آخر تحديث: 6 / 5 / 2025م - 4:34 م

تاروت جزيرة الحب والجمال

ياسين آل خليل

في قلب الخليج العربي، وعلى امتداد 32 كيلومترًا مربعًا، تتلألأ جزيرة تاروت كدرّة تاريخية وطبيعية تأسر الألباب، حاملةً في تفاصيلها ملامح الحضارة، وواعدةً بمستقبل مشرق على خارطة السياحة السعودية. هذه الجزيرة، التي يسكنها أكثر من 120 ألف نسمة، تجمع بين عبق التاريخ وفرص الاستثمار المتجدد، في مشهد يليق بمكانتها المتجذرة في وجدان الأرض وذاكرة الإنسان.

سميت «تاروت» نسبة إلى ”عشتاروت“، آلهة الحب والجمال لدى البابليين والفينيقيين، وكأنها منذ الأزل مهَّدت لأن تكون عنوانًا للرقي والبهاء. تتوسط قلعة تاروت الجزيرة، شامخة كشاهد على آلاف السنين من الحضارات، لتظل محط أنظار الزوار والباحثين والمستثمرين على حد سواء.

وفي خطوة استراتيجية، أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في نوفمبر 2022 مبادرة تطوير جزيرتي دارين وتاروت، بهدف تحويل الجزيرة إلى مركز ثقافي وسياحي وعمراني متكامل، عبر إنشاء هيئة تطويرية خاصة تنهض بالبنية التحتية والفوقية، وتُبرز الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الكامنة فيها، بميزانية تُقدّر بـ 2,5 مليار ريال سعودي.

تتألق تاروت بشواطئها الهادئة وعدد من الكورنيشات الغير متواصلة، والتي أصبحت قبلة للعائلات ومحبي الهدوء، حيث تمتزج نسمات الخليج برائحة التاريخ. غير أن سكان أحياء التركية، والجامعيين، ما زالوا يترقّبون أن تمتد يد التطوير إلى جهاتهم، عبر توسعة الكورنيش اللصيق بالواجهة البحرية ”seafront“ ليصل إلى أحيائهم، ليمنحها بعدًا حضاريًا أنيقًا، ويهيّئها لتكون منصّة انطلاقة مشاريع سياحية واعدة تعكس مكانة وجمال هذه الجزيرة التاريخية وتنوّعها.

كما تتجه الجزيرة إلى تعزيز السياحة البيئية، لا سيما من خلال مشروع إقامة أكبر متنزه مانجروف في الخليج العربي. غابات المانجروف هذه، لم تعد ثروة طبيعية تحتمي بها الأسماك وتتكاثر، بل أصبحت موئلًا طبيعيًا للنحل، منتجًا أجود أنواع العسل النقي، في قصة نجاح بيئي فريدة تستحق التوسعة والدعم.

هذا التكامل بين الجمال الطبيعي، والتخطيط الاستراتيجي، والفرص الاستثمارية، يجعل من تاروت إحدى ركائز التنوع الاقتصادي ضمن رؤية المملكة 2030، ونموذجًا يُحتذى به في دمج التراث بالتنمية المستدامة، بما يعزز من مكانة المملكة كوجهة عالمية متعددة الأبعاد.

تاروت ليست محطة في الطريق، بل مقصدٌ متكامل. جزيرة تزهو بجذورها وتمضي بثقة نحو مستقبل واعد يليق بجمالها وقيمتها.