آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 7:17 ص

الاستثمار في الرياضة: خلق اقتصاد جديد وثقافة رياضية سعودية تحت مظلة رؤية 2030

عماد آل عبيدان

في قلب رؤية 2030، تقف الرياضة كركيزة أساسية لإعادة تشكيل المستقبل، وتحقيق رؤية وطنية تُعيد تفسير مفهوم الرياضة من كونها مجرد نشاط بدني، إلى ميدان اقتصادي، ثقافي، وسياحي لا حدود له. إنها الرياضة التي تمتزج فيها الهوية المحلية مع التقدم العالمي، لتولد فرصًا استثمارية غير تقليدية، وتفتح أبوابًا لمشروعات رياضية غير مسبوقة، تنطلق من الرمال، والماء، إلى أعماق التراث.

الرياضة ليست اليوم مجرد منافسة على الملاعب أو فعاليات جماهيرية، بل نمط حياة يتغلغل في السلوك الاجتماعي، ويعكس ثقافة الأمم. لذلك، فإن الاستثمار في الرياضة بات أكثر من ضرورة، بل هو أحد أعمدة الاقتصاد الجديد في المملكة، بما يتوافق مع رؤية السعودية 2030، حيث يُعتبر قطاع الرياضة أحد أسرع القطاعات نموًا، وقادرًا على أن يصبح مصدرًا رئيسيًا للفرص الاستثمارية والنمو الاقتصادي في السنوات القادمة.

البر والبحر والمخيمات: تنمية جغرافية الريادة الرياضية

1. الصحاري: مساحة للرياضة التراثية والعصرية

الصحارى في المملكة ليست مجرد مساحات جغرافية جرداء، بل هي ميدان رياضي فسيح يحوي في طياته فرصًا استثمارية رياضية تنبض بالحياة والتراث. تصور أن تُنظم راليات برية دولية، تتضمن سباقات جري على الرمال، سباقات سيارات الدفع الرباعي، وسباقات الهجن، حيث يتنافس الرياضيون بجانب الفعاليات الثقافية التراثية، مثل العروض الفروسية، وسباقات القنص والرماية.

أفكار مبتكرة:

• بطولة القبائل الرياضية، حيث يتنافس الأفراد والفرق الرياضية من جميع المناطق في ألعاب متجددة تجمع بين المهارات البدائية والرياضات الحديثة.

• جولات لياقة بدنية تراثية على الرمال، تتضمن مسارات مختلفة تضم تحديات رياضية وقصصًا ثقافية حول التراث السعودي، مما يجعل كل خطوة مغامرة ثقافية.

2. البحر: ساحة رياضية سياحية لا مثيل لها

البحر الأحمر والخليج العربي يمثلان كنزًا غير مستغل بالكامل في مجال الرياضة، حيث يمكن تحويل المياه إلى ساحات رياضية متنقلة. من سباقات الغوص الحر والرياضات المائية مثل الكايت سيرف، إلى ماراثونات السباحة التي تمتد من الجزر إلى الشواطئ، يمكن لهذه الفعاليات أن تحول البحر إلى ميدان رياضي عالمي.

فكرة مبتكرة:

إطلاق رالي البحر الأحمر الرياضي الذي يجمع بين القوارب التقليدية والمراكب الحديثة، يتنقل المتسابقون بين الجزر السياحية في سباق يتناغم مع الثقافة المحلية، وينتهي بإقامة مهرجان رياضي في كل جزيرة يعكس التنوع الثقافي والتراثي للمنطقة.

3. المخيمات: من استراحة إلى مصنع للمواهب

المخيمات التي تستضيف الزوار، ليست فقط من أجل التخييم والاستجمام، بل هي مساحات رياضية وتراثية يمكن تطويرها لتصبح مراكز رياضية متكاملة، تجمع بين الرياضات التقليدية والأنشطة البدنية الحديثة، مثل مراكز تدريب على رياضات المغامرات، التسلق، الركض في الصحراء، والتجهيز البدني.

فكرة مبتكرة:

إنشاء قرى رياضية متكاملة، يتم تطويرها من المخيمات، لتصبح مراكز لتدريب الألعاب التراثية مثل سباقات الجمال، الرماية، والركض على الرمال، بجانب الأنشطة الحديثة مثل اليوغا الصحراوية والرياضات القتالية.

الشراكات بين القطاعين العام والخاص: تكامل من أجل مستقبل رياضي

1. شراكة مع القطاع الخاص

القطاع الخاص في المملكة يمتلك الفرصة لإطلاق مشاريع رياضية مبتكرة. الشركات السياحية يمكن أن تدير برامج سياحية رياضية تجمع بين رحلات المغامرات والأنشطة البدنية. المطورون العقاريون يمكنهم بناء قرى رياضية تضم شاليهات رياضية، مضامير سباق، ومسارات دراجات مرفقة بأنشطة ثقافية تراثية. الشركات الغذائية تستطيع تطوير أطعمة رياضية مستوحاة من المطبخ السعودي مثل مشروبات الطاقة بنكهة التمر والبروتينات المستخلصة من الزعتر.

2. القطاع التقني:

تطبيقات رياضية سعودية يمكن أن تقود هذه الحركة نحو المستقبل، مثل التطبيقات التي تدمج التاريخ الرياضي السعودي، المسارات الرياضية الطبيعية، وتوجه الرياضيين على تطبيقات تراثية تفاعلية، لتحويل الرياضة إلى تجربة ممتعة، تلتصق بذاكرة المواطن والمستثمر معًا.

العادات والتقاليد: إعادة إحياء الهوية الرياضية من خلال الرياضة

إن تحويل الرياضة إلى اقتصاد نابض بالحياة لا يعني فقط إضافة أنشطة رياضية جديدة، بل هو إحياء للهوية المحلية. يمكن توظيف الرياضات التراثية مثل العروض الشعبية، الرماية التقليدية، سباقات الجمال، وألعاب القوى في الصحاري لخلق هوية رياضية جديدة تُحتفى بها في الأحداث والمهرجانات الرياضية.

فكرة مبتكرة:

إطلاق مسابقات رياضية ثقافية، حيث يتم دمج التراث الشعبي السعودي مع الرياضة الحديثة، وتصبح هذه المسابقات مهرجانات رياضية ثقافية تساهم في تعريف العالم بالهوية الثقافية الرياضية السعودية.

نظرة عالمية: استلهام الأفكار من النجاحات الدولية

على مستوى العالم، مدينة برشلونة الإسبانية تقدم مثالًا رائعًا في دمج الرياضة مع الثقافة، حيث يستضيف الملعب الأولمبي في برشلونة فعاليات رياضية ضخمة، بالإضافة إلى برامج ثقافية ترويجية تعكس روح المدينة. أما في دبي، فقد نجحت في تحويل الصحراء إلى ملعب رياضي عالمي، من خلال تنظيم بطولات رياضية مثل رالي دبي، وكذلك في سنغافورة، حيث تتم استضافة بطولات رياضية دولية في بيئة تجمع بين الرياضة والتراث الثقافي.

المملكة العربية السعودية يمكنها أن تكرر هذه التجارب الناجحة، ولكن بنكهتها الخاصة التي تجمع بين التراث الرياضي المحلي والحديث.