آخر تحديث: 27 / 6 / 2025م - 10:27 ص

ماذا أنجزت وماذا أعددت؟

محمد يوسف آل مال الله *

ها نحن نقترب من أيام عاشوراء الإمام الحسين ، ولم يتبقَّ إلا ساعات معدودة من شهر ذي الحجة، ونحن ننتظر شهر المحرم بفارغ الصبر والاشتياق لإحياء تلك الشعائر العظيمة، عشقًا ومحبةً وولاءً للإمام الحسين وأهل بيته .

الانتظار والتطلّع إلى تلك الأيام شيء جميل، ولكن ماذا تركنا وسنترك في صحائفنا التي قضتها تلك الأيام؟

لعلّنا عملنا من الخيرات الكثير، ولكن هل كانت بحجم ذلك العمر الذي انقضى منّا؟

هل كانت إنجازاتنا خلال العام المنصرم بقدر ما أولانا الله سبحانه وتعالى من نعمه وآلائه؟

هل شعرنا بلذة تلك النِّعَم، وعملنا بالشكر والحمد لله، كما قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم: 7]، أم تصرّمت الأيام وضاعت بين ملذات دنيا فانية وأعمال خاوية؟

علينا أن نسترجع تلك الأيام، وندوّن ما عملنا من إنجازات تجاه أنفسنا وأهلينا ومجتمعنا، ونلحظ ما لم ننجز وما لم نعمل من أعمال خيرية واجتماعية، فكل عمل له أجره وعقابه.

يجب أن تكون حياتنا مرسومة بأناملنا، ومخطوطة بأقلامنا، ومدوّنة بأفكارنا النيّرة، وأن نعمل طبقًا لما عرفنا من علوم وثقافة ودروس وعِبَر من مدرسة الإمام الحسين ، تلك المدرسة التي تفيض بالحِكَم والمواعظ والمحبة والألفة ورص الصفوف والتعاون وخدمة المؤمنين والمؤمنات.

ملحمة الطف ليست للعِبرة وسكب الدموع فقط، بل هي للعِبرة واستقاء الدروس والمواعظ، حتى نرسم بها ومن خلالها أخلاقياتنا وسلوكياتنا وتعاملاتنا على طريق الهدى والمنهج الحق، فالدين المعاملة.

واقعة كربلاء تمثّل أكبر نموذج للعلم والحياة وطريق الحق الذي لا يقبل الظلم والمهادنة والاستسلام والخنوع:

”والله لا أُعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد“،

وقد رسم الإمام الحسين رؤية كربلاء حين قال:

”لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر“.

فمن هذه الرؤية الواضحة انبثقت أهداف واقعة الطف، فقام بالعمل على تنفيذها مع أهل بيته وأصحابه ، بل أسند المهمة إلى من هو أهلٌ لتنفيذها بعد استشهاده، بمواصلة الدرب وتحقيق الأهداف مهما كلّف الأمر.

لقد كانت الرؤية والأهداف واضحة عند الإمام الحسين كوضوح الشمس في رابعة النهار، فهل هي واضحة عندنا؟

حدّد غايتك في الحياة، ودوّن رؤيتك، واكتب أهدافك قبل مماتك وفوات الأوان، فلن يبقى لك إلا ما قدّمت يداك، والعاقبة للمتقين.