من النزاهة إلى الغدر
في زمن تتداخل فيه القيم والمصالح، تبرز العداوة الأسرية كظاهرة مؤلمة تعكس ضعف الروابط الإنسانية. إن العداوة داخل الأسرة ليست مجرد خلافات عابرة، بل هي تجسيد لفقدان النزاهة والضمير وانغماس بالغدر.
إحدى المتابعات أرسلت رسالة طالبة الحل مما جاء فيها:
أحب عائلتي والحمد لله كنا عايشين مستورين، ولسنا من ذوي الثراء وفجأة أصبح إخوتي ملياردرية في ليلة وضحاها، مما أثار حفيظة زوجي، فسألني ما مصدر كل هذا؟
فقلت شريك مع إخوتي! ويعلم الله أنه لم يجادلني أو يوحي لي بخلاف ذلك.
وفي يوم لزوارة لأهلي مجرد سؤال سألت أمي عن هذا، وقلت أتمنى ما يكون هذا المصدر حرام حتى لا ينزل علينا غضب الله.
وما مضى إلا يوماً من كلامي، إلا أن أمي وأخواتي وإخوتي عملوا عليّ مؤامرة وسخة، وشوهوا وتبلوا عليّ بكلامي ما قلته وأقسم بالله ما قلت إلا حقاً وأنا بنتهم وأمي جنتي وناري ماذا فعلت لها مجرد أفضيت لها بسؤال داخل نفسي خوفاً عليهم من أكل الحرام إن كان المصادر للأموال حرام أنا تعبت نفسيا ما هو الحل هل أعيش وأنا قاطعة لرحمي وهم اللي ما يبوني لأني قلت كلمة حق.
قرائي الأعزاء رسالة المرأة أفزعتني ودفعتني للكتابة!
تتطلب العلاقات الأسرية الالتزام بنزاهة الضمير وشرف الكلمة. إن توطيد العلاقة بالله وحسن الظن بالآخرين هي الأسس التي يجب أن نبني عليها تواصلنا. عندما نتحدث بصراحة ونعبّر عن مخاوفنا، يجب أن نجد الدعم بدلاً من التآمر.
الأهل هم عماد الحياة، والداعمون الذين يساندوننا في الأوقات الصعبة. يجب أن نكون حذرين من تحويل حبنا إلى أداة للعداوة. في قصة المرأة التي كتبت لنا، نجد أن حبها لأخوتها دفعها للتعبير عن قلقها، لكن رد الفعل جاء مؤلمًا. قال تعالى ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: آية 104].
إن الحرام مهما طال أو خفي عن الناس فهو معلوم عند الله. قد يترك الله الشخص في اختباره، إما ليعود إلى الصواب أو ليغرق في طغيانه. يجب أن نتذكر أن حياتنا ليست دائمة، وكل عمل سنحاسب عليه.
قال تعالى ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: آية 79].
تتحدث المرأة عن تجربتها المؤلمة بعد أن أصبحت عائلتها غنية بشكل مفاجئ. كان سؤالها عن مصدر الأموال دليلاً على قلقها على عائلتها، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: آية 110]
لكن رد فعلهم كان صادمًا. هنا، نجد أن الشكوك تؤدي إلى العداوة بدلاً من الحوار البناء.
عزيزتي صاحبة المشكلة: على الرغم مما خسرته بسبب قولكِ للحق فإنكِ كسبت ِ شيئا واحدا ومهما وهو نفسكِ وهذا هو الأهم.
واعلمي أن الأم مهما أبدت من فعل أنها لا ترغب بكِ فهو غير صحيح أنت جزء منها وسيعلو الحق وأنصحك ِالصبر والدعاء واعلمي أن الباطل ينتعش فترة فإذا جاء الحق زهق الباطل واختفى.
قال تعالى ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: آية 56].
1. قصة قابيل وهابيل «تاريخ»
تعكس العداوة بين الأخوين، حيث أدى الغضب والغيرة إلى أول جريمة قتل في التاريخ. تجسد القصة الأبعاد السلبية للعداوة الأسرية.
2. ألف ليلة وليلة «أدب عربي»
تحتوي الحكايات على أمثلة عن الخيانة والعداوة الأسرية، حيث تظهر كيف يمكن للمال والسلطة أن يفرقا بين الأفراد والعائلات.
3. قصة أوديب «أسطورة يونانية»
تتناول العلاقة المعقدة بين أوديب وعائلته، حيث تؤدي النبوءة إلى سلسلة من الأحداث المأساوية. تعكس القصة كيف يمكن أن تؤدي الصراعات الأسرية إلى نتائج كارثية.
تظهر هذه الأمثلة أن العداوة الأسرية ليست مجرد مشكلة عابرة، بل هي ظاهرة معقدة تتكرر عبر الزمن. يجب أن نتعلم من هذه الدروس التاريخية والأدبية لحماية علاقاتنا الأسرية من الانهيار.
المجتمع له دور كبير في تعزيز الروابط الأسرية. يجب أن نكون حذرين من ثقافة المال التي تدفع البعض للتخلي عن القيم. هل نركض وراء الأموال دون النظر إلى مصادرها؟!!!
على من يسعون وراء المزيد والمزيد من المال أن يدركوا أننا جميعًا سنموت يومًا ما ونترك كل أموالنا في هذا العالم المادي.
أيها الأهل، هل هانت عليكم ابنتكم لأجل المال؟ يجب أن نتوقف ونفكر في ما هو أهم: الروابط الأسرية أم المصالح المادية؟ لنكن حذرين في تصرفاتنا، ولنحرص على الحفاظ على الحب والاحترام داخل أسرنا.
نحصل على المال ونكتشف بأنه فعلا حل مشاكلنا المالية ولكن..
وقتها نكتشف بأن المال لا يعطينا السعادة وبأن ما كنا نركض خلفه لم يكن كاف لنا في النهاية،
الحياة فانية، وكما قال الله في كتابه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [العنكبوت: آية 57]. فلنحسن العمل ونرعى عائلاتنا بحب وصدق.