آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 12:28 م

الصبر على البلاء

حسين الدخيل *

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ صدق الله العلي العظيم [البقرة: آية 155-157].

يواجه الإنسان في حياته العديد من التحديات والمصاعب التي قد تكون محنة أو بلاء يصعب تحمله. ومع ذلك، يظل الصبر هو السبيل الأفضل للتعامل مع هذه المواقف الصعبة. فالصبر ليس مجرد تحمل الألم أو الإحباط، بل هو قوة داخلية تمكّن الإنسان من الاستمرار في مسيرته رغم الصعاب.

الصبر على البلاء هو القدرة على مواجهة الصعاب والمحن التي يمر بها الإنسان في حياته، دون أن يفقد الأمل أو ينهار. إنه تحمل الشدائد والألم والابتلاءات التي قد تواجه الإنسان، سواء كانت على مستوى الصحة والأمراض، أو المال، أو العلاقات، أو حتى في مواجهة فقد الأحبة، الصبر يعني الثبات على المبدأ، والتمسك بالأمل في الله، والتصالح مع النفس، رغم معاناة الظروف.

الصبر لا يعني الاستسلام للظروف، بل هو القدرة على التأقلم مع البلاء والبحث عن سُبل للتعامل معه بحكمة وعقلانية. والصبر في الإسلام يعد من الفضائل العظيمة التي يمتدحها الله ورسوله، حيث جاء في القرآن الكريم: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر: آية 10].

في بعض الأحيان، يبتلي الله سبحانه وتعالى عباده لاختبار صبرهم وإيمانهم. قد يكون البلاء اختبارًا لزيادة الأجر ورفع الدرجات.

وقد يكون البلاء نتيجة لخيارات غير صائبة أو أخطاء ارتكبها الشخص في حياته. لكن في هذه الحالة، يكون الصبر هو الطريق إلى التوبة والتغيير.

وتأتي لنا ابتلاءات يومية، مثل فقدان العمل، الخلافات الأسرية، التحديات المالية أو الصحية، وهي أمور شائعة تتطلب الصبر والتوكل على الله.

والصبر له أثر إيجابي كبير على الشخص وعلى المجتمع:

الصبر يعزز من القوة الداخلية للإنسان، إذ يساعده في التغلب على الصعاب والتمسك بالأمل في المستقبل. من خلال الصبر، يتعلم الإنسان كيفية التحكم في مشاعره، وتطوير صفة الحكمة في اتخاذ القرارات.

عندما يصبر الشخص على البلاء، فإنه يحقق نوعًا من السلام الداخلي، حيث يتقبل المواقف كما هي دون أن ينهار أو يستسلم للقلق.

الصبر على البلاء يساهم في تعزيز الإيمان بالله والتقوى، إذ يتعلم الإنسان من خلاله التوكل على الله، والثقة في حكمته في كل ما يصيبه.

في المجتمعات التي تحترم وتقدر قيمة الصبر، يمكن أن يكون لهذا العنصر دور في تعزيز روح التعاون والتضامن بين الأفراد. فعندما يصبر الفرد على محنته، يصبح أكثر قدرة على مساعدة الآخرين وتقديم الدعم في وقت الحاجة.

رغم أن الصبر هو فطرة داخلية، إلا أن هناك بعض السبل التي يمكن أن تساعد الإنسان على تحمله في مواجهة البلاء.

الصبر على البلاء هو من أسمى الفضائل التي يجب أن يتحلى بها الإنسان في حياته. في مواجهة المحن والتحديات، الصبر هو السبيل إلى النجاة والراحة النفسية، وهو الطريق نحو تقوية الإيمان بالله وتطوير القوة الداخلية. على الرغم من صعوبة الصبر في بعض الأحيان، إلا أنه يقود الإنسان في النهاية إلى الراحة والطمأنينة. ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح: آية 6]، هذه هي الحقيقة التي تظل ثابتة: بعد كل محنة، هناك فَرَج، وكل بلاء يحمل معه دروسًا وعبرًا تقوي الإنسان، وتجعله أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة وصبر.

وكل شخص منا رأى أشخاصا تحلوا بالصبر، رغم قساوة الحياة عليهم من الفقر والظروف الصعبة التي عاشوها وبعضهم عاشوا مرارة فقد الأحبة، وفقد أقرب وأعز الناس عليهم، فصبروا وفوضوا أمرهم لله سبحانه وتعالى، وبالنسبة لي خلال هذا الشهر رأيت آباء فقدوا أكثر من ولد لهم، وواجهوا ذلك بالصبر والثبات وتفويض أمرهم لله سبحانه وتعالى..

وكتبت مقال عن فقد الأحبة وذكرت الشاب المرحوم فاضل حسين آل حيان الذي توفي يوم الخميس الموافق 7 شعبان 1446 هجري.

وقبل سنوات تحديدا بتاريخ 1 جمادى الأول 1431 هجري، نفس يوم الخميس كان معانا ليلا بضحكته ومزحه وفي الصباح أختاره الله بحادث شنيع، يا سبحان الله مثل أخيه فاضل كانوا ليلا معانا في منزلهم عادتهم الأسبوعية ويوم الخميس اختارهم الله.

ووالدهم أبو علي آل حيان كان صبورا على فقدهم محتسبا مفوضا أمره لله تعالى.

وهناك شخص آخر تحمل من الصبر الشيء الكثير بفقد ثلاثة من الأولاد وزوجته، وكان كالجبل صابرا مسلما محتسبا أمره لله سبحانه وتعالى، وهو نموذج من الصبر والإيمان، وإذا ذهبت لزيارته في منزله يشكر الله على كل حال.

الحاج حسن أحمد آل مدن «أبو عبد الخالق» الله يشافيه ويعافيه.

فقد ابنه الأكبر عبد الخالق «أبو حسين» بتاريخ 9 رمضان 1441 هجري.

وابنه عبدالله «أبو أحمد» بتاريخ 1 ربيع الأول 1445 هجري

وزوجته أم عبد الخالق بتاريخ 30 ربيع الثاني 1446 هجري.

وأخيرا فقد أبنه صالح «أبو رضا» بتاريخ 25 رجب 1446 هجري.

فقابل كل ذلك بالصبر وتسليم الأمر لله سبحانه وتعالى، ويقول نتعلم من صبر أهل البيت وهم السلوة لنا في مصائبنا.

فهنيئا لهم هذا الصبر والتوفيق والإيمان والتوكل على الله...

ورحم الله موتانا وموتى المؤمنين والمؤمنات يا رب العالمين.