككل وليس عن نهي المنكر فقط.
ولفت إلى أن وظيفة الزوج هي النصح والوعظ لزوجته المتساهلة في الحجاب لينهيها عن هذا المنكر وأن لا يمل من تكرار نُصحها، ولكنه ليس ولياً عليها ولايحق له أن يتخذ وسيلة تحدث ضررا على جسدها.
ونصح الآباء بالتدرج مع أبناهم في النهي عن المنكر بدءً بالحديث والنصح خاصة من هم دون سن البلوغ.
وقال: ”نحتاج أن نمارس مع أبنائنا حديث الصديق مع صديقه وتناول البرهان والأدلة في سبيل اقناعهم وتوجيهاتهم وهي المرحلة الأولى“.
وتابع: ”في حال لم تُجدِ مرحلة الحديث ومرحلة النصح مع الابن بشيء، وخفت أن يؤثر إصراره على المنكر على الأسرة وحمايتها فمن الممكن هنا التدخل بأساليب ولائية قوية“.