آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 7:17 ص

زيارة

عبد الرزاق الكوي

مجرد التفكير في التعني لزيارة الأئمة في العراق يعيش الموالي لحظات من السعادة، ويأخذه الحنين والشوق نحو المراقد الشريفة، ولكن أحيانًا تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، وتقف الظروف عثرة في إتمام هذا الشوق الذي لا يطفأ إلا أن تكون في ضيافتهم .

إن مجرد التفكير في الزيارة يدخل السعادة على القلب وأن تحول الظروف دون الزيارة إنها حسرة ما بعدها حسرة، عظيم السعادة أن تكون في هذا الشهر الفضيل في ضيافة أكرم الأكرمين، وفي بقاع من أطهر البقاع، جنة الدنيا ومهبط الملائكة وقلب النبي النابض ﷺ يسكن تلك الديار، وأنت تنوي الزيارة ينتابك شعور من الفرح والسرور يذهب خيالك بعيدًا فيما سوف تقضيه وأنت تتنقل بين تلك الأماكن المقدسة، وما تقوم به من الأعمال المستحبة والدعاء لك، وإلى والديك، ومن يعز عليك ومن سألك الدعاء والزيارة.

ويصادف في هذا الشهر مناسبات عظيمة لأهل البيت من ولادة المجتبى الحسن بن علي واستشهاد أمير المؤمنين ومناسبات أخرى، وتختتم هذه الأيام العظيمة بليالي القدر، وبين كل ذلك زيارة أبي الأحرار وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين ، هذه الزيارة العزيزة على قلب كل موالي بمصابه الذي أبكى السماوات والأراضين، ولا زالت الدموع تنهمر عند ذكر مصيبته المفجعة على قلب الرسول وآله وعلى الموالين، بكاه الرسول صلى عليه وآله قبل استشهاده، وتبكيه القلوب قبل الأعين بعد شهادته، الملايين تعيش الشوق والحنين للزيارة المباركة تشد الرحال مهما كلف الأمر من جهد وتضحيات تصل إلى تقديم الأنفس في سبيل الوصول إلى كربلاء المقدسة، مع كل ذلك تتزايد أعداد الزوار عاما بعد عام، تبهر العالم بهذا الولاء الذي لا مثيل له، كلهم يتمنون القبول، ورضا الله تعالى في زيارة شهيد الحق، وأقوال الأئمة في فضل الزيارة لا تعد ولا تحصى، بل إن ترك هذه الزيارة مع المقدرة وعدم وجود سبب جوهري تعتبر من العقوق وحاش لله ذلك على الموالين، الذين قدموا أرواحهم، وعذبوا ونكل بهم من أجل إتمام زيارتهم والوصول إلى معشوقهم.

هذه الزيارة المباركة هي اقتداء بالرسول ﷺ حيث زار عمه الحمزة رضوان الله عليه والشهداء، كذلك فعلت سيدة نساء العالمين لم تنقطع عن زيارة قبر النبي ﷺ، وكذلك فعل أمير المؤمنين علي والأئمة من بعده .

علاقة وطيدة لا تتغير ثابتة لا تتزعزع قوية لا تتبدل منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، وهذه الأماكن شامخة معززة مكرمة تعانق السماء نورا وإجلالًا. جاءت الآية الكريمة لتؤكد هذه المكانة حيث قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى: آية 23]، فالارتباط بهذه الكوكبة وزيارتهم فيها سعادة الدارين، ومن دلالات كمال الإيمان ورضا الرحمن وإدخال السرور على قلب النبي ﷺ وسيدة نساء العالمين عليها أجل وأزكى السلام، زيارة تجديد العهد والثبات على الحق وسلوك الصراط المستقيم.

الشكر الجزيل لأهل العراق الشرفاء الذين حافظوا على هذه الأماكن المقدسة، وما يبذلونه من عطاء قل مثيله في خدمة زوار الأئمة كتبوا أعمالهم بأعمدة من النور أبهروا العالم يستقبلون الزوار برحابة صدر وتفان وكرم ضيافة تشربوا من خلق أئمتهم، فكانوا خير مثال. رزقنا الله تعالى وكل الموالين بالتشرف والتطهر بزيارة الأماكن المقدسة في القريب العاجل، ولا حرمنا من شفاعتهم.