آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 7:17 ص

رحيل بصمت.. ووجع لا يهدأ

رضي منصور العسيف *

المؤمن الشاب محمد ميرزا آل قاسم رحمه الله

لم يكن أحد يتوقع أن يرحل بهذه السرعة، أن يخطفه الموت من بيننا دون إنذار، كما لو كان نسمة مرت بهدوء ثم تلاشت في الأفق. محمد آل قاسم أبو جواد، ذلك الشاب المؤمن، الخلوق، صاحب القلب النقي، والصوت الذي لم نسمعه يومًا يعلو إلا بالخير، رحل بصمت، لكنه ترك خلفه صدى من الحزن والفراغ لا يمتلئ.

عرفته منذ كان فتى في الخامسة عشرة، يخطو خطواته الأولى في طريق الإيمان، يلتحق باللجان الدينية، ويعيش في أجوائها كأنها جزء لا يتجزأ من روحه. لم يكن يهوى الأضواء، لكنه كان وراء الكاميرا، يوثق المحاضرات الدينية بعين صادقة، كأنه يحفظ كل كلمة بعدسته قبل أن تحفظها ذاكرة الناس. صور سماحة الشيخ حسن الصفار، ثم في السنوات الأخيرة، كانت عينه خلف عدسة تصور الشيخ فيصل العوامي، وكأنه وجد رسالته في نشر هذا الفكر النير، في أن يكون جسرًا يوصل النور إلى قلوب الآخرين.

كان هادئًا، صامتًا، لم يسمع منه أحد صخبًا أو ضجيجًا، كان الحضور الذي يبعث الطمأنينة، والصوت الذي لا يرتفع إلا بذكر الله. وعندما جاء خبر وفاته، كان كالصاعقة، موجعًا حد العجز، مؤلمًا حد الدموع التي لا تتوقف. قال لي أحدهم بحسرة: لم نرَ منه إلا الخير، ولم نسمع منه إلا الصدق والهدوء. وكيف لا يكون كذلك؟ وهو ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، من أولئك الذين كانت حياتهم نورًا فكان رحيلهم سلامًا.

يوم تشييعه، بدا المشهد مهيبًا، كأننا نزف عالمًا إلى مثواه الأخير. كان موكب الوداع صامتًا كهدوئه، مؤلمًا كفقده، لكنه أيضًا مطمئنا، لأننا نعلم أنه الآن في رحمة الله، حيث لا ألم ولا فراق.

رحل أبو جواد، لكنه لم يغب، بقيت صورته في ذاكرة كل من عرفه، بقيت أعماله تنطق بحضوره، بقي الخير الذي زرعه شاهدًا على حياته.

رحل بصمت، لكنه ترك صدى وجعه في قلوب محبيه.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف