العلاقة بين الأخوة والأخوات
لعلّك تتضجر من عنوان هذه المقالة وكأنك تقول.. لقد سئمنا وتعبنا، بل أكل عليه الدهر وشرب، والحقيقة أنّنا ورغم المقالات والمواضيع التي كُتبت في هذا الخصوص لم تستوعب المكانة التي عليها أفراد الأسرة والعلاقة الحميمة التي تربط بعضهم ببعض، وإلاّ لما احتجنا إلى تكرار الكتابة هنا وهناك.
نحن بحاجة إلى إيجاد تغيير جذري في السلوكيات السلبية التي عليها هذه العلاقة، فعندما تشاهد الأخوة من أب واحد وأم واحدة يتشاجرون ويتحاكمون، بل ويتقاذفون بأبشع الكلمات حينها تشعر بمدى حاجتنا لإيجاد برنامج شامل يصنع من هذه السلوكيات السلبية سلوكيات حسنة فاعلة. يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ [طه: آية 29 - 32].
هذه هي العلاقة وهذا الحب الذي يجعلهما يتعاضدان ويتشاركان في أمر واحد. هذه العلاقة التي ترسم لنا أجمل صور الأخوة والمحبة. يقول تعالى: «وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ»، وهنا تبيّن الآية استعداد الأخت بأن تغامر بحياتها في البحث من أجل العثور على أخيها وإعادته إلى أمه.
لقد أولى ديننا الحنيف هذه العلاقة اهتماماً بالغاً وبيّن أهميتها وقد ترجمها لنا النبي محمد ﷺ مع أخيه وابن عمه الإمام علي وكذلك الإمامين الحسن والحسين
، وضرب لنا أبو الفضل العباس
أروع الأمثلة في العلاقة الأخوية مع أخيه الإمام الحسين
. لذا ينبغي أن نترجم علاقاتنا الأخوية من خلال سلوكيات منعكسة من تلك العلاقات التي رسمها لنا الأنبياء والأئمة
.
أدعو الأخيار ورجال الدين والمثقفين ورجالات المجتمع ممن يمتلكون مكانة اجتماعية وأصحاب رؤى ثاقبة وخبرات واسعة في هذا المجال إلى تشكيل لجنة مركزية فاعلة على مستوى المحافظة ووضع رؤيتها ورسالتها وأهدافها والسعي على أن تكون تحت مظلة شرعية وقانونية ومن ثم العمل على ترسيمها، إن لزم الأمر، وتفعيلها بشكل كبير وعدم ترك الحبل على الغارب.
توجد في مجتمعنا علاقات أخوية مبتورة وخصومات فظيعة بحاجة إلى إصلاح وإعادة المياه إلى مجاريها، أمّا غض النظر وترك هذه الأمور بحجة عدم الفائدة وأن لا جدوى من ذلك وكأن شيئاً لم يكن، فهذا ليس من سلوكيات المؤمنين الذين قال عنهم رسول الله ﷺ؛ «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
لندع المجاملات جانباً ونعتمد الجديّة في العمل واتخاذ المواقف البنّاءة في تجفيف منابع الفرقة والعداوة والبغضاء ما بين الأخوة والأخوات ونعبّد لهم طرقاً توصلهم إلى بناء صروح من الألفة والمحبة والسعادة.