خطباء المنبر الحسيني في شهر الحسين (ع)
شهر الإمام الحسين ومسيرته النورانية إلى كربلاء الذي يسردها الخطباء الكرام من على المنبر الحسيني في أيام محرم، تمثّل أداة أساسيَّة من أدوات التربية بالنّسبة إلى الفرد والمجتمع وأنّ الحزن على الإمام الحسين
بدأ قبل استشهاده وذلك حين أوحى الله تعالى إلى نبيّه محمد ﷺ بما سيجري على سبطه في يوم عاشوراء على أرض كربلاء.
أيام محرم الحرام وبالخصوص العشرة الأولى بيئة خصبة للتغيير، فلا تجعلوا هذا الشهر يمر عابراً في أنفسكم وأرواحكم دون تأثير، واعرفوا أن الإمام الحسين لم يخرج ويقاتل ويُقتل إلا لإعادة روح الحياة داخل أنفسنا، والتمسك بالدين الذي دافع عنه بكل ما يملك وبذل لنا رسالة الله تعالى التي حملها ووفى بها لأحيائنا، ولو لا تحقيق رسالة العدل الإلهي باستشهاده
لهلكنا وضاع دين محمد ﷺ.
كل عام يتجدد الحزن في نفوسنا بالبكاء وسكب الدموع بذكرى استشهاد الإمام الحسين في واقعة الطف الأليمة، وكل عام يشتد التمسك والحب والثبات على نهج الإمام الحسين الشهيد
، فهذا الحزن والأسى الذي تتبعه الصرخات والدموع يجب ألا يكون مجرد ذكرى عابرة بل إصلاحاً لأنفسنا وتهذيباً لسلوكنا بقيم ومبادئ الحسين
: «أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلَا بَطِراً وَلَا مُفْسِداً وَلَا ظَالِماً وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي».
لكن السؤال الذي يُطرح هو: متى يتجدد التغيير في نفوسنا للإصلاح؟ ومتى تكون نفوسنا مع بعضنا البعض أنقى وأطهر بعيدة عن التكبر والغرور وكره الآخر؟ ومتى نكون حقاً من شيعة وركب الحسين ومن المتمسكين بمبادئ وقيم الحسين
، ليس فقط باللسان إنما بالأفعال التي من المفترض أن تنعكس على سلوكياتنا في البيت والشارع وفي كل مكان نكون فيه يجب أن نحمل المبادئ الإنسانية التي جاء بها الإمام الحسين
.
خطباء المنابر الحسينية مدرسة يسهل فيها التعلّم والاستفادة لجميع طبقات الناس من خلال تلاوة السيرة والحديث عن النهضة الحسينية، بحيث تخدم الأهداف الكبرى في الربط الحيّ والفاعل لحركة الإمام الحسين في خطّ الإصلاح ومواجهة الفساد والمشاكل الاجتماعية وغيرها، ومن هنا تأتي أهمّية من يعتلي المنبر الحسيني من الخطباء الكرام بالعمل على إيجاد الأسلوب المناسب والفاعل أمام الناس وفتح بعض مشاكل المجتمع الحيوية وكيفية معالجتها لإخراج رسالة الحسين
وأهدافه إليهم.
دور الخطيب الحسيني في شهر الحسين لم يعُد مقتصراً على سرد أحداث واقعة كربلاء وإبكاء الحاضرين فحسب بالرغم من أهمية نقلها وتعريفهم بما جرى على الإمام الحسين
في كربلاء، وإنّما دوره الأهم اليوم هو طرح قضية مهمة من القضايا الاجتماعية التي تعصف بالمجتمع، فأيام الحسين
تكون بيئة خصبة لطرح بعض القضايا وعلاجها، وتوجيه الناس على الخير والفضيلة من خلال الاستفادة من دروس النهضة الحسينية المباركة.
وأخيراً: لا نريد أن يكون شهر الحسين مجرد ذكرى عابرة، نبكي وننوح ونسكب الدموع في المآتم، بل نريد أن تكون دموعنا في مآتم الحسين
هي امتداد لدموع النبي محمد ﷺ عليه عند ولادته، التي أضاءت ظلام العالم الموحش، لتحثنا تلك الدموع على معنى أن يكون الحزن غسيلاً لعقولنا وقلوبنا في زمن أصبح فيه الباطل حقاً والحق باطلاً..؛؛