هل يمكن تدريب الأفراد والمؤسسات لكي يصبحوا مبدعين؟
إن أحد الأسئلة الأكثر إلحاحًا التي تواجه المديرين هو ما إذا كانت هناك إمكانية لتدريب الأفراد والمؤسسات لكي يصبحوا مبدعين.
وبعد دراسة أبحاث اثنين من الباحثين في هذا المجال من مجالات الإدارة، نقدم فيما يلي ملخصًا ومناقشة لبعض الأساليب الحديثة المتوافرة لدعم الإبداع الخلّاق لدى الأفراد أو المؤسسات. يعتقد إدوارد دي بونو أن الإبداع لم يعد كما كان في الماضي مسألة تجميع الأفكار المتناثرة الكثيرة والآمال والأماني القديمة، لأن الأفكار ستحدث في وقت ما بشكل أو بآخر. ولكنه يقول: إنه أصبحت هناك الآن أدوات يمكن استخدامها بصورة اختيارية وبشكل نظامي لتعليم الإبداع. ويقول في كتابه ”الإبداع الجاد“ إنه من خلال تعلم الإبداع الجاد، فإن الشخص الملتزم والنظامي يمكن أن يصبح أكثر إبداعًا من الأشخاص العاديين. وهو يشير إلى أن الإبداع لم يعد يمثل أسطورة أو سرًّا خفيًّا أو موهبة خاصة، ولكنه مهارة يمكن تعلمها وتطبيقها. وفي كتابه ”قبعات التفكير الست“ يشير دي بونو إلى أن المنطق في الإدراك والملاحظة إحدى الأدوات الرئيسية والأساليب الفنية الأساسية للتفكير العارض. ويقوم المنطق العادي على الأنظمة السلبية التي تسجل المعلومات وتتحكم بها طبقًا لقواعد منطقية معينة. ومن خلال الإدراك يوجد نظام ذاتي التنظيم حيث تتفاعل المعلومات من نظام الاستقبال لتكوين نماذج ثابتة.
ويعتقد دي بونو أيضًا أن هذه النماذج تقدم المفاهيم الإدراكية الروتينية، وبدونها تصبح الحياة مستحيلة. ويشير إلى أننا بحاجة إلى طرق تعيننا على المرور عبر هذه النماذج للوصول إلى نماذج جديدة. وقام بتصميم نظام للقبعات لتقديم طريقة سريعة لتحويل اتجاه التفكير. فالقبعات تسمح لمستخدميها بأن يفكروا ويقولوا أشياء لم يكن بإمكانهم التفكير فيها وقولها دون أن يجرح هذا التصرف كبرياءهم الذاتية. وكل من قبعات التفكير الست: أبيض وأحمر وأسود وأصفر وأخضر وأزرق، يُحدد له لون واسم، ولون كل قبعة مرتبط أيضًا بوظيفتها.
القبعة البيضاء: المعلومات والبيانات والحقائق والأرقام والأسئلة والاستماع. عندما تسأل وتطلب التفكير بالقبعة البيضاء في الاجتماع، فإنك تطلب من الحاضرين أن ينحّوا جانبًا مقترحاتهم وحججهم مع التركيز مباشرة على المعلومات. وفي هذه اللحظة، يركّز الحاضرون على المعلومات المتوافرة، وما هو لازم من معلومات إضافية وكمية الحصول عليها.
القبعة الحمراء: المشاعر والأحاسيس، وليس هناك حاجة لتقديم مبررات لذلك. وهي تشير إلى المشاعر مع تقديم الفرصة للمشاركين للتعبير عن الشعور بحرية في المناقشات. والتفكير البديهي أو الحدسي يمكن أن يكون في شكل أحكام وتقديرات مركبة على أساس سنوات من الخبرة في هذا المجال، ويمكن أن يكون لهذا التفكير الحدسي قيمة كبيرة حتى ولو لم يكن بالإمكان تبرير هذا الحدس بصورة منطقية، كما لا يُشترط دائمًا أن تكون جوانب التفكير الحدسي والبديهي والحاسة السادسة صحيحة، فقد يعتريها الخطأ في بعض الأحيان.
القبعة السوداء: التفكير المنطقي السلبي، والأسباب التي تجعل الأشياء غير مطابقة للحقائق والسياسة المتعلقة بالنظام وغيرها. وهي قبعة الحرص، ولا يرغب أي منا أن يقوم بأي أخطاء مزعجة. وهذه القبعة هي الأكثر استخدامًا، وربما أيضًا الأكثر نفعًا. وبعض الأشخاص يشعرون أنه يكفي بالنسبة لهم أن يكونوا حريصين مع التفكير السلبي للحرص والحذر، وأنك إذا قمت بمنع جميع الأخطاء، فإن كل الأمور ستسير على ما يرام. وهكذا، فمن السهل أن تقلّ الأفكار المبدعة من خلال هذه السلبية المبكرة في التفكير. إن هذه القبعة قيمة جدًا، ولكن الإكثار من استخدامها قد يؤدي إلى قتل الإبداع.
القبعة الصفراء: المزايا الإيجابية المنطقية، ولماذا كانت الظروف تدل على نجاح هذا الأمر. يتطلب التفكير بالقبعة الصفراء عادة جهدًا خاصًا واختياريًّا. والمزايا لا تكون فورية دائمًا وبصورة واضحة، إذ يتعين عليك أن تقوم بالبحث عن الأفكار المبدعة، حيث كل فكرة منها تستحق بعض الاهتمام عند التفكير بالقبعة الصفراء.
القبعة الخضراء: المقترحات المبدعة واقتراح البدائل بشكل مبكر، وهي تجعل الوقت والمكان متوافرين للتفكير الخلّاق، وحتى ولو لم تكن هناك أفكار خلاقة ناتجة، فإن القبعة الخضراء تتطلب الجهد الخلّاق.
القبعة الزرقاء: التفكير في الخطوات المنطقية، وما هي مراحل التفكير المطلوب اتخاذها والملخصات. وهي تستخدم عادة من قبل منظم الاجتماع أو رئيس الاجتماع مع السماح للمشاركين بتقديم المقترحات. والغرض من القبعة الزرقاء هو التنظيم والتحكم في عملية التفكير بحيث تصبح هذه العملية أكثر إنتاجية، وأيضًا التفكير في الأفكار المنطقية.
وطبقًا لأبحاث دي بونو، فإن أسلوب القبعات الست يتيح لنا إمكانية الخروج من الجدال لغرض الوصول إلى مناقشات أكثر إنتاجية. وباستخدام هذا الأسلوب، وبدلًا من التفكير الجدلي، فإن العملية تتحول إلى نوع من الاستكشاف التعاوني. ولهذا السبب، يُستخدم هذا الأسلوب بدرجة كبيرة في العديد من الشركات خلال الاجتماعات. ويؤكد دي بونو على أن هذا الأسلوب يفصل الذات عن الأداء، وهو يرى أن على المفكر استخدام القبعات المختلفة، وأن يشعر في نفس الوقت بالحرية؛ لأنه كمفكر لم يعد مقصورًا على وضع واحد فقط. وبهذا الأسلوب، فإن القبعات الست تلعب دورًا رئيسيًا في التفكير الخلّاق.
ولذلك أعتقد بأهمية وجود منظمات مستقلة تحتضن الموهوبين بشكل مستمر، وتطوّر وتنشر الأفكار والأساليب الخلّاقة غير التقليدية. وهذه المنظمات موجودة في عدد محدود من دول العالم. على سبيل المثال، لو أخذنا شركة Google, فهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات وشركة تكنولوجيا تركز على الإعلان عبر الإنترنت وتكنولوجيا محركات البحث والحوسبة السحابية وبرامج الكمبيوتر والحوسبة والتجارة الإلكترونية والإلكترونيات الاستهلاكية والذكاء الاصطناعي (AI).
تُعزز ثقافة الإبداع والابتكار التي تُنتج باستمرار منتجات وخدمات جديدة. وبينما يُقدَّر الإبداع والتجريب تقديرًا كبيرًا في جوجل، إلا أن القرارات لا تُتخذ عفويًّا.
تستخدم جوجل مفهوم التفكير والتصاميم كأحد الطرق الفريدة لتعليم الأفراد التفكير الإبداعي، وهي خطوة مهمة في عملية الابتكار.