مختص نفسي: علاقات ”الحب بالصدفة“ تفشل بنسبة 97%

حذر الأخصائي النفسي ناصر الراشد من الانقياد وراء فكرة الحب بالصدفة والباعث على اللذة الوقتية، مبيناً فشل أغلب العلاقات التي تمت على هذا الأساس بنسبة 97% بحسب كتاب ”love“ المنشور في أمريكا.
وتحدث عن أهمية الحب للحياة الإنسانية، وهو ما يجعلها تبقى وتنمو وتستمر، خلال أمسية قدمها مؤخراً بعنوان ”أريدك أن تحبني“ عبر برنامج ”زووم“.
وبين الأخصائي الراشد أن الحب مفهوم افتراضي يعرف ببعض مظاهره، وبحسب المدرسة النفسية التحليلية تتأثر مشاعر الإنسان وسلوكه بمقدم الرعاية له في الطفولة، ويرى ”العالم أريك فروم“ لتحقق الحب لا بد من تنمية سمات نبيلة أخرى في الشخصية تلطفها وتساعد على ذلك ”نقول عن شخص أنه محبوب لصفاته ووجدانه وطريقة تفكيره ونوع الفكر“.
وذكر أن المدارس النفسية تشير إلى الحب كأحد الاحتياجات النفسية الأولية للإنسان، ووضعها ”العالم ماسلو“ في هرم الاحتياجات بالمرتبة الثالثة إذ بعد تلبية احتياجات الإنسان الأساسية، والإحساس بالأمان، يستطيع التعبير عن الجمال والكمال بداخله.
وقال: ”كي تكون تجربة الحب حقيقية ومكتملة فلا بد من الاستعداد الحقيقي لصناعته، فلا يتحقق ذلك بسمات متواضعة وخبرات قليلة، أو سلبية كالأنانية وعدم التعاون أو غياب التواضع، أو من يعطي المشاعر في سبيل تحصيل مكاسب معينة“.
ولفت إلى ما حثّ عليه الإسلام تجاه هذه العاطفة منذ بداية العقد ”إذا أراد الرجل أن يتزوج فليقل أقررت بالميثاق إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان“، وقول الرسول ﷺ: ”قول الرجل لزوجته إني أحبك لا يذهب من قلبها أبدًا، لما للكلمة من تموجات في النفس“.
وذكر خلاصة التعاريف في الحب بأنه ”الاستخدام المرن للصفات النبيلة“ كالتسامح والتجاهل والتغافل والقبول والتقبل للآخر والود واللطف واللين ”الإحسان“ فالقلوب جبلت على حب من يحسن إليها، والتواضع ”من لا يستطيع أن يتواضع لا يستطيع أن يحب“.
وبين أن ”النضج والوعي العاطفي“ يساعد في اختيار ”التوأم الروحي، ومن يكملنا“، ويحمي من الخلط في المشاعر كالحب من أول نظرة والقائم على الانجذاب والشهوة، أو الإعجاب بشخصية أو طريقة تفكير، أو التعلق بسبب التعود ويفسره أنه حب.
ودعا إلى التوسع في المشاعر الإيجابية واستثارة المشاعر المرنة والسارة بين الطرفين، فالحب يعتمد على العطاء والحيوية والأدوار وتلبية توقعات الحب والعلاقة الحميمة، مشيراً إلى أن الخلاف بين المحبين قليل، وكيمياء دماغهم مختلفة، وثبت في الأبحاث تعطل مناطق النقد لديهم، وإذا حدث يعتبرونه فرصة لنموهم العاطفي وزيادة رصيدهم فيه.
وبين أن الحب سبيل للفضيلة وإكمال الذات، وقال: ”أنت تحبني فتستثير صفاتي المرنة، تخطيء فأسامحك“.
وعدّد بعض أفعال الحب من التقدير، وإشعار الآخر بالامتنان، واللطف، والمرونة، والاهتمام، والحرص على صناعة الفرص العاطفية كالتخطيط ليوم سعيد، الاستمتاع باللحظة المفاجأة.
وحذر من الدخول في بعض المناطق كالنمطية المؤلمة ”التعود الزائد“، الإهمال للمشاعر والشكل والنظافة وغيره، منوها إلى ضرورة العودة للمساحات المهملة للعمل عليها، ”فلا بد من تكرار الأمل والمبادرة“.
وأشار إلى بعض الأمور المهمة لحياة زوجية سعيدة ومنها ”الشغف“ وتتعلق بالجذب والافتتان الذي يرغب معه الآخر بإطالة النظر، ويقود للإخلاص التفرد والاكتفاء حين لا يتم الإهمال، لافتاً إلى تأثير الوزن في انتهاء بعض العلاقات الزوجية بنسبة 20% حسب الدراسات.
وذكر أن ”العناية“ تُعنى بالاهتمام وتقديم رغبات المحبوب على رغباته، ومنها الدعم، والمساندة، وتلبية حاجته للأمان.
وأوضح الفرق بين الحب والرومنسية في أن الأول يتطلب ”تواضع، وفهم، وتفهم، وسمات إنسانية عالية، مسؤولية، مرونة كافية، وتكامل في أداء الأدوار، الاستمرار في التعبير عن المشاعر، الاستمتاع باللحظات، اللياقة العاطفية والتمرن عليها“.
وحذر من ”مصيدة قوانين الحب“ في ”إصدار الأحكام بدل التفاهم، والقبول بدل الرفض، مشيراً إلى أنه حكم قاسي جداً على العلاقة حين لا تعجبني صفة في الشريك فأرفضه، الشراكة بدل الاستقلال“.
ودعا إلى التعرف على مسببات المتاعب والتعامل معها باكتساب مهارات حل المشكلات والقدرة على إدارة الحوار، المحافظة على الهدوء، وتقدير المواقف بشكل صحيح، والابتعاد عن التقدير المنخفض والباهت للأنشطة الإيجابية من الطرفين، التعرف على تأثير سلوكي إيجاباً وسلباً على الآخر، الاقتدار العاطفي وإشعار الآخر بالاهتمام به وتقديره وحمايته لحماية العاطفة والنمو من التوقف.
وعدد خمس لغات للحب يتأثر بها المحبوب ونستطيع التعرف على لغته التي يستجيب لها، باختبار تأثير سلوكنا عليه، أو ممارسة جميع اللغات وهو من النضج العاطفي، وهي ”اللمس، والكلمات، والهدايا، والوقت، والمشاركة بالأعمال“.
وشرح أن ”اللمس“ يتضمن الاحتضان، والمداعبة، والسلام الحار، والنظر للعيون، والابتسامة، وتتعدد ”كلمات الحب“ بين الإعجاب والتشجيع والاعتذار والتقدير والود وغيرها.
وبين أهمية ”الوقت“ في نوعه وكميته وتركيزه، ”والهدايا“ بمناسبة وغيرها، مع ضرورة معرفة ميول المحب، وطريقة تقديمها بشكل مناسب.
وأشار إلى ما أثبتته الدراسات في أن المشاركة بالأعمال تحسّن أداء الزوجة بنسبة 86%، وأن هناك 68% من الأزواج يساعدون الزوجات في أعمال المنزل.
وتطرق إلى مثلث الحب لدى روبرت سترنبرغ في تبيين نوع العلاقات ومدى قوتها، في ”الألفة والافتتان والالتزام“، مشيراً إلى أن الألفة تقع في الرأس وتتضمن المشاركة، والدعم، والمساندة، والارتباط، والثقة، ويقوم الافتتان على الشغف، والرغبة الحميمة، والالتزام على الحقوق والواجبات.
وذكر أنه إذا افتقرت العلاقة لعنصري الألفة والشغف يحدث ما يسمى بالطلاق العاطفي ”الحب الفارغ“، وإذا افتقرت للألفة والالتزام يتكون ”الحب السخيف“، ويكثر بين الطرفين تكرار كلمة ”حقي الشرعي“ حتى العلاقة الحميمة تؤدى كواجب.
وأشار إلى أن توافر عنصري الألفة والالتزام يكوّن ”الشراكة“، ونجدها غالباً في العلاقات الطويلة والتي يتم فيها إهمال الشكل وعوامل الجذب، مبيناً أن العلاقة ”الكاملة“ تقوم على الاهتمام بالأضلع الثلاثة وضرورة التوازن بينها للحفاظ عليها.