كيف تؤثر عادات نومك ويقظتك على تذكر أحلامك الليلية؟

كشفت دراسة علمية حديثة، عن مجموعة من العوامل التي قد تفسر سبب قدرة بعض الأشخاص على تذكر أحلامهم بشكل أوضح مقارنة بآخرين، مقدمة بذلك إسهامًا بحثيًا مهمًا لفهم العلاقة المعقدة بين النوم والوعي والذاكرة.
واعتمدت الدراسة في منهجيتها على متابعة دقيقة لمئتين وسبعة عشر شخصًا، تراوحت أعمارهم بين التاسعة عشرة والسبعين عامًا، حيث طُلب منهم تسجيل تفاصيل أحلامهم بشكل يومي على مدار خمسة عشر يومًا.
وتزامن ذلك مع مراقبة أنماط نومهم باستخدام أجهزة متطورة قابلة للارتداء، بالإضافة إلى إجرائهم لاختبارات نفسية متخصصة بهدف تقييم أنماط تفكيرهم وسماتهم الشخصية.
وأظهرت النتائج المستخلصة من التحليل أن الأفراد الذين يحظون بفترات نوم أطول، أو يتميز نومهم بكونه أخف، أو يحصلون على قسط وافر من مرحلة نوم حركة العين السريعة «REM»، وهي المرحلة التي تحدث فيها معظم الأحلام الزاهية، يميلون إلى تذكر أحلامهم بصورة أكثر تواترًا وتفصيلاً.
وأشارت البيانات إلى أن القدرة على تذكر الأحلام كانت أعلى بين المشاركين الأصغر سنًا، بينما لوحظ انخفاضها في فصل الشتاء، مما يوحي بوجود تأثيرات محتملة للعوامل البيئية والموسمية على هذه العملية الذهنية.
وفي هذا السياق، أوضحت الباحثة فالنتينا إلسي، المشاركة في الدراسة، أن الأشخاص الذين يميلون إلى أحلام اليقظة خلال ساعات النهار أظهروا أيضًا قدرة أفضل على تذكر أحلام الليل، مرجعة ذلك إلى وجود نشاط ذهني داخلي مشترك بين الحالتين.
وأضافت إلسي أن مجرد المحاولة اليومية والواعية لتذكر الأحلام يمكن أن تسهم، بمرور الوقت، في تحسين القدرة الفعلية على استرجاعها وتذكر تفاصيلها.
من جانبه، اعتبر الدكتور كالب لاك، وهو خبير في هذا المجال، أن هذه الدراسة تمثل تقدمًا مهمًا وملحوظًا في أبحاث الأحلام، مشيدًا بتنوع الخلفيات العمرية للمشاركين وعمق البيانات التي تم جمعها وتحليلها.
وأشار الدكتور لاك إلى أن عملية تذكر الأحلام لا تعتمد على عامل منفرد، بل هي نتاج تفاعل معقد لمزيج من العوامل البيولوجية والنفسية والبيئية المحيطة بالفرد.
وعلى الرغم من هذا التقدم العلمي، أكد الباحثون أن الغرض البيولوجي الأساسي من عملية الحلم لا يزال غير مؤكد بشكل قاطع، وإن كانت بعض النظريات العلمية السائدة ترجح دور الأحلام في معالجة التجارب العاطفية وتثبيت الذكريات المهمة.
ويأمل القائمون على الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في مجلة ”Communications Psychology“ أن تفتح هذه النتائج الجديدة آفاقًا واعدة لفهم التغيرات العصبية التي تطرأ على الدماغ من خلال تحليل محتوى الأحلام وطبيعتها، بما في ذلك إمكانية الاستفادة من ذلك في دراسة حالات مرضية معقدة مثل الخرف ومرض الزهايمر.