{خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}
أغلبنا يسعى للتغير للأفضل وفرصتنا الآن في هذه الأشهر الفضيلة، فنحن نرى المنافسة في القيام بأنواع مختلفة من العبادات من صلاة وصوم وحضور المجالس الدينية، واقعا كلنا نحتاج بأن نتوجه لله تعالى وبأن نتقرب بأداء تلك العبادات ولكن فلنقف لحظة، ولنسأل أنفسنا هل نحن نؤدي تلك العبادات على الوجه الصحيح؟ أو سؤال آخر هل ستكون مقبولة من رب العالمين؟
بإذن الله سيقبلها الله عز وجل إذا توجهنا له بالنية الخالصة، ولكن أين نحن من أنفسنا!!! هل اهتممنا بأنفسنا حقا؟ وهل عرفناها حق المعرفة!
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: آية 7-10].
النفس الإنسانية قابلة للتزكية والتطهير كما أنها قابلة لأن تلوث، فتزكية النفس أو تلويثها وتقذيرها من اختيار الإنسان نفسه وبكامل إرادته، فنسيان النفس وعدم التوجه إليها ممكن أن توصل الإنسان لحد الحيوانية، فلا يفكر إلا بطعامه أو بتأمين أموره المادية فقط حيث سيضعف الإنسان، ولن يصل إلى الدرجة العالية وللتكامل الإنساني، فعن طريق المعرفة سيتمكن الإنسان أن يكتشف جوهره، وسيصل بعد ذلك إلى الكمال الواقعي وبالتالي للسعادة الحقيقية.
فلنهتم بذواتنا، ولنتقرب إلى الله عز وجل بمعرفة النفس ولنقم بترويضها وأن نهذبها حتى نتمكن من أن نرتقي ونسمو بها إلى الدرجات العالية، حينها سنعبد الله حقا كما يريد وليس كما نحن نريد، ولنتحرر من تلك القيود التي تمنعنا من الصعود، فنحن نهمل أنفسنا غالبا، ولا نهتم بها حيث أننا نهتم بغذائنا المادي غالبا، ولا نهتم بتغذية أرواحنا.
يقول أمير المؤمنين علي : ”نال الفوز من ظفر بمعرفة النفس“.
السعي بهدف الصعود على سلم القرب من الله ببناء الذات الذي يكون بالمعرفة الواعية التي يصل لها الإنسان من خلال طريق معنوي شاق ورياضات مضنية بعد المرور بمراحل عديدة في تهذيب النفس، حتى يشاهد بعد ذلك حقيقة ذاته دون حجاب وهنا يكون بداية الطريق للسمو والعلو لدرجات التكامل الفعلي حيث يصل في هذه المرحلة إلى معرفة مقام التوحيد، وهناك ثلاث قوى تتحكم بالنفس الإنسانية، فإن روضناها سنتمكن من الفوز بإذن الله وهي قوة الغضب والشهوة والوهم.