قصة من الواقع
قبل حوالي 30 عاماً حضر إلى البلاد خبير أمريكي للتعاون معنا في شؤون شركة النظافة التابعة لنا، سكن ذلك الخبير في أحد فنادق الأربعة نجوم، وكان مما حصل معه وأثناء تسليم المفتاح للاستقبال، أن شكر الموظف، إلا أن الموظف الآسيوي لم يرد عليه وعلى كلماته له، كان مستاء من ذلك التصرف، فهو اعتاد شكر الآخرين، ويتوقع منهم رداً إيجابيا على كلماته أيضا.
عادة الشكر للآخرين عند الغربيين متأصلة وعفوية بشكل كامل، وهي جزء من ثقافتهم، وللأسف بالنسبة لنا هي في أحسن الأحوال ضعيفة، بالرغم من أن ديننا الإسلامي يحث عليها كثيرا.
قال تعالى ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: آية 7]، وجاء في الحديث بالشكر تدوم النعم، من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
فلماذا نحن بعيدين عن هذا السلوك، وبخلاء في نطق مثل هذه الكلمات القصيرة والبسيطة والسهلة، فكلمة شكرا لك، هي مفتاح قوي لأكبر المعضلات، ومدخل للعديد من النجاحات في الحياة، يشير العديد من مسؤولي التوظيف إلا أن كلمات الشكر التي ختم بها المتقدم لقاءه من أجل الوظيفة، كانت السبب في اختيار ذلك الموظف دون غيره، وتعرف السيدة كرستيانا كوكمان من مدينة مانهاتن كل شيء عن القوة الخفية لتدوين كلمتي «شكرا لكم» وتقول إن بعض المديرين التنفيذيين يرسلون ما يقارب 200 رسالة «شكرا لكم» مكتوبة بأيديهم كل عام «جاء ذلك في كتاب الأستاذ عبدالله العوامي «للسعادة حكايات وللنجاح تجارب»
من هنا ندرك أهمية هذه الكلمات ودورها في مختلف جوانب الحياة، حتى في مجال المال والأعمال.
في هذا الإطار ينقل لي الشاب علي، وهو أحد الشباب الأذكياء أن كلمات الشكر التي بادر بإطلاقها، كانت مفتاحاً حاسماً في مجال العلاقة الوظيفية في الشركة التي كان يعمل بها، ويضيف أنه انضم إلى إحدى الشركات، واتضح له أن جنسية من الجنسيات مسيطرة على الوضع هناك، وأنه من الصعب أن يقدم لك أحدهم المساعدة أو النصح، إن لم تكن من أبناء جلدته، إلا أن ذلك لم يكن عائقا أمامه، فطلب من أحد الموظفين مساعدة في جانب من جوانب العمل، واستطاع الحصول على تلك المساعدة، وفي الاجتماع الأسبوعي التالي، كان أول تعليق له وقبل أن يتحدث، هو الإشارة إلى ذلك الموظف وشكره على الملأ، وعلق على ما قدمه من خدمة له، وتكررت القصة مرة ثانية، واستفسر منه مرة أخرى في قضية ثانية، واستجاب له، وشكره مرة أخرى في الاجتماع التالي، وفي المرة الثالثة، كان ذلك الموظف هو من بادر إلى عرض خدماته، مستفسرا إن كانت هناك من خدمة يمكن أن يقدمها، هل لاحظتم النتيجة التي وصل إليها،، وكل ذلك بسبب كلمات الشكر، دعونا لا نبخل على كل من نتعامل معه بكلمات الشكر، فهي كلمات خفيفة على اللسان إلا أنها ثقيلة في تأثيرها ودورها ونتائجها.
ختاما أشكر الابن الشاب علي، على نقله هذه القصة المعبرة لي، وأعلم أنه شاب لماح وذكي، ولديه العديد من القصص والأمثلة المشابهة، التي توضح مبادراته وأنشطته الجميلة والمفيدة، لعل الوقت يتيح لنا نقل بعضها مستقبلا.