لتتحول الأسرة إلى مؤسسة تُطور المجتمع
دعا الشيخ الدكتور فيصل العوامي الى أن تتحول الأسرة الى مؤسسة تتحمل مسؤوليتها في تطوير المجتمع ونهضة الأمة، في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، مؤكدا أن نهوضها في هذه المجالات له أثر استراتيجي كبير، جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها الأسبوع الماضي في مدينة سيهات، حيث أشار الى أن نبي الله موسى طلب من الباري عز وجل أن يرسل معه أخاه هارون «وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي»، فلم يجد نبي الله أفضل من أخيه هارون ليكون وزيرا له، وهذا يؤكد البعد الأسري في الأعمال والأنشطة، بما فيها موضوع التبليغ والرسالة، وأضاف العوامي ان الأسرة الصغيرة من الزوج والزوجة والأبناء، أو الأسرة على نطاق أوسع قادرة على تكوين ما يشبه المؤسسة الصغيرة لتطور المجتمع في الجانب الثقافي او الاجتماعي أوالاقتصادي، وأعتقد انها لفتة مهمة من الدكتور العوامي جديرة بالاهتمام وتسليط الضوء عليها.
الأعمال الكبيرة تبدأ صغيرة، كما أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، فعلينا أن لا نستصغر الأعمال أو المبادرات الصغيرة والبسيطة، وربطها بالعائلة، بسبب توفر نوع من أنواع التجانس الأولي، الذي يتيح لكل مشروع الانطلاق والنجاح، ولعل أكبر الشركات في العالم هي شركات عائلية وتحول بعضها الى شركات مساهمة.
إننا نعلم أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فهي رافد مهم للاقتصاد السعودي ولها دور في التوظيف كما أن لها أهمية كبيرة في القيمة المضافة للاقتصاد، وتقوم الدول بعمل برامج متعددة لدعم هذه المؤسسات وتقويتها، وفي تصريح للمهندس أسامة المبارك رئيس برنامج كفالة المكلف «1434 هـ » قال ان هناك 1.3 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة، 99% منها يملكها سعوديون وعدد العمالة في 84% منها يتراوح بين عامل وأربعة عمال، من هنا تبرز أهمية المؤسسات الصغيرة، فهذه المؤسسات التي يبلغ معدل عمالها واحد الى أربعة، تعتبر رافدا مهما للاقتصاد، وهذا الامر ينطبق تقريبا على كافة الدول وليس على المملكة فقط.
لذا وبالعودة الى محاضرة الدكتور العوامي، لنا أن نتخيل التأثير الذي يمكن ان تحدثه مليون مؤسسة صغيرة في الشأن الثقافي، أو لنقل مئة الف مؤسسة ثقافية صغيرة، على مستوى الوطن، وعندما تكون أسرية فانه يسهل تكوينها وتحركها، فلو كان في كل حي مؤسسة ثقافية، ولعلنا نسميها لجنة ثقافية، تهتم بالكتاب والتشجيع على قراءته، ولجنة تقيم مسابقة اسبوعية في الحي لقراءة الكتاب واخرى للقصة وثالثة للالقاء ورابعة للخط وخامسة للتأليف وسادسة للكتابة الصحفية وغير ذلك، وشمل ذلك مختلف الاحياء، فان حركة الثقافة لا بد وأن تزدهر وتتطور، الأمر نفسه ينطبق على المؤسسات او اللجان الاجتماعية «الأسرية»، انا اعتقد أن هذه الفكرة فكرة رائعة، وأعلم أنها موجودة بنسبة او بأخرى في أحياء عدة على مستوى المملكة وبصور مختلفة، الا أنه يجب علينا تشجيعها ونشرها على نطاق أوسع.
هذا بالطبع لا يتعارض أبدا مع المؤسسات الكبيرة في المجالات المختلفة سواء على مستوى الوطن أو على مستوى العالم، فطموحنا يجب أن يتجه هناك بالطبع، وما هذه اللجان الصغيرة الا رافدا مهما لتلك اللجان الكبيرة، تماما كما هو الحال مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي هي رافد للاقتصاد وللشركات الكبرى.