مراتب الصيام بين الظاهر والباطن
قال تعالى:
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ [البقرة: 183]
رُوِيَ عَنْ الإمام عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أنهُ قَالَ: صَومُ القَلبِ خَيرٌ مِن صِيامِ اللِّسانِ، وصيامُ اللِّسانِ خَيرٌ مِن صيامِ البَطنِ. [1]
الصيام مستويات فهناك مستوى روحي ومستوى الأخلاقي، وأرقى مراتب الصوم هي مرتبة تتجاوز الامتناع عن الطعام والشراب. ومن خلال هذا الحديث يمكن استخراج العديد من الرؤى والبصائر.
الصيام لا يقتصر على الامتناع عن الأكل والشرب، بل يمتد إلى ضبط الجوارح والمشاعر.
أعلى مراتب الصيام هو ”صوم القلب“، أي تطهير القلب من الآثام، وسوء الظن، والحقد، والشهوات المحرمة.
”صيام اللسان“ يعني تجنب الغيبة والنميمة والكلام البذيء والكذب، وهو مقدمة لصيام القلب.
يدل على أن الصيام الحقيقي يشمل تهذيب الأخلاق، وليس فقط الامتناع عن المفطرات الحسية.
الصيام الجسدي «البطن» هو الحد الأدنى، لكنه لا يحقق الغاية الكبرى إن لم يصاحبه تطهير القلب واللسان.
السلوك القلبي والفكري أعمق تأثيرًا من الممارسات الظاهرية.
الصيام هدفه الأساسي تحقيق التقوى «كما في قوله تعالى: ”لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ“ - البقرة: 183».
التقوى لا تتحقق بمجرد الجوع والعطش، بل بتصفية القلب من كل ما يبعد الإنسان عن الله.
الحديث يوجه إلى أن الصيام ليس مجرد عبادة موسمية، بل أسلوب حياة مستمر في تهذيب النفس.
يمكن تطبيق هذه الفكرة في حياتنا اليومية بتجنب الشر، وتنقية النوايا، والتصرف بحكمة وأخلاق.
الخلاصة: الصيام الحقيقي ليس فقط الامتناع عن الطعام، بل هو تطهير القلب من الرذائل، وحفظ اللسان من الأذى، مما يجعل الإنسان أقرب إلى الله وأصفى روحًا.