آخر تحديث: 29 / 4 / 2025م - 4:50 م

عفويتي... فوضى!

بدرية حمدان

أحيانًا تأتي تصرفاتنا عفوية مع أشخاص في مواقف تمرّ بنا، ربما لا ينفع معهم أسلوب العفوية فهم وضعوا أنفسهم في قوالب لا تحتمل أي إضافة، من حيث أنهم يجدون قيمتهم في الصورة التي رسموها لأنفسهم وإن الخروج عنها يعني اهتزاز صورتهم أمام أنفسهم والآخرين، لما يرون في العفوية من فوضى في تصوراتهم، تخرجهم من حيز السيطرة والتحكم في الأمور، فهم يميلون إلى الترتيب المسبق، والظهور المثالي.

فرفضهم للعفوية مغزاه حتى لا يُساء فهمهم ولا يتعرضون إلى انتقاد، وأحيانًا يكون السبب وراء ذلك الخوف من فقدان السيطرة، والأغلب يكون غرورًا.

العفوية مرونة وتقبل التغيرات والجرأة في الارتجال، فهذه أمور تحدث تلقائية لسد العجز وإنقاذ المواقف الطارئة،

العفوية فوضى في الإحساس، أكيد لكنها مثل المطر تبلل القلوب وتوقظ الحياة من حولنا تخرجنا من القوالب الجامدة المجردة من الأحاسيس، فالإحساس العفوي بالآخرين جميلٌ جدًا وإنسانيّ، يمسح التعب ويخفف من الضغوط، بشرط أن يكون في مكانه الصحيح ومع الشخص المناسب.

ألمحت عن تعبها بسبب ضغط العمل، فما كان مني إلا أن مسحت على رأسها بيدي للمواساة، فاعتبرته تجاوزاً لا ينبغي أن يحدث، على اعتبار رئيس ومرؤوس، بينته لي عندما رمقتني بنظرة لم أفهمها في حينها، ما حدث كان خارج نطاق الكرسي، حديث ودّي ونحن جالستان، في أحد الأروقة نتجاذب أطراف الحديث. هذا ما ذكرته لي، علق ما دار بيننا في الذاكرة.

مضى كل منا في حال سبيله، من عادتي استرجاع المواقف اليومية التي تمر عليّ لتحليلها لتمرير الإيجابي منها، والوقوف عند السلبي منها لتفادي السقوط بها أو تجنبها في قابل الأيام.

هنا أدركت أن عفوية التصرف لا بد أن تكون أكثر وعيًا، وأن تكون تحت سيطرة العقل لا القلب. فالحكمة مطلوبة في هذا المورد.

التصرفات العفوية، ليست سوء تصرف أو عشوائية، وإنما هي التي نقول فيها ما نشعر به دون تردد، نفعل ذلك بما يمليه علينا إحساسنا، خارج حساب المجاملات. مع تحقيق التوازن بين التلقائية والاحترام.

لذا أنهيت الحوار مع نفسي بعد لوم طويل، وأقنعتها بأن العفوية ليست نقصًا في الحذر، وإنما هي امتلاء بالصدق، ففضلتُ أن أكون أنا كما أنا، نغمة حرة طبيعية في عالم مكتظ بالموسيقى المصطنعة الصاخبة.