مُحاضر ومُحاضرة وموسم
يُصادف أحيانا أن اعقد جلسة مقارنة بين بعض محاضرات سمعتها عن أحد خطباء المساجد والمنابر وبعض أفلام الوثائقيات المهنية الاحترافية التي استمتع بمشاهدتها في إحدى القنوات التلفزيونية العالمية في شؤون تحديات الحياة المعاصرة. المقارنة تلك أعقدها بهدف قياس مدى موضوعية وقوة وتكامل وسبكه وشمول محتوى كلام المحاضر في المحاضرة والحلول المقترحة مقابل حلقة أحد تلك الأفلام الوثائقية المهنية الاحترافية.
تفاجأت أن جهداً وعمقاً ومحتوى وسلاسة وترابطاً وموضوعية عرض إحدى المشاكل الاجتماعية المعاصرة والحلول المقترحة في بعض إحدى المحاضرات لخطيب منبر حُسيني متألق، الشيخ هاني البنا من دولة البحرين، فاقت «من وجهة نظري» من ناحية محتوى وعمق تحليل وتفكيك مفاهيم وحيادية موضوعية وسلاسة سردية تناول الموضوع على مجموعة حلقات من أفلام وثائقية أعدتها فرق عمل مهنيين محترفين من قناة DW الألمانية لذات الفكرة والمعظلة. وللاستدال والإنصاف وإعطاء القارئ حق التقييم بذاته، أرفق المحاضرة المقصودة للخطيب المذكور والأفلام الوثائقية المنشورة للقناة التلفزيونية العالمية المذكورة:
1 - محاضرة: التحصن عن فتن العصر
من الدقيقة 6 حتى الدقيقة 55.2 - فيلم وثائقي من قناة DW بعنوان "هل يتلاعب الإنترنت بمشاعرنا؟ إنتاج شركة Story block
الفيلم الثاني من ذات القناة التلفزيونية تحت عنوان ”لا أشعر بأي شيء / هل يتلاعب الإنترنت بمشاعرنا“. لكن لم أورده بالرابط هنا لكونه يشمل مقاطع وصوراً غير أخلاقية.
هنا تقفز لدى الإنسان المنصف والباحث عن الغذاء الفكري الموضوعي تساؤول: ما هي صفات الخطيب / المحاضر الناجح؟
من الجيد عندما نشاهد نجاح وصعود نجم خطيب أو محاضر، نعقد دراسة تمحيصية عن أسباب نجاحه بهدف استنساخ التجربة وتقديم النموذج كمثال حي يُقتدى به، ويُرفع المستوى الفكري في ذاك الوسط الاجتماعي.
للإلقاء فنون يتم تدارسها وتعلمها في أكثر من صعيد ومدرسة، ومنها مدارس فنون الإلقاء العالمية Toastmaster, حيث يتعلم المحاضر:
1 - فن الإلقاء
2 - فن توليف المحتوى وعرضه
3 - فن إدارة المحتوى وإقناع المستمعين
محرم الحرام
في موسم شهر محرم الحرام يكون عناوين:
1 - ذكرى الهجرة النبوية حيث رمزية الهجرة من الذنوب إلى طاعة الله واستنبات القيم.
2 - ذكرى استشهاد الإمام الحسين حيث التضحية الصادقة بالنفس والأهل والمال من أجل إرواء شجرة المبادئ والقيم الإسلامية ولا صلاح المجتمع وتجذير قيم العدالة ونبذ كل صنوف الانحراف بكل عناوينه. ”ما خرجت للإصلاح في أمة جدي“، الإمام الحسين.
موسم صفر الحرام
موسم ذكرى رحيل النبي محمد من هذه الدنيا وتداعيات ذلك على الأمة؛ وفيها يوظف بعض الخطباء مواقف تاريخية للنبي وشجاياه وأقواله ومآثره وتوصياته وحكمه لاتباع الهدى النبوي. بينما البعض يسلط الضوء على النياح والبكاء وبهمل السلوك والاقتداء!
موسم رمضان المبارك
موسم روحي بامتياز وهو كنز روحي ومعرفي حيث تشبع المناسبات من بداية هلال الشهر، مروراً بمنتصفه حيث ذكرى ولادة السبط الأول للنبي الأكرم ﷺ وذكرى استشهاد الإمام علي بن أبي طالب وليلة القدر وفلسفة الصوم وفلسفة العيد وفلسفة التعاطف مع الجوعى حول العالم والتثقيف الصحي.
كل تلك المواسم وغيرها «كموسم الحج» قد تتصادف مع انعقاد مواسم أخرى سواء رياضية أو ثقافية أو ترفيهية في ذات الإقليم أو حول العالم. فالحياة مليئة بجملة مواسم والكل يحصد من الشجر والثمر الذي يحب أن يأكله ويعيش فيه. كما أن هناك خطباء رائعين يستحقون الإشادة والثناء والمتابعة. هناك أطباء ومحاضرون كسالى وغير مرتبين ومنعدمي التخطيط نطالبهم ببذل الجهود لتحسين أدائهم أو الترجل من المنابر.
في فترة مواسم الإرواء لشجرة التحصيل الثقافي والمعرفي والروحي والتربوي الذاتية اقطف أكبر قدر من الثمار لزيادة جرعة المناعة لتحصين نفسي من الهجمات الشيطانية. الناس جميعهم يرسمون أهداف حياتهم، وينذرون أوقاتهم وأموالهم وجهودهم لتحقيقها بعد أن يعوا مشاعرهم، ويصقلون سلوكهم، ويجذرون قيمهم. شخصيا أنصح في هذا الموسم الاستماع لمحاضرة ثانية للمحاضر الشيخ هاني بعنوان ”إدارة المشاعر“:
وللحق، فإن تلك المحاضرة تشمل وتتخطى حصيلة قراءة مجموعة كتب وسماع بودكاست في إدارة المشاعر والتحفيز الذاتي.
من هذا المقال وعبر هذه الصحيفة الإلكترونية أشكر كل محاضر وخطيب بذل، ويبذل الجهود في التحضير والإعداد وسلاسة الإلقاء ومعالجة القوالب الفكرية عبر النقد البناء والسعي الدؤوب للتكامل وسد الجوع المعرفي والفكري والارتقاء بالتهذيب الروحي والتحصين العقائدي في محاضراته وسلوكه وأخلاقه وتعامله. والشكر ممدود لأصحاب المجالس والديوانيات والكوادر وأصحاب المضاف. ولا ننسى الإطراء لأصحاب القنوات واليوتيوب والسنابات النافعة والمفيدة والمهذبة.
ملاحظة 1: ذكر محاضر أو خطيب في المقال لا يعني الحصر، ولكن للمثال وتقريب الصورة وإبراز نسخة من نموذج وهناك بحمد الله جملة من أهل القلم والفكر والخطباء الأفاضل لا يتسع المقام لذكرهم.
ملاحظة 2: في ظل الهجمات الفكرية المختلفة من قبل أهل الإلحاد وصنوف الفسق والإغواء، وكما طالب غيارى آخرون نجدد المطالبة لأصحاب المجالس والديوانيات والمؤتمرات والحوارات باستضافة الأكفاء والأجدر من الخطباء والمحاضرين دون أي مجاملة أو محاصصة. فالغذاء الفكري للأجيال الصاعدة يأتي بنفس أهمية الطعام الصحي النظيف للبدن.