آخر تحديث: 2 / 4 / 2025م - 9:59 م

ليلة العيد والقطّ الأسود

جلال عبد الناصر *

إنّها ليلة عيد الفطر المبارك. أخبروني بأنها قد تكون فرصة لأن أرمّم علاقتي بخطيبتي ذات الشعر الأسود الطويل والعيون الواسعة. خطيبتي التي عندما ألمحها في كلّ مرة يتبادر إلى ذهني أغنية راشد الماجد ”سود العيون كبار والشامة حلوة“ إلّا أنّ خطيبتي لا تملك شامة، لكنّ شفتيها تذكّرني بما قاله ذلك الشاعر العذري:

وأذوبُ في تلك الشفاهِ وخمرِها *** خمرٌ يُذيقُ الشّاربين هلاكا

أتذكر ذات مرة أنها طلبت منّي أن أصفها، فأخبرتها أنّ جسدها تنبعث منه موجات تجذبني إليها بقوة، كما لو كنتُ أتجول في وكالة سيارات وأجدني متجهًا نحو سيارة محددة جالسًا على أحد مقاعدها مغلقًا الباب وأبدأ العبث بكلّ تفاصيلها. ومع كلّ دقيقة تمرّ أزداد فتنةً وإعجابًا. واكتشفت لاحقًا بأنّ التشبيه مضحك وسخيف إلّا أنّ تعلّقي بالسيارات قادني لذلك.

وصلت إلى منزلها وقد أعددت عبارات وأسلوبًا أحاول به استمالتها. طرقت جرس الباب وإذا بي أسمع صوتًا يصدر من القفل مشيرًا لي بأنّ الدخول صار مسموحًا. وما إن هممتُ بالدخول حتى تذكرت باقة الورد في السيارة. فرجعت لآخذها وحين عودتي للمنزل وجدت قطًا أسود يجلس على عتبة الباب. تقدّمت خطوة إلّا أنّ ذلك القطّ لم يتحرك من مكانه، حاولت إبعاده فأدار رأسه وكأنه يقول ”إذا فيك خير أدخل للبيت“.

فتقدمت مرة أخرى إلّا أنه أخذ وضعية الهجوم. وفجأة سمعت رنين الجوال فعرفت أنها خطيبتي. ولما بدأت في الرد على المكالمة، تحرك القطّ بشكل مفاجئ فشعرت بأنه سوف يقفز فوق رأسي، فرميت الجوال على الأرض لتتهشم شاشته. ثم أخذته ووضعته في جيبي والشعور بالحسرة يحرقني.

ولما أمسكتُ بقبضة الباب استعدادًا للدخول، شاهدت ذلك القطّ يهرول من بعيد ويتجه صوبي فحاولت الهروب بسرعة نحو الداخل فتعثرت رجلي وسقطت بقوة وراحت ركبتي ترتطم بالأرض لتهشّم الباقة. حينها رفعت رأسي وجدت والدة خطيبتي ”البغيضة“ فوق رأسي تمرّ من جانبي وكأنّ لا شيء أمامها. صعدتْ سيارتها ال Lexus وتركتني مرميًا في ساحة منزلها.

وبينما كنت ملقًى على الأرض أجمع شتاتي، عبق المكان برائحة الحناء. وما إن حاولت أن أستدير للوراء حتى وجدت ذراع خطيبتي المنقوش بالحناء يلتف حول عنقي لتغطيني بشعرها الأسود الذي تفوح منه رائحة البخور، لكنّها فرحة لم تتم؛ فبمجرّد شعوري بدفئها، لمحت ذلك القطّ الأسود يقف على السور يرمقني بنظرات حقد.

ثم نظرت إلى خطيبتي التي انفجرت ضحكًا ثم عانقتني وهي تقول ”وحشتني“، وراحت تطبع قبلاتها على وجهي كأنها تقول: ”لنبدأ من جديد“.

اختصاصي نفسي في مجمع إرادة للصحة النفسية بالدمام