آخر تحديث: 28 / 4 / 2025م - 11:43 م

السياحة السعودية: رؤية ثاقبة نحو مستقبل واعد

ياسين آل خليل

لم تكن السياحة يوما ما رافدًا اقتصاديا رئيسيا في المملكة، إلا أن رؤية السعودية 2030، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، غيرّت هذا المفهوم جذريا، فحولت القطاع من دور هامشي إلى ركيزة استراتيجية في الاقتصاد الوطني، مدفوعة بنظرة طموحة تدرك جيدًا قيمة التنوع الطبيعي والحضاري والثقافي الذي تتمتع به بلادنا.

انطلقت الرؤية من قناعة راسخة بأن المملكة لا تملك فقط ثروات طبيعية، بل تمتلك أيضا ثروات ثقافية، وتراثية، وجغرافية فريدة، تمتد من سواحل البحر الأحمر وخليج العقبة غربا، حتى كثبان الربع الخالي شرقا، مرورًا بالجبال، والواحات، والمناطق الأثرية، والمواقع الدينية، والأسواق الشعبية، والتراث اللامادي الذي يعكس أصالة وهوية السعوديين.

ومن هذا المنطلق، وجه سمو ولي العهد بإطلاق مشاريع سياحية عملاقة تغير وجه المملكة داخليا وخارجيا، مثل: مشروع البحر الأحمر، ونيوم، والعلا، والدرعية، والقدية، وأمالا، وكلها مشاريع تحمل طابعا مميزًا يجمع بين الأصالة والابتكار، ويلبي تطلعات السائح العالمي.

إن فتح أبواب المملكة للسياحة، من خلال التأشيرات السياحية الإلكترونية، وتنظيم مواسم ثقافية وترفيهية متنوعة، لم يكن هدفه الترفيه فقط، بل هو رؤية اقتصادية متكاملة تسعى لرفع مساهمة القطاع السياحي إلى 10% من الناتج المحلي، وخلق مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2030.

وقد شهدنا بالفعل نتائج ملموسة، حيث ارتفعت أعداد الزوار من مختلف دول العالم، وتحوّلت مدن مثل الرياض، وجدة، والعلا إلى وجهات سياحية نشطة تستقطب فعاليات دولية كبرى، وحضورًا إعلاميا عالميا.

إن ما تقوم به المملكة اليوم ليس مجرد تطوير للبنية التحتية السياحية، بل هو إظهار حقيقي لوجه المملكة المشرق، كما عهدها العالم منذ عقود: دولة ذات جذور ضاربة في التاريخ، ووجه ثقافي منفتح، ومجتمع مضياف، وقيم عريقة تنصهر مع روح العصر.

ويحسب لسمو الأمير محمد بن سلمان أنه لم يراهن فقط على المقومات، بل راهن على الإنسان السعودي، من خلال دعم الكوادر الوطنية، وتمكين الشباب، وتشجيع المرأة، وتعزيز الوعي بثقافة السياحة والضيافة.

بهذه الخطى المتسارعة، تسير المملكة بخطى واثقة نحو أن تكون من أهم 10 دول جاذبة للسياحة في العالم. والأهم من ذلك، أنها تعيد تقديم نفسها للعالم بما تملكه من غنى بيئي، وكنوز حضارية، وتنوّع ثقافي قلّ نظيره.

إنها ليست مجرد صناعة سياحية، بل تحول وطني عميق، يقوده قائد استثنائي، يملك من البصيرة ما يكفي ليرى المستقبل، ومن الإرادة ما يكفي ليصنعه.