إدارة المرور وخطة ذات نتائج قابلة للقياس
عطفا على برنامج السائق المثالي، الذي وزع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز جوائزه أوائل هذا الشهر، والذي يأتي في إطار السعي لتشجيع الالتزام المروري عبر التحفيز والتثقيف، عوضا عن اللجوء إلى العقاب فقط، وتلك الجائزة باعتقادي خطوة جميلة، ومبادرة قيمة تستحق التقدير لكل من قام عليها، وعلى رأسهم راعي تلك الجائزة، وهذا الأمر ينقلنا إلى الحديث عن المشكلة المرورية والحوادث الفظيعة التي نسمع عنها كل يوم، ولسنا بصدد الحديث الموسع عن أرقام تلك الحوادث، ويكفينا الإشارة إلى أن السعودية، هي ثالث أعلى دولة في وفيات حوادث الطرق بالشرق الأوسط «2014م»، وأن التكاليف السنوية الاقتصادية والاجتماعية لحوادث الطرق تبلغ 42 مليارا سنويا، وهذا يوضح حجم الهدر الكبير؛ من جراء حوادث السيارات «أي ما يعادل ضعف مصروفات الخدمات البلدية سنويا على سبيل المثال» وعدد الوفيات يبلغ أكثر من 7000 حالة وفاة سنويا، أي ما يقارب 17 حالة وفاة يوميا، والغريب أن عدد الحوادث المرورية في تزايد سنويا وليست في نقصان، ومثلا فان المخالفات المرورية بالمنطقة الشرقية ارتفعت بنسبة 52% ما بين عامي 1434 هـ و1435 هـ .
ويمكن التعليق على المشكلة المرورية ضمن إطارين، الأول: يتعلق بخطة قصيرة الأجل، حيث يمكن النظر إلى المشاكل المرورية بنفس النظرة التجارية؟ ففي مجال الأعمال، عندما تُخفق شركة أو بنك من البنوك، فيتم استقطاب كفاءة إدارية ليتولى عملية انتشال ذلك البنك، ضمن خطة واضحة وقابلة للقياس بعد توفير الإمكانيات المطلوبة له، للتأكد من مدى نجاحه، لذا لماذا لا يتم تحميل مسؤولية الخطة المرورية لأحد القيادات، ويكون ملتزما بتحقيق أهداف محددة وواضحة، من قبيل تخفيض نسبة الحوادث أو الوفيات بنسبة ما، والنقل مثلا 10 بالمائة، وأظن أن في بلدنا الكثير من الكفاءات التي تعشق التحدي وتقبل القيام بدور ما، فالقضية لا تحتمل التأخير أكثر من ذلك، ونحن نرى فلذات أكبادنا يتساقطون يوميا بسبب تلك الحوادث المرورية.
أما الإطار الثاني: فهو الإطار العام والطويل الأجل، ولعل الإدارات المرورية المختلفة تقوم بمبادرات ملموسة في هذا الإطار، ومن تلك المبادرات هي شبكة ساهر الموزعة على مختلف مناطق المملكة، والتي اعتقد أن الحاجة ماسة لزيادة عددها، وبالتأكيد فإننا في هذا الإطار الطويل الأجل نحتاج للكثير من الجهد والدراسات المختلفة، ويمكن إضافة بعض المقترحات: -
1 - نشر الثقافة المرورية بين الطلاب منذ الصفوف الأولى أمر مهم جدا ويساهم في خلق جيل مهتم بالسلامة المرورية، ويعمل على حث الأبناء لآبائهم على إتباع أصول السلامة.
2 - الاستفادة من تجارب شركة أرامكو في هذا الإطار، ولعل من التجارب التي تقدمها أرامكو في مجال متابعة المخالفات المرورية، هي إعطاء بعض الموظفين من أصحاب الرتب العالية صلاحيات رصد مخالفات موظفي أرامكو، وإرسال أرقامهم للإدارة المرورية بأرامكو، ويتم معاقبتهم مباشرة.
3 - إذا كان هذا الأمر يصعب تطبيقه بالنسبة للمرور الرسمي، فمن الجيد إعطاء شركات خاصة إمكانية رصد المخالفات وتوثيقها ومن ثم محاسبة المخطئ، والشركات تستطيع أن توفر كوادر كافية، مما يتيح لهم تغطية مختلف الشوارع بشكل جيد.
أملنا يظل كبيرا، في إمكانية تخفيض عدد إصابات الحوادث المرورية بالمملكة، والتقليل من الهدر الكبير في الموارد.. وبالله التوفيق.