هل قدمت لقريب أو صديق.. هدية؟
لا شك أننا كمواطنين نسعى ليكون مجتمعنا، مجتمعا قويا ونشطا وفاعلا، وهناك أسباب عديدة لقوة المجتمعات كالقوة العسكرية والاقتصادية وغيرها، إلا أن جانبا آخر مهم جدا لتقوية المجتمع، ألا وهو البناء الداخلي الذي من شأنه أن يقي مجتمعنا ويحميه من العقبات والأهوال التي تعصف به، البناء الداخلي هو عبارة عن لبنات صغيرة نضعها فوق بعضها على مر الزمن، لتشكل بنيانا مرصوصا لحماية المجتمع وتقوية دعاماته، والملاحظ أن جانبا كبيرا منها قريب منا وفي متناول أيدينا، لأننا إذا كنا نريد تحقيق هدف ما، فعلينا أن ننطلق مما هو في حدود إمكانياتنا وتحت نظرنا، ولا نحيل الأمر إلى الآخر وبالتالي نجد لأنفسنا العذر في عدم تحقيق شيء، وأشير كنموذج لذلك إلى الهدية، التي هي مفتاح لكافة القلوب حتى المغلقة بإحكام، فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «تهادوا تحابوا»، فالهدية تصفي القلوب، وتفتح المغلق من النفوس وتهذب الأخلاق، وتساعد على نشر السلم والسلام، وتقوي الروابط وتقصر المسافات بين الأقارب والأحبة والأصدقاء، كما أن الهدية من خير الأعمال وأنها تعدل عتق رقبة، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم قال «من منح منيحة ورق «فضة» أو منيحة لبن أو أهدى زقاقا «دل على الطريق» كان له عتق رقبة» رواه أحمد.
كما أن الهدية بين أفراد الأسرة في سلم الأولويات، حيث إن بناء الأسرة هو بناء أهم مؤسسة على مستوى العالم، لذا تبدأ الهدية بين الزوج وزوجته ثم بين بقية أفراد الأسرة، ونحن نعيش هذه الأيام، أيام عيد الفطر السعيد، والعيد هو أفضل المناسبات لتقديم تلك الهدايا إلى من نحب، وأحسب أن ما يقدمه الكبار لأبنائهم مما يطلق عليه «العيدية» هو من جوانب الهدية التي نتحدث عنها، ورغم صغرها فالقصد هو رمزية الهدية وليس قيمتها فقط، خاصة إذا علمنا أن البعض يقدم للأم والأب هدايا عينية بمناسبة العيد، وذلك أمر محمود بالتأكيد، بل يمكن أن نشير إلى أن الهدية في المناسبات المختلفة مهمة، وفي غير المناسبات فإنها تكون جميلة جدا لأنها تكون غير متوقعة، وإذا كانت الهدية للأقارب محمودة، فهي أيضا محمودة ومطلوبة بين الأصدقاء والمعارف، فهي تقوم بذات الأثر وتؤدي نفس المفعول، وتزيد من قوة المجتمع الواسع وتقويه، ولعلي بهذا المناسبة أشير إلى ما قام به زميلنا الأستاذ عبدالله خليفة البوعينين المدير التنفيذي لشركة مرافق من تقديم هدية لدفعة 1976م من زملائه في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بمناسبة مرور أربعين عاما على دخولهم الجامعة، فتلك كانت مناسبة جميلة لعدد من الزملاء، ولفتة راقية من زميل رائع، أغتنم الفرصة لشكره وتقديره، نيابة عن بقية أعضاء الدفعة، فقد كان لمبادرته الوقع الحسن علينا جميعا.
وختاما لا بد من الإشارة إلى أن الهدية تؤخذ وتعطى لغير المسلم، فليست محصورة بين المسلمين، وهذا ليس بغريب على ديننا دين السلم والسلام، الذي يوصينا بالتعامل مع الآخر بغض النظر عن دينه أو مذهبه بالحسنى، جعلنا الله ممن يسير خلف هذه العادة الحسنة، اقتداء بسنة الرسول الأكرم وبالله التوفيق.